X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
13/11/2022 - 03:57:19 am
ما بين -بلفور- و -عرين الأسود: مساهمة في تعريف نكبة فلسطين

ما بين “بلفور” و “عرين الأسود”: مساهمة في تعريف نكبة فلسطين

بقلم :أ. د. مكرم خُوري – مَخّوُل

التجارب الشخصية الوطنية هي جزء من السردية القومية ورافعة لعملية المثابرة المستمرة. فكمن نشأ وترعرع في مدينة يافا ما بعد احتلال شرق فلسطين (القسم الثاني من فلسطين في حرب ١٩٦٧ والمعروفة بالنكسة) في بيت جده الراحل العلّامة اديب سعادة الخوري (وفي حضرة إرثه الثقافي) وتحت كنف زوجته الشخصية التربوية النسوية العملاقة (جدتي المعروفة  بـ “مدام خوري” – “التيتا”) والتي شيدت فضاء البيت بشعارها الذي تحول الى “مانترا” (تعويذة): “أفضّل أن أموت في منزلي في يافا على أن أصبح لاجئة” ناقشةً في مخيلتنا عملية الإصرار على البقاء في أرض الوطن. وكمن أخذ أيضا يستمع ويطالع المقالات السياسية الحماسية المتتالية لوالده الكاتب السياسي (نعيم يوسف مخول) حول النكبة والأرض والزراعة والصمود؛ ومقالات ومسرحيات ومقابلات ومحاضرات والدته (الكاتبة والروائية) أنطوانيت أديب الخوري، رأيت أنه بناء على هذه التجربة الشخصية المكثفة أن أقوم أيضا بتدعيم ادعائي (الوارد أدناه) على مشاهدات صحافية لمدة عقدين من الزمن (في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي في فلسطين بالتحديد) إضافة الى عقدين من البحث الاكاديمي في الشأن الفلسطيني في بريطانيا على وجه الخصوص وأقدم مساهمة لمشروع موسع أسرد أدناه فكرته الأساسية باختصار.

ونقول إنه من المُسَلّمْ به على نطاق واسع أن نكبة فلسطين والفلسطينيين حدثت زمنيا في ظل الانتداب البريطاني ما بين خطة وقرار التقسيم لعام 29.11.1947 واتفاقيات الهدنة لعام 1949 (مع كل من مصر وسوريا ولبنان والأردن إلا انه لم يكن هناك أي اتفاق في إطار “الهدنة” أو غيرها مع الشعب الفلسطيني المطرود منه أو الذي بقي في وطنه) وعليه فما زال الصراع مع الشعب الفلسطيني مفتوحاومعادلته: هيمنة صهيونية على فلسطين ومقاومة فلسطينية ضد احتلال فلسطين وما “عرين الأسود” آخر ظاهرة مقاومة هي مثال على ذلك.

وعليه، تدعي هذه الورقةالمقالة (فقد تم تقديم جزء منها في جامعة فرايبورغ في المانيا عام 2011 وجزء آخر في مؤتمر “باندونغ” (“عدم الانحياز” عام2015  وعام ٢٠٢٢) بأنه وعلى الرغم من أن الحقبة الزمنية الأكثر كارثية والتي وصلت إلى ذروتها في إطار المأساة الفلسطينية كانت في هذه الفترة (أي ما بين  1947-1949)، إلا أن هذه الحقبة والتي تم تسميتها بـ “نكبة” لم تكن بداية نكبة الشعب الفلسطيني ولا نهايتها، وإنما: “ذروة النكبة”.

بدلاً من ذلك، تدعي هذه المقالة ان نكبة الشعب الفلسطيني بدأت تماما قبل ١٠٥ أعوام مع إطلاق رسالة وزير الخارجية البريطاني آنذاك أرثور جيمس بلفور الى زعيم الحركة الصهيونية روثتشييلد فيما أصبح يسمى شعبيا بـ  “وعد بلفور” (1917/11/2) ، والذي تلاه احتلال فلسطين من قبل بريطانيا التي كانت منخرطة في الحرب العالمية الأولى (خاصة القدس من قبل الجنرال اللنبي) في كانون الأول (ديسمبر) 1917 ;  وأن النكبة ليست فقط أنها بدأت آنذاك وإنما تشمل كل الذي حصل منذ ذلك الحين (وحتى الآن) ولكن بالتأكيد أن هذه الكارثة النكبوية وصلت الى ذروتها (أي “ذروة النكبة”) ما بين 1947-1949  (متمثلة بطرد نصف الشعب الفلسطيني من وطنه وتدمير غالبية بنيته الثقافية والتجارية والاجتماعية) إلا انها لا تزال فعليا مستمرة عمدا ووفقا لمخطط لم يتوقف لغاية الآن وغدا، الى ان يتحقق التحرير والاستقلال.

 وبعيدا عن الشعارات العاطفية، وكما سمعت في البيت في طفولتي وتم ترديده على مسامعي أيضا من قبل استاذي (البريطاني الإسكتلندي اليساري “الماوي” التوجهات) في أوكسفورد عام ١٩٩٠ فإن مشروع إنشاء “الكيان الصهيوني” كان وما زال مشروعا تأسس على برنامج مشترك بعيد الأمد ما بين الحركة الصهيونية وبدعم بعض القوى الاستعمارية (بريطانيا وأمريكا بالأساس). لا بل أكثر من ذلك، تدعى هذه المقالة (وتحذر) بأنه بالإمكان جدا (محاولة) تنفيذ فصل جديد من نكبة الشعب الفلسطيني، وممكن جدا ان تشمل (في التخطيط) أيضا طرد فلسطينيين آخرينإضافيين من فلسطين (غرب وشرق فلسطين) لأن الهدف هو الاستيلاء على فلسطين (الجغرافيا) بالكامل وأن الشعب (الديمغرافيا) الفلسطينية هو العائق الذي يجب التخلص منه. هذا لا يقول بأن الشعب الفلسطيني لن يرد وبأن جبهة المقاومة الإقليمية لن تتفاعل وتتشابك وتتوحد الساحات.

