X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
12/02/2012 - 03:28:15 pm
عن حزب التجمع والرسالة عن مؤتمره أنا الذي كتب الرسالة بقلم سميح غنادري
موقع الغزال

كان سؤال المليون في الأسبوع الماضي: مَنْ الذي كتب الرسالة الموقعة باسم "عضو في اللجنة المركزية" التي كشفت بعض خبايا ما جرى في المؤتمر الأخير لحزب التجمع. ومن كثرة ما رّن الهاتف في بيتي وعلَت بورصة التخمينات، وجدتني أقول: أنا الذي كتب الرسالة!

وكأن اسم الكاتب، لا فحوى المكتوب، هو القضية الأساس. على هكذا موقف كان سيجيب شكسبير على لسان هاملت: وماذا يهمّ الاسم؟ لذلك كان من الأجدى بقيادة التجمع إصدار بيان تفنّد فيه ما جاء في الرسالة غير الموقعة، أو تعترف به وتوضح الإجراءات التي ستتخذها لإصلاح الحال. وكنّا سنحترمها على هذا. إذ أن الأحزاب المسؤولة ليست تلك التي تعلّق على صدرها نياشين الديمقراطية والثقافة والأخلاق، وإنما التي تمارسها. فالأحزاب، مثلها مثل البشر. نحن نحكم على فلان أو علنتان وفق أعماله لا وفق كلامه عن نفسه.

بدلاً من هذا، داهمنا بيان "ردّ" على الرسالة (الأصح ردح) غافل هو الآخر عن التوقيع. يظهر أنه صادر عن ناطق إعلامي ما...(الأصح ناتق)، جاء فيه أن كاتب الرسالة هو: "سعيد النفاعي الإنتفاعي...سارق المقعد البرلماني...الساقط أخلاقياً...الفاقد للتوازن ...المنتفع لصالح جيبه...فاقد المكانة والهيبة شعبياً وأخلاقياً...المثير للشفقة".هذا دون تطرق الناطق ــ الناتق أبداً لفحوى ما جاء في الرسالة.

مثل هذا الردح مهين لكاتبه ولمن أنطقه به، وغير مقنع لنا. لقد ذكّرني هذا السقط ــ النزق الإعلامي ببيانات بعض حكام العرب ومرتزقتهم من "شبيحة وبلاطجة"، في محاولة يائسة ورخيصة منهم لتغطية شمس الحقيقة بعبائة مهلهلة وممجوجة، ولسد الطريق على رياح التغيير وقدوم الربيع بإطلاق الرصاص العشوائي. لذلك وجدتني أضيف على اعترافي بأني "أنا الذي كتب الرسالة": أنا الذي عمّمها ونشرها أيضاً!

هل ارتحتم الآن، يا كل المتسائلين عن هوية الكاتب؟ إذاً تعالوا نتفرغ لمناقشة جوهر وفحوى الرسالة. أما تحويل سعيد نفاع إلى "فزاعة" بهدف إخراس النقاش الداخلي والخارجي بخصوص مضمون الرسالة، ومن ثم التغطية على الأزمة التي تعصف بالحزب، فهو هروب نحو تعميق الأزمة. ولنفرض، جدلاً، أن نفاع هو الذي كتبها... فهذا لا يحرر قيادة وكوادر الحزب من وجوب مناقشتها، خصوصاً، أن العشرات ممن بقوا في الحزب وممن استقالوا يقولون (وقالوا...) ما قالته تلك الرسالة. ولا أقصد الحقائق الاسمية ــ الانتخابية والرقمية التي وردت فيه، وإنما أقصد الخلفية الفكرية والسياسية والتنظيمية المأزومة التي تقود إلى تلك الحقائق.

لستُ محاميا عن المحامي نفاع. وقيادة الحزب تعرف أني كنت على خلاف معه. لكني أعرف وأقسم أنه لم يكتب الرسالة. أنا هو الذي كتب الرسالة، دفاعاً عن حزب لا أريد أن ينتحر متكلّساً في أزمته.

  أنا الذي كتب الرسالة!

