حين تقتل الملائكة...

هناك أخبار تسمعها ولا يمكنك أن تمر عنها دون أن تتخيل أحداثها وتسترجع وقائعها وتتصورها تحدث أمامك. تقشعر لها الأبدان وتتقزز من لاانسانية الإنسان. فكيف يعقل أن يقوم أب بتكتيف أولاده وسحب سكينه الغادرة وغرسها في بدنهم الغض. كيف يمكن أن نتصور بان هناك من يقتل الطيبة والبراءة والنقاء العظيم الكامن بين عيونهم؟ مهما تكن الأسباب. اهو خلاف بين الزوجين أو طلاق حافل بالمشاكل واللحظات العصيبة والأزمات التي لا تتوقف بين الزوجين فلا توجد أية مشكلة في العالم يمكنها أن تكون مبررا لارتكاب فظاعة يشيب من هولها الولدان... مهما كانت التفاصيل فان الحدث أكثر ترويعا من أي تصور قد يخطر ببالنا.

افتح الراديو فأسمع المذيع يتحدث عن والد في واحدة من القرى الزراعية أو التعاونية يقوم بتكتيف وقتل طفليه، بنت وولد، في عمر الورد ورائحة الأمل. طفلين حضرا إلى البلاد من الولايات المتحدة ليقضيا معه أيام الإجازة فصارت جنازة. بينه وبين والدتهما، طليقته، المقيمة والعاملة هناك بعيدا قصة مركبة ومناوشات لا تتوقف والعديد من التوجهات للشرطة في السابق بسبب استخدام العنف لكن البربرية والشراسة والهمجية في الإمساك بسكين حاد النصل لتقطيعهما أشلاء فان هذا أمر لا يمكن لعقل أن يتصوره.

لا تجعلوا رسل الملائكة على الأرض سفراء للوجع والدم. لا تجعلوا من براءتهم أوراقا اسفنجية تمتص دم الأطفال النقي الذي يجب أن يكون مقدسا كضحكاتهم وعيونهم التي لا تعرف الشر ولا الضغينة ولا الأحقاد.

هناك من يقول إن بعض الأعمال الإجرامية وأعمال القتل يمكنك التكهن بها وتوقع ارتكابها سلفا بسبب الظروف الخاصة التي تكتنف الحدث، لكن لا يمكنك في أية حال من الأحوال أن يخطر ببالك الاعتداء بصورة وحشية قاتلة على فلذات الأكباد.

من ترعرع في كنف أشعار توفيق زياد القائل: "وأعطي نصف عمري لمن يجعل طفلا باكيا يضحك" لا يستطيع أن يفهم ما يحصل في هذه الحالات.

ومؤسف فعلا أن تقع حوادث عديدة بحق الأطفال مثل الغرق والدهس والقتل وخاصة في شهر كان في مطلعه احتفال باليوم العالمي للطفل.