فمنذ “ذروة النكبة” (أي ما بين 1947-1949) شَكّلَ الفلسطينيون الذين أسميتهم ” نُجاةُ النكبة” (تعريفي) وأعني أولئك الذين استطاعوا البقاء في وطنهم والذين أُريد لهم ان يكونوا حطابين وسقائي ماء (وفقا لإدارة الاحتلال) للطبقة الصهيونية الحاكمة (ولخدمها من العرب اليهود الذين تم جلبهم من الدول العربية للاستعمار في فلسطين)، “مشكلة أمنية” (طابورا خامسا)  ليس في الجليل والمثلث والنقب فحسب ولكن ايضاً في مدن الساحل الفلسطيني كمدينة عكا شمالا (وتحويل سكانها الى المكر) ويافـا جنوبا (وتحويل سكانها شرقا الى اللد والرملة بعيدا عن البحر).

عندما كتب ونشر المؤرخ الراحل الدكتور قسطنطين زريق كتابه “معنى النكبة” في عام 1948، شهورا وجيزة ما بعد الاقتلاع والكارثة و “ذروة النكبة” فإنما كان وصفه دقيقا نظرا لما شاهده (شخصيا وبأدواته المهنية الأكاديمية) من كارثة حلت بالشعب الفلسطيني في تلك الحقبة والتي تزاوجت مع الصدمة النفسية الجمعية الكارثية المدوية.

إلا ان الإمعان بما حل بالشعب الفلسطيني خلال الـ 105 عاما (بالتحديد رغم انه ممكن العودة الى منتصف القرن التاسع عشر) يتطلب تعريفا جديدا أو على الأقل تحديثا لتعريف النكبة السائد لغاية الآن. فإن ما حصل منذ 1917 مرورا بقرار تقسيم فلسطين في 1947 واحتلال القسم الثاني من فلسطين عام 1967 والانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 واتفاقيات أوسلو وإفرازاتها ( 1993-1994) والانتفاضة الفلسطينية الثانية التي انطلقت ن القدس عام 2000  وقتل القائد الفلسطيني (الرسمي الأول) ياسر عرفات عام  2004 والحروب المتكررة على قطاع غزة؛ والعدوان المستمر على الضفة الغربية والقدس المحتلتين، إضافة الى مجموعة “قوانين” عنصرية تميز ضد الشعب الفلسطيني في غرب فلسطين (“نجاة النكبة” )  وبالتحديد “قانون القومية” لعام 2018 (هذا بعد قتل ١٣ شهيدا منهم عام ٢٠٠ ) والقتل المستمر لشرائح متعددة من الشعب الفلسطيني في شرق فلسطين المحتل واعتقال أكثر من مليون فلسطيني منذ النكسة بمن فيهم النساء والأطفال والمتقدمين في السن)؛  والاستيطان الأخطبوطي الذي لم يتوقف (جغرافيا أو التخطيط له) ولو ليوم؛ ومصادرة الأراضي وعلية “صفقة القرن” ومخطط “الضم” (نتنياهو وترامب) (وما أسميته في مقالة سابقة “النهب المسلح الثالث”) والحصار الاقتصادي و “العسكري” الاحتلالي على قطاع غزة جوا وبحرا وأرضا، يشير الى الفصول المتعددة والمستمرة في نكبة الشعب الفلسطيني منذ وعد بلفور وإلى الان.

وقد كنا في العام الـ 99 على إصدار رسالة بلفور (تماما في 16 /12/2016 قد أطلقنا “مبادرة فلسطين 100” للاشتباك المجدد مع بداية هذه الكارثة مع اربط بما يحصل في العقد الثالث من القرن الـ ٢١) عاقدين العزم على تجديد التشجيع على فتح ملف بلفور منذ بداية نكبة الشعب الفلسطيني في عام  1917  ولذلك فقد أقمنا أمسية الإشهار في لندن كعاصمة للإمبراطورية البريطانية التي أصدرت رسالة بلفور للحركة الصهيونية. كما وطالبنا في إطار تحميلنا بريطانيا لمسؤولياتها التاريخية القانونية الأخلاقية بثلاثة أنواع من الخطوات: الاعتذار والتعويض والتصحيح.

إن المشروع الذي ما زال يطبق منذ بلفور ولغاية الآن وبالتحديد منذ “تحرير” هذا “الوعد” والذي هو خطوة سياسية حاسمة- ظالمة -إجرامية قلبت معادلة القوة لصالح الحركة الصهيونية على حساب الشعب الفلسطيني لدرجة أن الصراع على إرجاع فلسطين وبعد أكثر من قرن ما زال مكلفا وبمنحنى تصاعدي يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني يوميا بدمائه وتضحياته وعذابه في كل بقاع الأرض. إن القرار الذي اتخذته الامبراطورية البريطانية آنذاك (ونحن نرى ان عدة قوى استعمارية بدأت بالاعتذار والتعويض والخ) يجب أن يقاوم ١) بالفكر الثقافي – الإعلامي و ٢) المنهج السياسي و ٣) القرار القضائي. وبينما نقدر كل مجهود قد يتم لإقناع “الحكومة البريطانية بالاعتذار، الأمر الذي نشك ان يحصل في المدى المنظور) في هذه الأطر، نرى أن اختزال أية خطوة من هذه الخطوات سيكون عملا ساذجا او ناقصا او مخادعا.

* أكاديمي فلسطيني – بريطاني




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت