تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رواية عدنية شبلي. " تفصيل ثانوي"
بقلم : المحامي علي احمد حيدر عبلين
عن دار الادآب؛ بيروت 2017. عدد الصفحات 127.
لقد انهيت للتو قراءة رواية الكاتبة عدنية شبلي الجديدة؛" تفصيل ثانوي".
الرواية تحكي قصة فتاة فلسطينية تٌؤسر وتغتصب وتقتل وتدفن في صحراء النقب من قبل جنود اسرائيليون في آب 1949؛ الى جانب معسكر يخيم به ظابط وكتيبة عسكرية من جنوده. يقام المعسكر هناك للاشتباه بأنه ممر "للمتسللين". بعد اكثر من خمسة عقود؛ وعلى اثر قراءة مقالة في الصحيفة لصحفي اسرائيلي حول الجريمة؛ تنطلق فتاه فلسطينية تسكن في رام الله؛ في رحلة صوب النقب ساعية الى كشف ملابسات حادثة القتل التي جرت في المعسكر مستعينة بتفاصيل ثانوية شتى؛ ولكن قبل ان تصل الفتاة الى النقب تتوجه الى متحف تاريخ الجيش في يافا ومن ثم مستوطنة "نيريم" في النقب متزودة بخرائط متعددة لفلسطين قبل عام 1948 وخرائط تعكس الواقع الراهن؛ بالاضافة الى الشهادات والادلة والمعلومات التي تجمعها الفتاة من مصادر اسرائيلية؛ تُخفق في عدم محاورة امراءة فلسطينة عجوز؛ أقلتها في سيارتها؛ قد تكون تعرف الحقيقة؛ وعندما تقرر اقتفاء اثرها والاقتراب من معسكر للجيش تنتهي الرواية " فجأة، يغمرني ما يشبه الحريق الحاد في يدي ثم صدري، يليه اصوات اطلاق نار بعيدة".
عمل روائي فظيع ومدهش وهادف. يتعاطى مع مرحلتين زمنيتين بشكل متتالي؛ تقع في مركزه النكبة وتبعاتها على الشعب الفلسطيني من تشتيت واحتلال واضطهاد وقتل وتزوير للتاريخ وتهويد للحيز ومعاناة مستمرة. كما انها؛ تحذر من اهمال التاريخ الشفوي؛ وعدم الاكتفاء بأرشيف ومتاحف الاحتلال.
الكتاب عبارة عن جزئين الجزء الاول( آب 1949) يتقدم ببطئ؛ وقد قسم الى فقرات؛ وغلب عليه الوصف الدقيق؛ وتزويد القارئ بالتفاصيل الصغيرة جدا؛ وتحتل الصحراء مكانه مهمة مما يستدعي كتابات ابراهيم الكوني صاحب "اللغة السحرية" بحسب درويش والذي كتب كثيرا عن الصحراء او كتاب السيرة الذاتية لمحمد اسد "في الطريق الى مكة" والذي يمعن في وصف السفر في الصحراء. اما الجزء الثاني وهو عبارة عن مونولوج( تسترسل الكاتبة وتكون الفقرة عددة صفحات الشيء الذي يذكر بجوزية ساراماغو )؛ هذا الجزء مليء بالفاعلية والحيوية والواقعية ومحاولة التفسير والتأمل والتأويل والمغامرة والمجازفة والنقد( سواء نقد الذات او نقد المحتل).
الرواية تتعامل مع قضايا الخوف والمقاومة والحرية والتأريخ والبحث عن الحقيقة؛ والانقسام الفلسطيني والذاكرة والمرأه الفلسطينية؛ طبيعة العلاقة بين القامع والمقموع ومساوئ اتفاق اوسلو والجدار والحواجز والتفتيش والاهانة وطبيعة الوضع الاجتماعي والسياسي في الضفة وغزة. بالاضافة الى ذلك تعالج الرواية مسألة الارض والانسان والجغرافيا وتحولاتهما.
الزمان والمكان وتحولاتهما والعلاقة بين الاجيال وربط الماضي بالحاضر تيمات مركزية بالرواية. والحفر بالمفهومي الفوكياني من إجل الوصول الى الحقيقة والمساهمة في حضور الخطاب المغيب يعتبر التزاما ثقافيا.
كتاب رشيق وانيق وشيق؛ كل الاحترام للكاتبة التي نجحت في الربط بين القدرة المعرفية والتجربة المعاشة وترجمتهما بصياغة ادبية راقيه من اجل ايصال مقولات سياسية واخلاقية وجمالية وفكرية والتأثير على الواقع.
لا يمكن ايفاء الرواية حقها في هذا الاطار.
الكتاب متوفر في متجر فتوش الثقافي في حيفا.