X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
08/05/2020 - 04:09:34 pm
شمولية الأنظمة في مواجهة جائحة كوفيد 19 (1)

شمولية الأنظمة في مواجهة جائحة كوفيد 19 (1)
مقال مكتوب بالحبر السري

ليس غريباً أن يخرج ملك أو رئيس وزراء ليمتدح نفسه على فعلٍ ما، أو رسم سياسة لبلد يحكمها، فهذا طبع الأنظمة الملكية الشمولية التي تعتمد على نرجسيتها، وليس على أسس التقييم المعتمدة في الأنظمة السياسية المتطورة في تقييم الأوضاع، خصوصاً في الملمات والأزمات.

أركان النظام في الأردن مثلاً دأبوا على كيل المديح للحكومة ولخلية الأزمة اللتان تديران مشهد "كوفيد 19" مما حولها إلى أزمة للحكومة والخلية. فالحكومة اعتمدت أسلوب البتر في التعامل مع ما توصف بالجائحة من خلال قانون الدفاع، حتى وصل الأمر إلى اصدار قانون دفاع بلبس "الكمامة"، ولعلها -الحكومة- تصدر قانون دفاع قريباً يفرض نوعية وشكل الملابس الداخلية للمواطن، أو بتبديل "ليلة الخميس" المشهورة أردنياً إلى ليلة ثلاثاء مثلاً، كحالة من التجلي والاستمتاع بالنرجسية وسن القوانين التي جف حبرها في ورق قديم مركون على أرفف المشرعين في زمن حداثة السياسة وتطور أساليب الحكم في العالم.

حالة التجلي هذه لدى النظام الأردني كانت مصحوبة بموجة عالية من التصفيق "التسحيج" من قبل المواطنين بادئ الأمر، وذلك خوفاً من الموت المحقق الذي تخيلته الغالبية العظمى من الموالين لهذه السياسات. رافق حالة "التسحيج" هذه غزل غير عادي بوزير الصحة وبعض المسؤولين، ناهيك عن المدح التلقائي للملك من قبل مواطنيه الذين لم يعوا حجم المشكلة ولم يقروا بنرجسية النظام في التعامل مع الأزمات مما جعلهم ينقلبوا لاحقاً ويصبحوا خائبين.

ثم، حالة الكذب المفتعلة التي صدقها المواطن والمسؤول على حد سواء جعلتهم يظنون أن الأردن تفرد عالمياً وتربع على قمة الدول التي جابهت الوباء واستطاعت كبح جماحه في وقت قصير وبفاعلية فاقت دولاً متطورة في نظامها السياسي كالولايات المتحدة الأميركية أو متطورة اقتصادياً وتكنولوجياً كالصين.

حينما يصاب عضو في الجسد ويقرر الأطباء البدائيون أو المتمرنون البتر لذلك العضو، في الغالب يظنون أنهم قادرون على وقف المرض، والحقيقة أن سريان المرض قد لا تحدده عضوية في الجسد بقدر ما تحدده جينات متناثرة في كل عضو، أو ربما أسباب أخر مازالت في بقية الأعضاء، لذلك، يلجأ الأطباء المخضرمون إلى العلاج قبل البتر آخذين بعين الاعتبار حجم المخاطرة بحياة المريض، لكنهم يسعون إلى هدف أكثر وضوحاً وهو طرد المرض من كافة أعضاء الجسد وليس بتر عضو كما هو الحال عند المبتدئين. هذه الصورة ربما تبين الفرق بين إجراءات الدفاع التي خاضتها الحكومة الأردنية والتي اعتمدت على أمور كالإعلام والترهيب لضمان نجاحها، وبين إجراءات قامت بها دولة مثل أميركا التي وازنت بين الانفتاح والإغلاق بحيث توطد أسباب الخلاص من الوباء دون اللجوء إلى تغيير جذري في نمط الحياة والقوانين، ودونما تكريس السلطة الواحدة، وبلا تعدٍّ على الدستور ليبقى الشعب فاعلاً قوياً قادراً على الوقوف مرة أخرى على قدميه، بينما يخرج من الأزمة شعب كما هو الحال في دولة كالأردن وقد بترت أعضاؤه ليعيش بجسد لا يقوى على الحراك دونما مساعدة من الآخرين.

انتشار المرض في الأردن طبيعياً سيكون أقل من دولة مثل أميركا، ولكن ليس لأن الحكومة صادرت سيارات المواطنين، وليس لأنهم منعوا "البوس"، ولا لكون الحكومة وخلية الأزمة استطاعت أن تغير طباع الأردنيين خلال فترة وجيزة من الزمن وفرض "منسف موديرن"، بل هناك أسباب كثر لا حصر لها قد تكون خلف هذا العدد المتواضع لانتشار المرض. فالحراك الاقتصادي في الأردن كله بكل ما يشمله من دعامات لوجستية لا يعدل حراك مدينة واحدة في أميركا التي عصبها هو الاقتصاد. فأقل مطارات أميركا تواجه حركة طيران عالمية أضعاف حركة الطيران التي تتم في مطارات الأردن وغالبها رحلات "بزنس"، كما ان الحدود لقارة ليست كالحدود لدولة هي بحجم ولاية ميتشجن، كذلك طبيعة الأعمال تختلف محلياً في الأردن عن طبيعة الأعمال التي تدار في الولايات الأميركية. فمسألة عدم الانتشار هذه غير مرتبطة بخطة الحكومة وبإدارة خلية الأزمة للوضع الراهن.

كذلك، العبرة بالخواتيم، ففي الحالة الأميركية ربما عدد الوفيات أكثر بكثير من الأردن، بل لا مقارنة، وهذا أمر يحمد للأردن لكنه لا يذم في أميركا، ليبقى السؤال هل أعدت الحكومة خطة اقتصادية للخروج من المأزق باستثناء صندوق "همة" الذي عمل بطريقة الجباية لا من خلال التحفيز الاقتصادي والنمو وفق قواعد متينة تحفظ رأس المال وتزيد النماء والانتاج؟

أيضاً، قانون الدفاع الذي خالف الدستور وخرق أساسيات الحريات العامة، هل ستكون له نهاية حقيقية، أم سيحاسب المواطن بأثر رجعي مستقبلاً؟ وهل ستصبح "فرامانات" الحكومة هي المخرج من حالة التأزيم مع المواطن بدل رفع حالة التوافق والتعاون في الأزمات؟

النرجسية لدى النظام الأردني أفقدت الإجراءات عدالتها، ولم نجد صورة واضحة للمساواة بين قطاعات الشعب، فبينما اهتمت الحكومة بقطاع صغير من الأردنيين وحمايته في خطة جلب الطلبة والزوار العالقين، أهملت الحكومة القطاع الأكبر وهم المغتربون الذين يدرون للبلاد أموالاً هائلة سواء من خلال استثماراتهم أو من خلال تحويلاتهم الشخصية للعملة الصعبة، كما اوجدت الحكومة بهذه التصرفات غير الحكيمة حالة انقسام مجتمعية لن تستطيع رتقها في خططها القادمة، ولن تجد سبيلاً لرأب الصدع حيث لم تعد هناك ثقة من قبل غالبية المغتربين بحكومة البلاد، وهذا يعني تحول المغترب إلى مهاجر لينتهي الأمر بقطيعة أبدية.

حقاً، لقد أساءت الحكومة حينما نظرت للمرآة ولم ترَ إلا محاسنها بينما مساوؤها مدثرة بالمساحيق، مختفية وراء ستار شفاف كحديث صحفي منمق لوزير غرته "هيصة نسوية عفوية" حيث سيزول هذا الستار عند هطول المطر ليبقى الوجه البشع للحكومة وسياساتها هو المتصدر للمشهد، مما يعني معارضة أشد قوة في المستقبل، ناهيك عن اقتصاد منهار سيخلق حالة ارتداد عكسية ضد الحكومة في القريب العاجل، لن تنفع مع حالة الارتداد هذه قوانين الدفاع ولا حتى مدافع الجيش، لأن الانهيار سيأخذ حيزه رغماً عن كل من لا يرى ولا يسمع ولا يجد وسيلة للتقييم من أجل التقويم. وسيعلم من جهل أو تجاهل حينئذ، أن الحكومة وخلية الأزمة قد تسببتا في أزمة ما بعد "كوفيد 19" التي قد تحتاج إلى عقود للخلاص منها إن وجد من يريد الخلاص حينها.

لا بأس، كل شيء على مايرام، والأردن أولاً وفوق الجميع، والسلامة العامة هي أهم أهدافنا، كلها عبارات سمعناها عبر أبواق رسمية أو شبه رسمية، لكننا في الوقع أدخلنا الوهم إلى عقولنا لندخل حالة الوهن والتردي. المستقبل هو سيد الأدلة على ما أقول، والحاضر ونشوته لن يكونا أكثر حالة زهو نرجسية لنظام تحكمه التبعية، وتحكمه ذروة المتعة باضطهاد الشعب، متنكراً لما يحاك حولنا خاصة فيما يتعلق بالشأن السياسي والاقتصادي والتغييرات المرتقبة عالمياً وإقليمياً، وللحكاية بقية ...

مقالات مكتوبة بالحبر السري: د. صلاح الدين محمود المومني.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت