وبدأت الجولة بزيارة إلى قرية الغابسيّة حيث استمعت قرابة خمسين امرأة من المشاركات، من أجيال مختلفة، لشرحٍ وافٍ قدّمه السيّد داوود بدر عن تاريخ القرية وقصّة تهجير أهلها إبان النكبة الفلسطينيّة عام 1948، وما بقي من آثارها، ومسجد القرية كشاهد يحكي قصة قرية كانت تعجّ بالحياة وتحولّت إلى أطلالٍ ناطقة بمرارة الهدم والتهجير. 

وتم تقديم استعراضًا تاريخيًّا لقضيّة التهجير إبان النكبة الفلسطينيّة وأثرها على اللاجئين الفلسطينيّين، بشكل عامّ، والمهجّرين منهم، بشكلٍ خاصّ، نظرًا لخصوصيّة وضعهم من حيث اعتبارهم، وفق القانون الإسرائيليّ، مواطنين إسرائيليّين، وهم في نفس الوقت بمكانة "حاضرين غائبين" تُحظر عليهم العودة إلى قراهم التي هُجّروا منها، وهي على مرأى من عيونهم مهدّمة مهجورة، أو أُقيمت عليها تجمّعات يهوديّة. كما استعرضت أبو سعد مسيرة إقامة "جمعيّة الدفاع عن حقوق المهجّرين"، مطلع التسعينات، والدور الذي تقوم به منذ ذلك الحين لهدف رفع الوعي والصمود على طريق تحقيق حقّ العودة وفق القرارات الدوليّة، وذلك من خلال الفعاليّات والنشاطات المختلفة، وأبرزها مسيرة العودة السنويّة وجولات العودة للجذور.

وتمثلّت المحطة الثانية في الجولة بزيارة إلى قرية البصّة المهجّرة التي أقيمت على أنقاضها "بيتست". وقد قدّم السيد نسيم عاصي شرحًا عن تاريخ القرية والمعالم الباقية فيها، ومنها الكنيسة المغلقة. وتطرّق السيد عاصي إلى محاولات التخريب المتكرّرة، ومنع استعمال الكنيسة والمسجد في القرية، كما شدّد على  دور النساء في توعية أبنائهنّ وتعريفهم بقرانا المهجّرة وبتاريخ شعبنا ومعاناته من تهجير وتعذيب.

وأعربت السيّدة فريال منصور، مركزة المجموعة النسائيّة "جلنار" في كوكب أبو الهيجاء وعضوة منتدى جسور النسائيّ، عن سعادتها بالشراكة القائمة بين "كيان" و"جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين"، وأكّدت على أهميّة التعرّف على بلادنا، تاريخيًّا وجغرافيًّا، وحثّ النساء على المشاركة في مثل هذه البرامج التي من شأنها أن تُعزّز وعي النساء، وخاصّة على الصعيد السياسيّ.

هذا، وقد أكّدت مجموعة المشاركات في الجولة على ضرورة بناء برنامج خاصّ ومنفرد، يتضمّن جولات إلى مختلف القرى المهجّرة، لهدف التعرّف على تاريخ البلاد وحكاية كلّ قرية.

ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الجولة هي الرابعة ضمن مشروع مشترك بين "جمعيّة الدفاع عن حقوق المهجّرين" و"كيان"، وهو ما يتماشى مع هدف "كيان" الساعي إلى زيادة وعي وثقافة النساء وتعميق ارتباطهنّ بالأرض والتاريخ ورفع وعيهنّ السياسيّ في كلّ ما يتعلق بقضايا شعبهنّ، كما أنه يشكّل لَبِنَةً هامّةَ في  تحقيق هدف تطوير ومأسسة الحركة النسائيّة الميدانيّة لدى النساء العربيّات في البلاد.