X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
29/09/2023 - 10:51:13 am
الشرخ الاسرائيلي يتعمق ويخرج عن السيطرة بقلم:أمير مخول

الشرخ الاسرائيلي يتعمق ويخرج عن السيطرة

بقلم:أمير مخول

تحولت صلاة يوم الغفران اليهودي في تل ابيب (25/9/2023) الى صدام جسدي بين العلمانيين والمتدينين، وقد دار الصراع على قرار مجموعات من العلمانيين بالتصدي وبشكل تظاهري للمألوف في المدينة بحكم العادة بإقامة صلوات في الحيّز العام تقوم على الفصل بين الرجال والنساء، ومستندين الى قرار سابق للمحكمة العليا بكون الحيز العام متاح للجميع بالتساوي. تحولت الصلاة الى ساحة اشتباك لم يقم الاعلام بتغطيتها اذ انه لا يعمل في هذا اليوم من كل عام.

بعد نهاية يوم الغفران، أصدر رئيس الوزراء نتنياهو بيانا أدان فيه اعتداءات "المتطرفين اليساريين على اليهود"

في اليوم التالي، اعلن عدد من المرجعيات الدينية انه لا يوجد فرض ديني بالفصل في الصلوات في الحيز العام على اساس الجنس، كما ان يوم الغفران ليس مذكورا في التوراة، وعليه يخضع الموقف منه للتأويل. في المقابل أعلن وزير الامن القومي بن غفير عن تنظيم صلاة المغرب اليهودية في ثلاث ساحات عامة في تل ابيب وذلك مساء يوم 28/9/2023 خلال عيد العُرش اليهودي وحذر المعارضين للفصل من اي مس بالمصلين، وهددهم إذا ما حاولوا تعطيل الصلاة، في حين اعلنت بلدية المدينة سحب الترخيص للفعاليات بعد ان قام اتباعه من حركة "الرأس اليهودي" المحلية بخرق مسبق لشروط الترخيص. في المقابل هاجم حزب الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش وسيمحا روتمان الذي يقود الانقلاب التشريعي من خلال ترؤسه للجنة القانون والدستور البرلمانية، هاجما بن غفير واعتبره روتمان بأنه يؤجج الانقسام داخل الشعب ويقود عملا استفزازيا عنيفا باسم الدين اليهودي. 

قراءة:

للوهلة الاولى، قد تبدو الحادثة في تل ابيب مجرد اقتتال عرضي، الا انها تشكل دلالة على عمق الازمة الاسرائيلية والشرخ المجتمعي اليهودي غير القابل للجَسر، وتشكل ايضا فقدان سيطرة على سير الأمور بعد أن تحول الصراع التشريعي القائم والازمة مع تصلّب في المواقف الى عداء عنيف بين المعسكرات. 

في ردود الفعل كما اوردتها وسائل الاعلام الاسرائيلية والفضائيات تم توصيف الاعتراض على الصلاة بالأعمال "اللاسامية" و"النازية" و"البوغروم" (المذابح)، وهي مفردات لا تستخدم في وصف اليهود لليهود، الا انها باتت دارجة في الخطاب الاسرائيلي الداخلي، مع تقهقر اللحمة وتعميق التناحر داخل المجتمع الاسرائيلي.

في حين تنصلت المعارضة الرسمية من تصرف اتباعها في تل ابيب والذين حوّلوا الصلاة الى معترك، الا انها اكدت ان هذا الوضع هو نتيجة مباشرة للانقلاب القضائي، وبأن العلمانية باتت في حاجة الى الدفاع عن نمط حياتها خاصة في تل ابيب والتي تعتبر عاصمة العلمانية اليهودية.

دلالات موقف الصهيونية الدينية:

اللافت ايضا هو قيام حزب الصهيونية الدينية بشن حملة علنية ضد شركائه في التيار اي حزب القوة اليهودية برئاسة بن غفير واتهامه بالتخريب على كل تيار الصهيونية الدينية، وكذلك فعل نتنياهو لاحقا حين دعا بن غفير للعدول عن خطوته الاستفزازية والتي ستحرج الشرطة وتضعها امام امتحان، إما الانصياع لأوامر وزيرها أم الى القانوني وقرارات المحكمة العليا بصدد طابع الانشطة في الحيز العام. 

هذا الموقف هو تعبير عن شرخ ومنحى انقسامي داخل هذا المعسكر، وقد وجد تعبيرا عنه ايضا في الموقف من جولة نتنياهو في الولايات المتحدة وخطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة وكذلك لقائه مع الرئيس بايدن والملف السعودي؛ فقد رحب سموتريتش بالخطاب واكد ان الحكومة لن تقبل الا بمبدأ "السلام مقابل السلام"، دون اية تنازلات "جوهرية" للفلسطينيين. وأكد على الشراكة في الحكومة التي يقودها نتنياهو، بينما خرج بن غفير علنا بجملة تحذيرات وتهديدات، متهما بوجود محاولة لإخراج حزبه من الائتلاف ومهددا بإسقاط الحكومة في حال قدمت تنازلات جوهرية للفلسطينيين. كما وألمح بن غفير الى احتمالية تفضيل نتنياهو ومن ورائه بايدن لدخول غانتس الى الائتلاف بإثني عشر نائبا.