لأن حزب المواطنة المتساوية والهوية القومية، الحزب الديمقراطي والعلماني واليساري، حزب إعادة بناء وتوحيد الحركة الوطنية لعرب الـ 48، حزب التنظير للعمل النضالي الجماهيري المدني، حزب الفئات الوسطى والمثقفين والشباب الصاعد، حزب استغلال البرلمان الإسرائيلي كأداة داعمة للعمل الكفاحي الميداني، حزب القيادة الجماعية ونبذ المركزية الخانقة واعتماد الديمقراطية والتعددية نهجاً وتنظيماً،...إلخ...إلخ...كفّ عن كونه بؤرة جذب صاعدة، وهو مأزوم وفي أفول. الحزب الذي أثبت وجوده تياراً ثابتا في السنوات الأولى لتأسيسه ورددت قيادته أنه سيصبح هو "التيار" المركزي، أصبح أشبه "بالتويتر" (إن صح تصغير كلمة تيار بهذا الشكل). وبدلاً من أن يكون بؤرة جذب متصاعدة القوة أصبح ينفر حتى أعضائه... فيستقيلون.

أنا الذي كتب الرسالة!

لأن حزب التجمع نسى، ناقض، خان ــ (اختاروا ما شئتم، أو كلها مجتمعة) ــ المباديء والقيم والبرنامج والنهج الذي وعد والتزم به حين تأسس (أوردناها في الفقرة أعلاه). يظهر أن الخطاب اللفظي ما زال هو هو. أما نهج الممارسة، فكرياً وسياسياً وتنظيميا، فهو على النقيض. الحزب  قطرياً، وكذلك فروعه، غائب عن العمل الميداني الجماهيري وعن قضايا وهموم الناس هنا. اما المزاودة في راديكالية خطاب المحقين، فتبقى مجرد شعاراتية بعيدة عن قضايا وهموم الناس هنا.

وظهر وكأنه ابتعد عن المواطنين الذين من أجلهم تأسس ولإعادة بناء وتوحيد حركتهم الوطنية... وارتبط بعواصم وقوى خارجية (وهي متغيرة بالمناسبة...) أكثر من ارتباطه بقضايا الناس هنا وبالتعاون مع القوى الوطنية الفاعلة بينهم من حزبين ولا حزبيين.

ومَنْ يستعرض اليوم أسماء مَنْ تبقى أو يتواجد في الهيئات القيادية المركزية للتجمع وفي لجانه وفروعه وجهاز العاملين المتفرغين وصحيفته وبين مؤيديه ــ من فئات وسطى ومثقفين وشخصيات اجتماعية، يتقطع ألماً. لقد نجح الحزب نجاحاً باهراً في تهجيج غالبية هؤلاء. أما عن "الإيمان بالتزاوج" (؟!) بين التيار القومي العلماني والتيار الأصولي الإسلامي، والتأتاة في مواجهة التخلف الإجتماعي والأصولية الرجعية والعنصرية المتسترة بلباس الدين ــ هنا وفي المناطق المحتلة، فحدّث ولا حرج. هذا ما آل إليه ــ ميدانياً وفي وعي الناس ــ حزب التنوير والنهضة الثقافية غير المعاقة!

أنا الذي كتب الرسالة!

لأن الحزب الذي يحمل الناس "ألف جميلة" لأنه "تنازل" وقبل الترشح للكنيست، ينتخب هيئاته المركزية القيادية وتتصارع القيادة المنتخبة لهذة الهيئات، على خلفية الكنيست ومَنْ سيترشح لها. كل تاريخ الصراعات الداخلية الحادة في الحزب، في المؤتمرات والهيئات وبين "الكتل" المركبة للمكتب السياسي...هو تاريخ صراع على الكنيست. وما من أزمة عميقة عصفت بالحزب وبوحدة قيادته وتركت آثارها المدمرة على الفراغ والكوادر وسلوكياتها... إلا وارتبطت بالصراع على مقعد الكنيست. وما من أزمة مالية قادت إلى شل عمل الحزب وتعميق عدم الاستثمار في صحيفته ونواديه وفروعه وجهاز العاملين والشبيبة والنساء والطلاب...إلا وكانت على خلفية حرق موارد الحزب ولسنوات قادمة في البعزقة (المعروفة والسرية...) من أجل الفوز بمقعد الكنيست. وما من عار فكري وسياسي وتنظيمي أيضا لحق بالحزب وهجّج بعض كوادره ومؤيديه... مثل "العارات" المتكررة في ائتلافاته وتحالفاته عشية الإنتخابات للكنيست، والتنكر لمستحقاتها بعد عبور نسبة الحسم إلا وكان لأجل الكنيست. والحزب الذي نظّر لوجوب التحالفات بين التيارات الوطنية، لا مع "الطيارين" الباحثين عن مقعد في الكنيست، لم يبقِ على "طيار" من هؤلاء إلا وتحالف معه.

لذلك كله تتساءل قواعده الحزب، وكل من ترك صفوفه: هل أقمنا مشروعا للهوية القومية والمواطنة المتساوية ولتوحيد الأقلية القومية وتياراتها الوطنية... والكنيست إحدى أدواته، أم أن المشروع مشروع عضوية كنيست للبعض والحزب هو الأداة؟

أنا الذي كتب الرسالة!

كتبتها وأنا أتقطع ألماً على حالة الحزب التنظيمية المخزية، والتي هي تحصيل حاصل لحالته ولممارساته الفكرية السياسية ولمجمل نهج عمله وتعامله. قلت لقيادته في السابق (حين كنت عضواً وعملا في الحزب): "انتوا بتلعبوا حزب". قلتها وأنا أشاهد يومياً ثقافة النرجسية، والمزاجية، واللامبدئية وتلوّن وتبدل المواقف، وترفيع فلان وتهجيج فلان، واللقلقة والتآمر والتحزبات والصراعات الشخصية داخل الهيئات القيادية...تطغى على المواقف ونهج العمل والتوظيف والتمويل، في سبيل ضمان أحادية قيادية أو مكانة أو مركز أو مقعد كنيست... لهذا أو ذاك.

وأكثر ما آلمني هو تسرب هذه العقلية ــ النفسية لكوادر بارزة من الجيل الثاني أو الثالث. وهؤلاء مستقبل الحزب! وهؤلاء بتذويتهم لتلك العقلية المريضة والهدامة تنظيماً... أرادوا أن يتوظفوا أو أن يكونوا من المرضي عنهم وأن يصبحوا أعضاء في اللجنة المركزية وحتى في المكتب الساسي (وأصبحوا...). كما يظهر فإن جدلية البرنامج والتنظيم تفعل فعلها ــ فهكذا نهج عملي في الفكر والسياسة يقود إلى هكذا تنظيم، وهكذا تنظيم يؤزم أكثر هكذا نهج فكري وسياسي. وهكذا تفلس الأحزاب... فتموت. ولا نريد لمشروع التجمع الراقي والمجدد نظرياً والحيوي والضروري لشعبنا الباقي في وطنه... أن يموت.

من عادة الحيتان حين تهرم وتتكلس الرؤية لديها وكذلك "أدمغتها" أن تسبح في المياه الضحلة وتفقد بوصلة الاتجاه... فتنتحر على رمال وصخور الشواطىء. عُمْر حزب التجمع (15) عاماً فقط. ما زال "مراهقاً". وكل المستقبل أمامه إذا ما تحلّى بشجاعة إعادة النظر النقدية في مسيرته ــ فكرياً وسياسياً وتنظيمياً. هذا أملي وموقفي. ولهذا... أنا هو الذي كتب الرسالة.

 

استدراك

لا أصدق أن أحداً منكم قد صدق أني أنا الكاتب لتلك الرسالة. لكني اعرف مَنْ كتبها، وبالتأكيد ليس هو سعيد نفاع. أراكم لا تستطيعون كبت حب الإستطلاع لديكم و/أو الرغبة بالبصبصة واللقلقة. إليكم الجواب على سؤال "المليون":

قيادة الحزب المتنفذة هي التي كتبت الرسالة. إذ أن مواقفها وأفعالها أكتبت، استكتبت، أو قل قادت إلى انفجار عضو في الحزب (وغالبا من القيادة...) وجعلته يصرخ علناً. لماذا أخفى اسمه؟ لأنه ما زال يأمل بإصلاح الحزب من الداخل ويخاف أن تجري الإطاحة بها إذا ما كشف هويته. وربما هو ايضاً من الطامحين للوصول إلى الكنيست.

مَنْ هو؟ أجابكم شكسبير: وماذا يهم الاسم؟!

Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت