X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
10/11/2013 - 01:50:51 pm
في حضرة الحكيم...
حنّا نور الحاجّ

[اجتمعنا في الثامن من ثاني التشرينَيْن، في عيد ميلاد الصديق الحبيب الطبيب الدكتور جبّور جريس خوري (8.11.1957-20.5.2013)، في احتفاليّة مصغَّرة نظّمها "نادي المحبّة" العبلّينيّ، في مقرّ "جوقة الكروان" التي أحبّها  الحبيب جبّور. في تلك الاحتفاليّة كان ثمّة مزيج من غناء وشجن وطرائف ومواقف. لبضع دقائق لم تتجاوز الأربع، كان لي أن أتحدّث عن هذا الرجل الاستثنائيّ الذي صار بعضًا من حياتنا]...

 

قبل بضعة أيّام، يومَ السبت الفائت (2.11.2013)، كتبتُ على صفحتي الفيسبوكيّة (وعذرًا... ما اعتدتُ أن أقتبس كلامًا كتبتُه، غير أنّي اضطُررتُ إلى ذاك اضطرارًا):

 

"يا صديقي...

في الغيابْ،

تَحْضر أنت فيغيب الغيابْ.

 

ما أنت بغائب.

 

الغارقُ في حزنٍ بالغ

الغارقُ في حزنٍ غالب

الغارقُ في حزنٍ بالغٍ غالب

هو هو الغائب.

لستَ بغائب.

 

أشتاق إليك دون ضجيج.

أتألّم دونما شكوى.

أحزن بلا دموع.

 

سَكينةٌ أنت...

صبرٌ أنت وفرَح..."

 

وكان واضحًا للأصدقاء الفيسبوكيّين أنّ الصديق المخاطَب هو توأم الروح: جبّور، ولا سيّما أنّ قدّاس وجنّاز نصف السنة لرحيله كان في يوم السبت ذاك نفسه.

* * * * *

وقبل ثلاثة أيّام، وصلتني عبر الفيسبوك رسالة من خرّيجة مدرستنا (مدرسة مار إلياس الثانويّة -عبلّين)، طالبتِنا العزيزة آيات خالد قسّوم التي درست الطبّ في الأردنّ ثلاث سنوات، وتتابعُ في هذا العام دراسة الموضوع نفسه للسنة الرابعة حاليًّا في كلّيّة صفد التابعةِ لجامعة بار إيلان. تقول صديقتنا طبيبةُ المستقبَل آيات قسّوم في رسالتها:

 

"محاضِرة الثامنة والربع، الطبيبة ذات الشعر الأشقر، تدخل قاعة التدريس في كلية الطب التابعة لجامعة بار-ايلان... تبدأ المحاضرة، وتُعرّفنا بداية على طاقم قسم التصوير بالأساليب الحديثة، الطبّ النوويّ (רפואה גרעינית). حدّثتْنا أنّ الطاقم تقلّص وأنّ أحد الأطبّاء ما عاد موجودًا وإيّاهم"...

وتتابعُ العزيزة آيات تخاطبني في الرسالة نفسها: "ها هو الغائب الحاضر... رحمة الله عليه. وددتُ أن أشارككَ بحدثِ اليوم، وليزيد يقينُك أنّه خالد الذكرى لا محالة".

وكتبتُ لآيات ردًّا مقتضبًا مُحِبًّا: "أشكركِ جزيلاً، أيّتها العزيزة آيات. كمِثْلِكِ كلماتُكِ نبلاً وصدقًا وبهاء. دومًا نتمنّى لك اﻷفضل واﻷجمل".

وأضيف هنا إلى ردّي ذاك كلامًا يَسْكنني ويُسَكّن بعض جراحي: "لكِ يا آيات، ولكلّ أحبّائنا الخرّيجين المثابرين الطمّاحين... لكم جميعًا صادق تمنّياتنا ألاّ يضيع أيُّ جهد تبذلون، وأن تخدموا شعبكم كما خدمه دكتورنا الغالي جبّور. تَخدِمون فتَعْظُمون".

* * * * *

ما اجتمعنا هنا كي ننتحب. اجتمعنا كي نستذكر فنستحضر.

لا ينبغي لنا أن نتهيّب أو نتردّد في التحدّث عن جبّور.

الحديث عنه كالحديث معه؛ لا يُمَلّ.

الحديث عن جبّور يثير عطشًا وشوقًا، لكنّه يروي ويعطّر المكان والزمان.

الحديث عن جبّور عَبرة وعِبرة.

الحديث عن جبّور دمعٌ وابتسام.

الحديث عن جبّور نار ونور...

 

نحن اليوم لا نُحْيي ذكرى جبّور؛ فذكراه تنبض حياةً، وذِكْرُهُ عطْر وفخْر.

نحن في نادي المحبّة لا نحتفل بذكرى ميلاد جبّور كي نبكي. لا وقت للبكاء. بكينا كثيرًا؛ لكنِ البكاء -رغم ما قد يحمل من مقاديرَ هائلةٍ منَ الحبّ والوفاء- البكاءُ والنحيب والتحسّر كلُّها ليست جدولَ عمل. جبّور لم يترك لنا وصيّة مكتوبة ولا ملفوظة، إلاّ أنّنا نعرفُ جميعًا وصيّتَه دون أن يكون هو قد تلفّظ بها...

وصيّته أن نسير ونتقدّم، مثلما هو سار وتقدّم.

وصيّته أن نعمل ونعمل، كمثله هو.

وصيّته أن نَفرح ونُفرِح، كفعله هو.

وصيّته أن نخدم ولا نهدم، مثلما هو فَعَل.

وصيّته أن نحبَّ كلَّ بهيّ نقيّ، كما أحبّ هو.

وصيّته أن نعيش... أن نحيا. أن نبارك الحياة.

وما نقوم به الآن هنا، في مقرّ جوقة الكروان ومعها، هو فعلُ حياة. والغناء الكروانيّ، ككلّ غناء جميل، الغناء الكروانيُّ حياة، فعلُ حياة. تعبيرٌ عن حياة. من كوكبة من الكروانيّين الأعزّاء سنستمع إلى بعض ما أحبّ جبّور من غناء وأحببنا نحن...

 

حنّا نور الحاجّ

8.11.2013




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت