كتاب الضحية

كتب المحامي: علي احمد حيدر 

صدر حديثا جدا كتاب الدكتور رامي أبو شهاب، من الأردن والذي حمل عنوان:" كتاب الضحية: آداب الصدمة( التراوما)، الصيغة~الأثر~الامتداد". إصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2024. يشتمل الكتاب على 215 صفحة ويحتوي على مقدمة وتوطئة وأربعة فصول تتفرع من كل واحد منها عدة محاور كما يحتوي الكتاب على قائمة غنية من المصادر والمراجع.

يفتتح المؤلف مقدمة كتابه بفقرة جميلة وعميقة وحكيمة حيث يقول:" تتحدد قيمة الأدب عبر قدرته على أن يثير وعي الأسئلة التي تتصل بالتجربة الإنسانية، ومن هنا تتأتى قيمة الذاكرة بوصفها ذاكرة لغوية تختزن الصور التي تنتج عن التجربة كي تعيد تموضعها في سياق التاريخ؛ ولهذا يمكن النظر إلى الكتاب على أنه نتاج محاولة رصد ما يمكن أن نطلق عليه ذاكرة الصدمة، وتجلياتها في الوعي عبر اللغة".

يتأمل الكتاب في محاورة الصدمة عبر مقاربة تعتمد المفهوم، والمرجعيات المعرفية. ويسعى الكتاب من خلال محور نظري إلى تكوين مفاهمية أدب الصدمة ومرجعياتها انطلاقا من تنظيرات كاثي روث وسيغموند فريد...

يبحث الكتاب تعالق الصدمة مع الخطاب عبر واجهة الأدب ضمن السياق العربي، من خلال ثلاث توجهات أو نماذج، وفيها التجربة الفلسطينية في المقدمة من خلال نصوص متعددة وفي مركزها مجموعة "أثر الفراشة" لمحمود درويش التي تختزل معنى الاستعادة لظاهرة الصدمة على مستوى التعريف والتفسير.

أما التجربة الثانية فتأتي على أثر الغزو الأمريكي للعراق عبر رواية" فرانكشتاين في بغداد" والتي يختبر المؤلف من خلالها الوعي الإمبريالي، وتقاطعه مع العنف والألم والصدمة، ولا سيما في السياق ما بعد الكولونيالي.

أما التجربة الثالثة فتأتي في سياق الربيع العربي وتداعياته كما تختزنه الثورة السورية من خلال معاينة رواية "الخائفون" لديمة ونوس ولكن قبل ذلك يقتفي أثر مشاعر الخوف من خلال أعمال محمد الماغوط.

مركز الكتاب هو " دراسات الصدمة" في تشكله المبدئي القائم على الدراسات النفسية، ولكنها تتقاطع مع الدراسات الثقافية والنسوية وخطاب ما بعد الكولونيالية...

كتاب عميق ومحفز، جذاب ويثير أسئلة جديدة ويسلط الضوء على موضوعات لم تبحث كثيرا حتى الآن، وخصوصا أن الضحية والصدمة كانتا حكرا على مجموعات معينة.

الكتاب متوفر في مكتبة كل شيء الحيفاوية.