معرض أصل الحكاية

كتب: المحامي علي احمد حيدر 

دخلت إلى صالة العرض، في نادي المحبة في عبلين، نظرت إلى جدرانها البيضاء فشدتني صور شخصية وبروتريهات لأجدادنا وجداتنا من عبلين ممن وُلدوا قبل الانتداب البريطاني عام ١٩٢٢، تتجاور الصور كما تجاور أصحابها في حياتهم قبل مماتهم. أنظر إلى وجوههم وتعبيراتهم وملامحهم، جزء منهم أعرفهم شخصيا وجزء آخر سمعت أو قرأت عنهم وأشخاص آخرين أُشبههم بأناس أحياء أعرفهم لربما أبنائهم أو أحفادهم أو أبناء أحفادهم، وذلك قبل أن أنظر إلى أسمائهم الثلاثية وسنوات ميلادهم ووفاتهم، يمثلون عائلات وانتماءات دينية متعددة، كانوا يشبهون بعضهم بعضا في لباسهم وهيئتهم الخارجية، إذا كنت لا تعرفهم فلا تستطيع التمييز بينهم ولا تستطيع أن تعرف ما هي قصتهم وما هي حكايتهم وكيف رحلوا عن الدنيا وبماذا عملوا وماهو الأثر الذي تركوه؟

فلكل واحد منهم أسم وعائلة وتاريخ وحكاية وجدير بهذة الأمور أن تُحكى وتُسرد وتُقص.

ان مجموع قصصهم وغيرهم ممن لم تُعرض صورهم حتى الآن هي قصة عبلين في مرحلة تاريخية معينة، ما يميزهم أيضا أنهم عاشوا حكم الأتراك وحكم الإنجليز وحكم اليهود، ولكنهم حافظوا على مرجعيتهم الثقافية والأخلاقية وعلى اواصر المودة والمحبة والعشرة الطيبة وحافظوا على عبلين موحدة ومتميزة. لقد شكل هذا الجيل مدماكا مهما في مسيرة العمران والبناء والصمود والكدح والعمل والبساطة والشفافية.

لقد تبادر إلى ذهني قبل أن أدخل سؤالين، كثير ما يسأل الكتاب عنهما حين يصدرون كتابا. ماهو الدافع من وراء هذا العمل؟ وما هي الرسالة التي يود أن يوصلها؟ وأثناء تجاولي بين الصور احاول أن أعرض على نفسي إجابات محتملة وممكنة.

فالأصل هو أول الشيء ومادته التي يتكون منها أصل الموضوع، وهي البداية والأساس.

والموضوع هو الحكاية، واجدادنا وجداتتنا هم جذور الذكرى وشعلة الحكاية التي بدأت ولن تنتهي.

كل الشكر للأخوة في نادي المحبة على هذة المبادرة الجميلة وهذا العمل الهام، والشكر موصول للقيم على المعرض المهندس نبهان زهران الذي بذل جهدا جبارا وتحمل مسؤولية جمة في تصميم عمل مهم وحساس. وآمل أن تكون هذة هي المرحلة الأولى من النشاط وأن يتبعها جمع مجموعات أخرى من صور وبورتيرهات لأشخاص آخرين لم يتسنى حتى الآن عرض صورهم ومن ثم سرد حكايات الأشخاص وتعريف الناس بهم أكثر وتدوين وتوثيق سيرتهم لأن أضعف حبر أقوى من أقوى ذاكرة.