X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
21/10/2020 - 12:19:01 pm
رياض الريّس الصحافيّ الغاضب في مرايا  ثلاثة  شعراء . سمير حاجّ

رياض الريّس الصحافيّ الغاضب في مرايا  ثلاثة  شعراء .

سمير حاجّ

في مِحْراب الصّحافة  المسمّاة الحرب الناعمة  ، حجرٌ منقوشةٌ عليه صَرْخَةُ  " أكْتُبُ إليكم

بِغضبٍ "  ، و " كيف تقولُ لا في عصر نَعَمْ " ، هذه  الثنائيّة هي أيقونة  رياض نجيب الريّس ،  الصحافيّ المُخَضْرم ، خرّيج الجامعات  الأنكلو سكسونية   أو ( راء  نون راء ) ، كما أسماه  صديقه  الكاتب الفلسطينيّ جبرا إبراهيم جبرا.

مُثَقّفٌ  وصحافيّ ناجحٌ ،  لهُ دورٌ بارزٌ  في تحريك المَشهَد  الثقافيّ العربيّ  وتَنْويره ،  بتأسيسه بين 1988-1995   مجلة  "الناقد " ،  بالاشتراك مع أنسي الحاجّ وزكريا تامر .  "الناقد " الفاعلة في النّقد  والأدب ، حرّضت وبحثت عن الكاتب الديناميّ ،  المشحون بالفكر التَنويريّ  الهادم للأسوار  ، المُزَحزح الصّخرة عن باب القبر ،   لكنّها لم تعٍشْ سوى سبع سنوات ،  كما توخّى مؤسّسوها  ، فقد ودّعت قرّاءها وكتّابها في عددها الأخير (حزيران/ يونيو 1995 ) بهذه العبارة  " كلّ الأشياء الجميلة لا بُدَّ لَها من نهاية . و " الناقد " واحدة من هذه الأشياء الجميلة ".  لقد حملت"  الناقد " راية التجريب  والتجديد برُؤى شابّة  متعدّدة ،  فاحتضنت  الأقلام    

المسكونة بالتغيير ، الغاضبة المُشاكسة للفكر الثابت  والمُدَجّن . ولسماع صَوت ،  وَرَسم  صورة الصحافيّ  رياض نجيب الريّس ،  يكفي قراءة المانيفستو  الغاضب الذي افتتح به " الناقد " ع41  في الأوّل من نوفمبر  1991 ، حيْثُ كتب " أكْتُبُ إليكم  بغضب . غضب

جورج أورويل  نفسه ، الذي كتب به روايته  الشهيرة  " 1984" ،  الرواية التي ينبغي لكل عربي قراءتها  ، بأي لغة توفرت ، إذا أراد أن يستخرج العبرة من أحواله اليوم . غضب عربي يقف على أبواب القرن الواحد والعشرين ،  والعالم الذي عرفه ينهار من حوله ويتغير ويتبَدّل ، فلا يحرّك ساكنا ." ويسْترسلُ في المقالة  بحدّة وتذمّر من الواقع العربيّ  " يا ويلنا من التاريخ وهزئه . في الجاهلية الأولى ، كان  الناس يصنعون آلهتهم  من التمر ويقدسونها  ويعبدونها،   فإذا بخلت السماء بالمطر وأجدبت الأرض انقضوا على تلك الآلهة وأكلوها ... في الجاهلية

الجديدة ، صنع الناس آلهتهم من الحجر والشعارات المهيبة.. كل الأصنام تتحطم إلا أصنامنا

.  كل الأسوار تنهار إلا أسوارنا". هذا العُنوان التقويضيّ والبنّاء معًا ، شكّل عتبة كتابه الصادر عام 1996 .  أسلوب رياض الريّس الصحافيّ مسكون بروح فرانز كافكا  الهائجة ، المنحوتة في قوله  " على الكتاب أن يكون كالفأس التي تُحطّم البحر المُتَجَمّد في داخلنا ، هذا ما أظنّه  " .

" ثلاثة شُعراء وصحافيّ " (1996 ) الممهور بالإهداء "إلى ذكرى الشعراء الثلاثة : جبرا ،يوسف ، وتوفيق  تحية صحافيّ لصداقة لن يُعاد  مثلها " ،والحامل رسائلهم إليه  في زمن موسوم ب "عصر الصداقات الحميمة "  ووفق توصيف الريّس " وثيقة أدبيّة طريفة لمجالس الأدباء في زمان بيروت المُضيء ". إنّهُ  عُربون محبّة ووفاء ،  لصداقته للراحلين قبله ، جبرا إبراهيم جبرا ويوسف الخال وتوفيق صايغ ،  إبّان  جَدَل  المثقّفين والصخب الأكاديميّ في خمسينيات وستينيات  القرن الماضيّ  ، حين كان الريّس  طالبا  في جامعة كيمبردج  وتوفيق صايغ مُحاضرًا  فيها ، وقد أشغل  الريّس رئيس تحرير  مجلة  The Arab Review وهي مجلة فصلية بالإنكليزية  كانت تصدر  عن " اتحاد  الطلاب  العرب  في المملكة المتحدة وإيرلندا بين عامي 1959و 1961 ، وكانت هيئة التحرير من أنيس صايغ ، طاهر كنعان ، عبد الرحمن الساعي ، وهيب الشاعر ، فؤاد قطان .

هذا الكتاب  بحواشيه وإحالاته ومحموله الفكريّ ،  سيرة أشخاص وأمكنة ،وأطلس  ثقافيّ   في الشّعر والنشر،  وخارطة لتجارب ومغامرات الريّس الصحافيّة  والأدبية  ، من بداية الستينيات إلى أواسط السبعينيات ، قُبَيل اندلاع الحرب  اللبنانية ، وكذلك أرشفة لمغامرات الريّس  في الصّحافة والنشر ، في لندن بدءا من تأسيس جريدة "المنار" من 28/11/977- 1/7/1978 ، التي تُعتبر أوّل جريدة عربيّة في أوروبا ، وإصدارمجلة  "الناقد " وتأسيس  "شركة رياض الريّس للكتب والنشر " عام1987 . هذه الرسائل  العابقة برائحة الحبر  من أيام خَلَت ، والمتعثّرة  بالبوسطة ، مشحونة بتفاؤل المثقفين العرب آنذاك ، وبأحلامهم في تغيير العالم .وكما

يعرّف الريّس هويّته آنذاك  " وهكذا عندما صدرت مجلة " شعر " في شتاء 1957 كنت تلميذا في كيمبردج ، وكنت شابا مهووسًا بالكتابة والشعر والأدب والفنون ، ومراهقا مسيسا غير حزبي ، " ناصري " السياسة ،" اشتراكي " الميول " تقدمي " الفكر " ليبرالي " النزعة " ديمقراطي " التوجه . كان العصر عصر جمال عبد الناصر وعصر تأميم القناة ...وكنت من جيل ذلك العصر " (ص188 )  

جبرا إبراهيم جبرا

كانت تربط جبرا بالريّس صداقة متينة . يرسم جبرا برسائله ومن منظوره  ، شخصية  رياض الريّس فكرًا وسلوكًا ، بأنّه  آمن بالإنسان العربيّ وبحريّته ورفع القهر عنه ، ووسم غضبه

 " الغضب الجميل "، وهو " المُحارب القديم وصاحب الضحكة المُجَلجلة " .  كتب الريّس

الشعر أثناء دراسته في لندن ،  فأصدر عام 1962 مجموعته الشعرية  "موت الآخرين " ، التي قدّم لها  جبرا ، بينما رفض  يوسف الخال إصدارها  في مجلة "شعر " لأنّه لم يعترف بشاعرية الريّس  . وأسلوب الريّس في رسالة له إلى جبرا  من تاريخ 4/1/1990   مكحّل بروح الدُعابة والمرح  ،  إذ يذيّل رسالته "" طمئني عن لميعة مع تحياتي وأشواقي لها ، ولقبيلة آل جبرا بأولادها وأحفادها وبطونها  وأفخاذها ". وفي  رسالة تعزية بوفاة لميعة  من تاريخ  1/2/1992  يبوح بغربته وشتاته  " لم أكتب إليك منذ وقت  طويل لأنني مشرد منذ أكثر من سنتين بين عائلتي في لندن ، ومجلتي في قبرص ، وسكني في بيروت .والحديث في هذا الموضوع ينتظر لقاءنا .شتات .شتات .شتات !!!".(ص155 )

 

توفيق صايغ والكتابة بالحبر الأحمر

تبوح رسالتا الريّس إلى توفيق صايغ من تاريخ 25/2/1959  و2/11/1961  بإعجابه بشعره وبالذات ديوانه " ثلاثون قصيدة "، وصايغ هو الذي شجّع الريّس على كتابة الشعر .كما يصرّح بمحبّته له وقلقه عليه،  من هاجس الانتحار الذي رافقه .فقد تعرّف إليه في كيمبردج العام 1956 " كنت تلميذا هناك ، وكان هو أستاذًا ومتسكعًا دائما بين الكليات والمكتبات

 والمقاهي ". ويقول :  " سألته على أمل أن نلتقي - ما هي مشاريعك للويك إند ؟ أجاب بمنتهى

 الهدوء واللامبالاة  : سأنتحر ". ذهلت وصدقته . وأمضيت ثلاثة أيام  محاولا الاتصال به عبثا ، لعلي أثنيه عن عزمه على الانتحار .ولم أجده ، ولم ينتحر " ( ص 244 ) وكان توفيق يكتب رسائله إليه بالحبر الأحمر . عمل الريّس سكرتيرًا حواليّ سنة لمجلة " حوار" التي أصدرها توفيق صايغ في بيروت عام 1962 ، والتي تعرّض فيها توفيق صايغ إلى هجوم ونقد لاسع ، فهاجر إثرها إلى بيركلي حيثُ توفي هناك . ويدافع الريّس عنه " وحكاية توفيق صايغ و " حوار " حكاية معركة من أشرس المعارك الفكرية التي عرفتها  الصحافة الأدبية في العالم العربي ." (ص248 ) .

 

يوسف الخال يطلب غَليونًا

رغم معارضة يوسف الخال  إصدار مجموعة الريّس الشعرية عن دار "شعر " ، إلّا أنّه نشر له قصيدة  "الليل في الرواق المرنح " في عدد خريف 1962 ،لكنّ اللقاء بين رياض الريّس وأسرة "شعر" بدأ قبل عام 1960 .وتوطّدت العلاقة  بينهما بتعليل  يوسف الخال "إنّ السبب في ذلك يعود إلى روح رياض المرحة ،وإلى طبعه الاجتماعيّ الذي يحبّ الاختلاط بالناس وإقامة صلات ودية معهم .وفوق ذلك بفضل نذير العظمة ،أحد شعراء المجلة ،الذي كان أستاذا للعربية في مدرسة برمانا العالية حيث كان رياض من تلامذتها " ، وكان رياض الريّس آخر الذين دخلوا " شعر" . وحين اصدر الريّس جريدة " المنار" في لندن ، تولّى يوسف الخال إدارة القسم الثقافي فيها من بيروت . في رسالة من يوسف الخال بتاريخ  20/1/1978 إلى الريّس في لندن ،يطلب منه غليونًا مثل غليون جبرا إبراهيم جبرا " أشكرك على " الروزنامة " الرائعة . بدي منك شي آخر ، وهو غليون مثل غليون جبرا إبراهيم جبرا ، أي له عقدة فضة في وسطه ومعكوف ، كذلك دخان لأنّه مقطوع هنا كذلك Pouch "  على ذوقك ".

يبقى  رياض الريّس علامة بارزة في المشهد الصّحافيّ العربيّ  التنويريّ ، وأُنموذجًا للناشر المثقّف  القارئ ،  المتورّط في مُتعة قراءة الشّعر ونشره ، كما كتب  في رسالة له إلى جبرا من لندن بتاريخ  4/1/1990 " تمنيت لو بقيت شاعرا فاشلًا وصغيرًا غارقًا بنرجسيتي كمعظم الشعراء ، بدل من أن أصبح عاشقا شاذا لألف شاعر بالعربية .ما الذي ورطني بكل هذا الشعر يا جبرا ؟"




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت