دعيبس عبود أشقر: الثقافة الموسيقية يجب ان تصبح هاجس المجتمع فالأمر يتعلق بوجهتنا الحضارية.    

بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس جمعية أورفيوس، سيجري كونسيرت غير مسبوق بمشاركة الفرقة السيمفونية القدس، بقيادة سليم عبود أشقر والسوبران إيناس مصالحة، وبمشاركة 95 عازفًا. حيث سيتم في الكونسيرت عزف رائعة هكتور بورليوز، السيمفونية الفانتازيا، وأغانٍ من مدرسة الغناء الأوبرالي الايطالي والعالمي. وسيجري الكونسيرت يوم الخميس 3/10/2013 الساعة 8:30 مساءً في قاعة العروض في كيبوتس مزراع.

من الجدير بالذكر أن جمعية أورفيوس تأسست بهدف نشر الموسيقى الكلاسيكية الغربية بين الجمهور العربي في البلاد، ومن أجل إنشاء أجيال متمكنة من هذه  الموسيقى بحيث تكون قادرة على مخاطبة شعوب العالم ونخبها الفنية والثقافية. وفي هذه المناسبة عبّرت جمعية أورفيوس عن اعتزازها بالانجازات التي تمت خلال السنوات العشر الماضية، في جميع مجالات نشاطاتها، وبالقفزة التي أحدثتها في الوعي والنشاط الموسيقي الكلاسيكي في المجتمع العربي في البلاد.

يقول دعيبس عبود أشقر، مؤسس الجمعية ومديرها العام: "لقد عملنا على  تعليم الموسيقى في المدارس على آلات النفخ، مثل: الكلارينيت، الناي الجانبية، البوق، سكسافون. وتحملت الجمعية جلّ كلفة التعليم. ومن هذا البرنامج انبثقت فرقتا آلات النفخ: الفرقة الكلاسيكية وفرقة الجاز".

ويضيف عبود: "لقد كان أحد أهداف هذه البرامج هو اكتشاف مواهب وتطويرها. وباعتزاز يمكنني القول أن هنالك اليوم، ونتيجة هذا النشاط، أسماءً مبشرة بمستقبل لامع في عالم الموسيقى الكلاسيكية وبالذات في العزف على آلات النفخ."

المجال الهام الآخر الذي تعمل فيه جمعية أورفيوس هو كشف طلاب المدارس على الانتاج الكلاسيكي، حيث يتم تنظيم كونسرتات، يشاهدها، سنويًا، 1000 طالب على الأقل، وأحيانًا أكثر. وفي هذا الصدد يقول عبود "لقد لمسنا أن هنالك تعطشًا لهذه الموسيقى بين الأجيال الصاعدة، ومجرد الانكشاف لهذه الموسيقى هو خطوة نحو تعميق الاهتمام بها والانطلاق لانجازات شخصية لدى الطلاب الموهوبين".   

بالإضافة لذلك تقوم جمعية أورفيوس بجلب الموسيقى الكلاسيكية إلى الجمهور العربي، في الناصرة بالأساس، وكذلك في مناطق تواجد المواطنين العرب: اللد، حيفا، يافا، معلوت- ترشيحا. حيث يتم سنويًا تنظيم ما بين 10-12 عرضًا. وهكذا في السنوات الاربع الماضية تم تنظيم حوالي 50 كونسيرت بمشاركة آلاف العرب واليهود.

يعتبر دعيبس عبود أن نشاط الجمعية في تعريف العرب على الموسيقى الكلاسيكية هو بمثابة مهمة حضارية من الدرجة الأولى. "إن مخاطبة الغرب، بمكانته الحضارية المتقدمة، يجب أن يتم من خلال الاهتمام بجوهر هذه الثقافة، وخاصة بأهم جوانبها، ألا وهي الموسيقى الكلاسيكية". وهنا يوضّح عبود: "الموسيقى الكلاسيكية ليست وحدة مغلقة بل هي بناء موسيقي نجد به تعددية حضارية مترامية الأطراف، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يدخل في هذا البناء الموسيقى الألمانية والروسية والفرنسية والإيطالية، والقائمة طويلة جدًا ومن جهة أخرى فهي لا تقتصر على الغرب، فهناك موسيقى كلاسيكية يابانية وصينية وهندية وبرازيلية وأرجنتيتية وغيرها". ومن أجل توضيح فكرته يتحدث عبود عن الاهتمام الهائل الذي تبديه دولة عظمى مثل الصين، ذات الرصيد الموسيقي والثقافي العريق، بهذه الموسيقى باعتبارها المدخل لمواجهة التحديات الحضارية والاجتماعية والاقتصادية العميقة التي يطرحها العصر على مجتمعاتنا.

تأتي الذكرى العاشرة لتأسيس أورفيوس في ظروف صعبة، فبالإضافة إلى الموقف السلبي والمتجاهل التي تنتهجه وزارة الثقافة بقيادتها اليمينة تجاه الجمعيات الثقافية العربية، فإن حجم التبرعات التي تحصل عليها الجمعية في تراجع، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية في العالم.

عن ذلك يقول دعيبس: "هذه الظروف تضعنا أمام تحدٍ كبير، فهنالك طاقات هائلة بين طلابنا وشبابنا، وتقليص نشاطنا يعني التنازل ضمنًا عن هذه الطاقات". برأي عبود، أن قضية اكساب الاجيال الشابة الثقافة الموسيقية ورعاية المواهب، يجب ان تصبح هاجس المجتمع كله، وليس مجموعة من النشيطين، لأن المشروع يخص شكل مجتمعنا ووجهته الحضارية.