لتُرفع رايات الكفاح المشترك وأعلام فلسطين

يدل خروج عشرات آلاف المواطنين إلى المظاهرات ضد الحكومة الجديدة ومشاريعها الفاشية، على شدة خطورة هذه السياسات التي تقلق قطاعات واسعة، وبعضها لم يكن يتميّز بالنشاط الاحتجاجي في السابق، لكنه يتحسس اليوم الخطر المحدق الزاحف عليه.

العناوين الرئيسية للمظاهرات مهمة، مثل رفض القيام بانقلاب على المؤسسة القضائية وإخضاعها لأهداف وأهواء الائتلاف الحاكم، الذي يجتمع فيه فاشيون ورجعيون وأصوليون وانتهازيون معًا، وكذلك رفض برامج تعميق الإكراه الديني. فهذه الهجمة الحكومية سوف تضيّق من مساحة الحقوق والحريات المدنية والفردية، وستوسع من رقعة الفساد السلطوي والهيمنة التعسفية والإكراه. لذلك يجب النظر بعين الاهتمام والأهمية إلى هذا التحرك.

ولكن في الوقت نفسه لا يمكن تجاهل محدودية النضوج السياسي لهذا الاحتجاج، الذي رفض منظموه في مظاهرة تل أبيب إعطاء متحدث من المجتمع العربي حق الكلام والتعبير على منصة المتحدثين. فالعقلية السائدة – والضيّقة كما يبدو – في صفوف منظمي الاحتجاجات ما زالت متحجرة، بحيث انها ترى في المواطنين العرب مجرد احتياطي أصوات لتحالفات الوسط واليسار الصهيونيين، ولا تنظر إليهم كشريك كامل الحق وبتكافؤ تام. وهنا، لا يمكن لأحد مهما ناور أو تأدّب إنكار الطبقة العنصرية العميقة المترسّبة في هكذا موقف وتوجّه. هذا كلام يجب أن يسمعه جميع المحتجين والمحتجات: إن من يزعجه مشاركة العرب كمجموعة، كأقلية، كقومية، هو عنصري بهذه الدرجة او تلك. وليتفضل بالوقوف امام الحقيقة والمرآة.

وإلى هذا يُضاف الفزع من رفع العلم الفلسطيني في هذه المظاهرات، والتهرّب من طرح مقولات وشعارات ضد الاحتلال الكولونيالي، وكأن هذه مسائل اجنبية لا تتعلق بإسرائيل الرسمية. هنا أيضًا يبرز القصور في النضج السياسي لدى المعسكر الرافض لحكومة اليمين، بحيث يجبن عن مواجهة الواقع ورؤية "الفيل، لا بل الديناصور، الجاثم في الغرفة".

لهذا فمن واجب القوى العربية-اليهودية التقدمية والواعية والجريئة التي تربط السياسي بالاجتماعي بالاقتصادي، وترفض إنزال علم الكفاح المشترك وعلم التحرر الوطني الفلسطيني، أن ترفع بكل قوّة هاتين الرايتين بمثابرة في هذه المظاهرات وغيرها، كجزء من المعركة على الوعي والتسييس والكفاح ضد هذه الحكومة بكل سياساتها، وليس بأشكال انتقائية سخيفة وجبانة.

(نقلا عن موقع الاتحاد الالكتروني: https://www.alittihad44.com/)