يبدو واضحا من انه في حال وافق غانتس وحزبه "المعسكر الرسمي" على الانضمام الى الائتلاف بديلا عن حزبي سموتريتش وبن غفير سيؤدي الى سقوط الحكومة، بأنّ 14 نائبا من الليكود لا يقبلوا بأي بديل لمعادلة "السلام مقابل السلام"، كما ان هناك عدد من النواب في الليكود يتماثلون مع مواقف الصهيونية الدينية وأبرزهم النائب تالي غوتليب. وهذا يعني ان لا امكانية لدى نتنياهو الحصول على تأييد من ائتلافه لصالح "التطبيع مع السعودية" مقابل تنازلات للفلسطينيين.

هناك ثلاثة احتمالات امام نتنياهو في حال توصل الى اتفاق مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وهي كالتالي:

1. توفير المعارضة البرلمانية الصهيونية دعما من خارج الائتلاف لإقرار "التطبيع" وكل ما هو متعلق م به.

2. انضمام غانتس الى الائتلاف الحاكم، وضمان دعم القائمة العربية الموحدة وفقا للمصادر الاسرائيلية وبدفع امريكي.

3. انضمام حزب غانتس الى الائتلاف مع انسحاب حزب بن غفير وبقاء حزب الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش في الائتلاف الحاكم، اذ انه على قناعة بأن بقاءه في الائتلاف له الأولوية إذ يمنحه القوة والسلطة لتنفيذ المشروع السياسي الجوهري القائم على الضم وقوننة البؤر الاستيطانية والتطهير العرقي الفعلي القائم في الضفة الغربية وذلك وفقا للتقرير الاممي وتقرير منظمة بتسيلم الحقوقية الاستقصائية. في هذا السيناريو ضمان لاستمرار الائتلاف برئاسة نتنياهو.

في المقابل تؤكد معظم الاستطلاعات وبشكل ثابت تفوّق ائتلاف بقيادة غانتس على ائتلاف نتنياهو الحالي وبفارق كبير في حال حصلت انتخابات برلمانية. بينما تؤكد حركة الاحتجاج على الانقلاب القضائي معارضتها المطلقة لاي احتمال لانضمام غانتس الى الائتلاف، وهذا يعني في حال حصل وانضمّ بضغط امريكي وداخلي غير مباشر من المؤسسة الامنية، بأنه سيخسر جمهورا واسعا من مؤيديه وقد يعيد لبيد الى الواجهة ليصبح الحزب الاكبر في المعارضة. مما يعني ضياع فرصة تشكيل حكومة قادمة، وهذا ما يجعله يؤكد ان الظرف غير مؤاتٍ وينفي هذا الاحتمال.

الخلاصة:

• يتجه الواقع الاسرائيلي الداخلي نحو الصدام المؤسس على ارتفاع جوهري في منسوب الكراهية والعداء والتشظّي بين مركبات المجتمع اليهودي، في وقت تفقد القيادات السياسية والرسمية السيطرة على الوضع. 

• باتت اسرائيل، كما انعكس في جولة نتنياهو الامريكية أضعف أثرا وتعاني من تراجع وزنها ولم تعد اللاعب المركزي في الملفات الاقليمية.

• التطبيع المتوخى اسرائيليا مع السعودية في حال خرج الى حيز التنفيذ، سيشكل حبل نجاه للائتلاف الاسرائيلي الحاكم ويتيح لحزب سموتريتش قيادة الحكومة نحو الدفع أكثر لتنفيذ سياسة التطهير العرقي والضم. 

• فلسطينيا، قد تقود تطورات الامور الى انتفاضة وفقا للتقديرات الامنية الاسرائيلية، باعتبار ان التحدي الاستراتيجي الاول امام اسرائيل هو الملف الفلسطيني، واعتبار ان الحكومة تدفع نحو صدام واسع خارج اية سيطرة في معظم مناطق الضفة الغربية والسعي لخلق حالة فوضى فلسطينية عارمة تكون مؤاتية لتنفيذ مآرب الصهيونية الدينية.

• سعوديا،  لن تلتزم حكومة اسرائيل بأية تنازلات "جوهرية" للفلسطينيين ، كما تعد مفاوضاتها الجارية مع  الرياض ، إذ  لا تملك حكومتها القدرة على ذلك، ولا يبدو ان هناك اي تنازل لدى نتنياهو عن اي من شركاء ائتلافه في المدى القريب، بل ستدفع الامور، اذا ما تم التطبيع وفق الشروط الإسرائيلية الى مزيد  من التردي على اوضاع الفلسطينيين والى احتمالية تفجّر شامل للأوضاع الأمنية، وسيكون الثمن الفلسطيني عاليا، لكن لا يمكن للشعب ان يتنازل عن حقوقه وهو يدرك ان مسعاه ليس "تحسين اوضاعه" المعيشية تحت الاحتلال وانما التحرر من الاحتلال وممارسة حقه في تقرير مصيره.

(تقدير موقف  مركز تقدم للسياسات)




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت