X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
18/06/2014 - 10:12:05 pm
بوركتَ يا شعب مصر بقلم سميح غنادري

مبروك لمصر إنتصارها الانتخابي العظيم. مبروك للأمة العربية جمعاء. ومبروك لفلسطين. مصر بتاريخها العريق، بجغرافيتها، بتعداد سكانها، باقتصادها وبجيشها وبوزنها القومي والوطني... اذا ما انهزمت تنهزم الأمة وإذا ما انتصرت تنتصر الامة.

لم تكن تلك انتخابات مصرية داخلية محلية فقط وإنما كانت انتخابات لأمة بأسرها. وتعدت حدود فوز مرشح ما في اية انتخابات قطرية لدولة ما. ليس السيسي هو الذي فاز وانتصر، وإنما انتخبتْ مصرُ مصرَ، ونصرت مصرُ مصرَ، فانتصرت الامة من المحيط الهادر الى الخليج الثائر لبّيك عبد الناصر – مبروك عودة الاغنية الوطنية لساحات الميادين المصرية.

الشعب يستعيد ثورته...

لم ينحاز الشعب المصري العظيم لصالح السيسي، وإنما انحاز لذاته، لمصره، ولتحرره من الاخوان ولعروبته ولأوطانها جمعاء. السيسي كان العنوان والمشير الذي لبّى نداء الشعب: "وجيشاه..."، فهب القائد لإنقاذ عروس وصخرة عروبتنا المخطوفة من قبل غربان الظلام المتلحفين الملتحين زوراً باسم الدين. وفكَّ أسر الوطن من أذرع أخطبوط ومن بين فكّيْ وأسنان تنين، وحرر مصر التي أحبها فغمره نيلها – شعبها بفائض المحبة، بفائض الاصوات.

لا توجد ولم تنوجد في الماضي انتخابات ديمقراطية في دول العالم اجمع يفوز فيها المرشح ب 97% من الاصوات. ولم نرَ ولم نسمع في حياتنا عن انتخابات يقرع فيها الناخبون / الناخبات، وهم في طوابير الانتظار، الدفوف ويرقصون ويغنون ويهتفون ويزغرتون وتفيض مآقيهم بدموع الفرح. عرس هذا ام استحقاق انتحابي؟ لا هذا ولا ذاك. وإنما هذا هو التحدي والتصدي والانتفاضة الانتخابية لنساء (نعم، النساء اولاً!) ولرجال مصر لاستعادة ثورتهم ووطنهم. هذا هو الرد الجماهيري العفري المواجه والمقاوم، على كل من روّع الناس وهددهم بعمليات الارهاب وتفجير مناطق ومواقع الاقتراع.

لا يفعل هذا إلا شعباً جثمت على صدره – وطنه - عصابة خطفت ثورته وكادت تقضي على انفاسه. لا، لم ينتخب الشعب بل هبّ، انتفض، ثار لاستعادة ثورته وربيع عربي جرت خرفنته. استعاد الشعب سيادته فاستعاد وطنه. ولم ينتصر المشير، الوطن هو الذي انتصر. انتصر الحلم باستعادة دولة جرى فهرها واختطافها، وبثورة جرى الانقلاب "الاخواني" عليها، وبنهضة قومية ديمقراطية وثقافية واقتصادية واجتماعية وتنويرية طال انتظارها، منذ ان جرى وضع " 99% من اوراق اللعب في يد امريكا".

مائة بالمائة من "اوراق الجد" بايدي الشعب. هذا ما وعاه شعب مصر في ثورتي 25 كانون ثاني 2012 و 30 حزيران 2013. هذا ما صنعه الشعب الجيش والجيش الشعب. اسقط المصريون في انتخاباتهم المخطط الامريكي الغربي بالتساوق مع التركي والقطري والعربي الرجعي والاخونجي الاسلاموي، لشرق اوسط جديد ولفوضى خلاقة تعيد تقسيم المقسم وتجزيء المجزء. وتمس بالهوية القومية العروبية والوطنية الجامعة للامة جمعاء. وتفكك الوطن والشعب الواحد وتشرذم نسيجه الاجتماعي الجامع الى شيع وطوائف وقبائل وعشائر تطيّف (من طائفة) وتحزب (من حزب) الدين والانتماءات الاجتماعية، وتفتعل الصراعات والعداوات بين مسلم ومسيحي ورجل وامراة ومدني وقروي وجيش وشعب، وشباب وشيوخ...

مصر، بمكانتها وبتاريخها وبجغرافيتها وتعداد سكانها، وبوزنها العربي الاقليمي والافريقي والإسلامي الحنيف، كانت البوابة والعقبة والمحك لتمرير "الفوضى الخلاقة" (اقرأوا الهدامة) لشرق اوسط جديد. كان يراد لها ما قد حصل وحاصل في السودان وليبيا واليمن وتونس وسوريا والعراق. اختطفوا الربيع العربي المنشود وأحالوه الى خريف ممقوت.

مصر، بإنتخاباتها، أعادت الربيع لذاتها ولنا، وعادت هي وبنا إلى بعدنا العروبي الاقليمي الشرق اوسطي والافريقي والى مخاطبة امريكا واوروبا والعالم اجمع بكرامة وعلى قاعدة ومن منطلق مصلحتنا القومية والوطنية الجامعة اولاً.

نبني مصر... نعمّر الوطن

كم من ثوره أصبحت ثورة مضادة. وكم من هبّة استحالت إلى ردّة. وكم من "مؤامرة" حين فشلت عادت إلينا بألف لبوس ولبوس. أوضاع مصر الداخلية، وخصوصاً الاقتصادية السيئة ومسائل التنمية والفساد وأزمات البطالة والفقر ومعاناة فلاحيها وعمالها وطبقتها الوسطى والإسكان والصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، والإتجار بالدين والارهاب، وأصحاب المصالح الذين على استعداد لبيع مصلحة الوطن لصالح مصلحتهم...الخ، بإمكانها أن تفشل أي مشروع عمراني وتقدمي واصلاحي منشود، ان لم يتصدَ لها ويحلها قادة الثورة الدولة والدولة الثورة بالبناء المنشود وبالحزم المطلوب.

يجثو على صدر القيادة المصرية الجديدة هرم من المشاكل. وتتربص بها وبالبلد مستنقعات من العداوات والمؤامرات الداخلية والخارجية. وحتى بعض الدول العربية الرجعية الداعمة لها تمويلاً واستثماراً لها أجندات غير تلك التي تنشدها مصر في استعادة ربيعها. وللتخلص من كل هذا يجب اولاً التخلص من التبعية للهيمنة الامريكية والغربية عموماً على مسار مصر السياسي والاقتصادي، وبناء مصر لعلاقاتها مع دول العالم على اساس مصلحتها ومصلحة العرب اولاً.

منح القيادة المصرية 97% من الأصوات يعني منحها قدراً كبيراً وثقيلاً من المسؤولية تفوق عظمة الحدود المتعارف عليها. نأمل ان يعي السيسي عظم هذه المسؤولية، وهو أثبت حتى الآن أنه يعيها. ونأمل أن يعي الشعب المصري، وأثبت حتى الآن انه يعي، أن مشروع الثورة والإعتصامات والميادين و"الشعب يريد..."يجب ان يصبح مشروع بناء وتعمير لدولة الثورة وتحقيق اهدافها بانحياز واضح للمصالح القومية والوطنية والتنموية للجماهير الشعبية، وبأتباع الديمقراطية الجماهيرية أداة ونهجاً، وبالفصل بين السلطات، وبناء مؤسسات الدولة الحديثة والمجتمع المدني. وهذا كله يتطلب إقامة أوسع حكومة تحالفية بمشاركة حقيقية لمختلف أحزاب وتيارات مصر الوطنية والتقدمية عدا عن القوى المستقلة واللامتحزّبة، بمن فيها من خبراء وعملاء ومهنيين ومثقفين وتقنوقراطيين.

حين تعطس مصر تصاب عروبتنا بالزكام وبالذبحة الصدرية. وحين تقف على رجليها تنتصب هاماتنا، من المحيط الى الخليج، وتطاول السماء عزة قومية وكرامة وطنية. "نبني مصر...نعّمر الوطن"_ هذا هو شعورنا نحن المتشرذمين أيدي "غرب" في دولنا الشرقية السايكوسبيكية. فإبنِ يا مصر ذاتك حتى تعمرين ونعمر بك ومعك نحن.... كل العرب.

 

فليسقط حكم المرشد

الشعب المصري بمختلف أحزابه وأطره ومنظمات مجتمعه المدني والوطنية، على اختلاف مشاربها الحزبية السياسية من قومية وناصرية واشتراكية ويسارية وديمقراطية وكذلك المستقلة اللامحزبة، ورغم الاختلافات فيما بينها، شاركت في الانتخابات. لكن بقي المشارك الاكبر حزب اللاحزبيين ... "حزب" المرأة و"حزب" المستقلين.

وحدهم "الاخوان" المتأسلمون نادوا بمقاطعة الانتخابات. وكان مفتي وامام الاخوان القرضاوي اياه قد "افتى" ايام مرسي ان ذهاب الشباب المسلم للجهاد في سوريا، لا في فسطين ولتحرير الاقصى، واجب حلال زلال. بل ناشد امريكا واوروبا ان تساهم في معركة "الجهاد المقدس" هذه بضربة عسكرية ماحقة ساحقة لسوريا الوطن.

ما من مكان في الفكر الاخونجي الاسلاموي لا للقومية ولا للوطن ولا للديمقراطية وللوحدة الوطنية. اذا ما بدر منهم احيانا عكس ذلك يكون ذاك من باب التقية والحيطة الى حين ان يستقووا فيتمكنوا ويهيمنوا ويؤسلموا الوطن ويحيلونه الى امارة إخوانية يقبض على خناقها شلة مرشدين (مضللين) يكون امرهم شورى فيما بينهم فقط لاغتصاب الوطن ومؤسساته. "طز في مصر" – نطق (نتق) مرشدهم. وافتى سابقوه ان عبد الناصر هو اسوأ وارذل خلق الله اجمعين وحاولوا اغتياله. وابلت قوات الاخوان – عصاباته – الضارية في التخريب والتفجير والترهيب حتى بحق جنود وقوات امن الوطن وحراسه وجامعاته ومؤسساته القضائية، اثر ثوره 30 يونيو.

"فليسقط حكم المرشد" – هكذا هتفت الجماهير في ميادين الثورة الثانية في حزيران 2013. هي لم تطالب بإسقاط المهرج التابع مرسي، وانما طالبت بإزالة اساس الداء والبلاء. وحين لبى الجيش نداء وتفويض الشعب له لاستعادة ثورة يناير 2012 التي خطفها "الاخوان" وانقلبوا عليها، قام هؤلاء بنعت عملية تحرير مصر من مغتصبيها بالانقلاب العسكري.

انقلاب عسكري...؟!

نذكر انه عندما لبى الجيش نفسه نداء الشعب نفسه في ميدان التحرير نفسه ورفض قمع ثورة يناير، ونسّق سرا مع امريكا لإقالة – استقالة – حسني مبارك، هتف "الاخوان" والشعب عموما "الجيش والشعب ايد واحده"، مشيدين بمسؤوليته الوطنية.

عن أي انقلاب عسكري يتشدق المتأسلمون، ويتبعهم بعض وقلة من ادعياء القومية والليبرالية والديمقراطية من "مفكرين" ووسائل اعلام تمتحن الزنى بالكلام واستبدال المبادئ والقيم بتلون يفوق تلون جلد الحرباء؟ من حق الشعب ان يتمرد وان يعلن عصيانه المدني وان يثور لإسقاط نظام خانة وتنكر لما وعد به حتى لو كان ذاك النظام وصل للحكم بشرعية انتخابية. ومن واجب الجيش، اذا كان وطنيا، ان يحمي انتفاضة الشعب.

25 مليون انسان مصري وقعّوا على عرائض تطالب باستقالة حكم المرشد وباجراء انتخابات مبكرة. 30 مليون ملأوا ميادين وشوارع كل المدن والريف المصري مطالبين بهذا. أي ثلث مصر نزلت للميادين، بل ثلثاها من اصحاب حق الاقتراع. علما بان الاطفال والاولاد لا يعتصمون في الميادين.

لبى الجيش نداء وتفويض الشعب لأنه جيش وطني، ولأنه أراد تجنيب مصر حرباً اهلية طاحنة وإحالة ميادينها الى برك دماء نازفة. فعل الجيش هذا فقط بعد رفض حكم المرشد مطلب الشعب والجيش بإجراء انتخابات مبكرة. ولو لم يتحرك الجيش لإنقاذ الوطن لكف عن كونه جيشا وطنيا.

انقلاب عسكري إيه اللي جايين انتوا تقولوا عليه؟ هذا اول "انقلاب عسكري" (؟!) في التاريخ البشري يجري بتفويض بحر الشعب بعشرات ملايينه. ولا يقوم فيه الجيش بإعلان الاحكام العرفية وبتنصيب وزير الدفاع رئيسا والجنرالات وزراء. بل يسلم الجيش رئاسة الجمهورية لرئيس المحكمة الدستورية العليا ويعيّن هذا رئيس حكومة مؤلفة من وزراء مدنيين، ولفترة حكم انتقالية مؤقتة تعقبها انتخابات ديمقراطية.

هذا اول "انقلاب عسكري" (؟!) لا يلغي الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وانما يناشدها زيادة فعاليتها الاجتماعية والسياسية لإنقاذ الثورة والوطن وتعزيز الديمقراطية الجماهيرية. وهذا اول "انقلاب" (؟!) يعد وينفذ خارطة طريق لضمان سلطة وحكم الشعب مدنياً: وضع دستور مدني هو الافضل والارقى ديمقراطيا ومدنيا في تاريخ مصر، واجراء انتخابات لرئاسة الجمهورية بحرية وديمقراطية لم تشهدها مصر في اية انتخابات سابقة في تاريخها، وستتبعها انتخابات برلمانية قادمة.

الضمان والامان...

بلغت نسبة الاقتراع 47,45% واقترع 25,578,223 ناخباً. فاز السيسي ب 96,91% من الاصوات وحصل حمدين صباحي على 3,09%. هذه ارقام ونسب تقارب جدا ارقام ونسب نتائج الجولة الثانية في الانتخابات الاسبق بين مرسي واحمد شفيق من ناحية تعداد المقترعين. رغم ان يومها كان التنافس حادا واستقطابياً ولم تكن النتيجة محسومة مسبقاً، ولم يدع احد يومها لمقاطعة الانتخابات، وشابها فيض من التزوير وشراء الذمم واقحام الدين والقسم على القرآن لابتزاز الاصوات.

انتخب الشعب المصري رئيسه في انتخابات حرة نزيهة وفق المواصفات العالمية والدستور الديمقراطي المحلي. اشرف على اللجان الانتخابية 16 الف قاض، وراقبتها وفود 800 هيئة من مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، بما فيها الامريكية وبعثات الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية، عداك عن المصرية.

اجمع المراقبون، في تقاريرهم، على نزاهة الانتخابات. وحين اورد بعضهم ملاحظات نقدية بخصوص مخالفات وحتى خروقات نادرة حدثت، اكدوا ان تلك لم تكن انتهاكات ولم تؤثر على النتائج وأوردوا ذكرها من باب تجويد ديمقراطية الانتخابات، ومثلها يحدث في انتخابات اعرق الدول ديمقراطيا وتاريخا وخبرة انتخابية. علما ايضا ان المخالفات حدثت في بعض اللجان من اصل 14 الف لجنة انتخابية.

ولكن، من وجهة نظري، الاكثر ديمقراطية في هذه الانتخابات هو فحوى الخطاب الذي يخاطب فيه الناخبون العاديون البسطاء والمثقفون والمفكرون وقادة المنظمات الجماهيرية... رئيسهم الذي انتخبوه. اليكم بعض غيض من فيض ذاك الخطاب: اياك ان تغريك السلطة ويدوخك النجاح. لقد فوضناك لتنفيذ ما نريده وكنتَ قد وعدتَ به. اياك ثم اياك من حلمنا واملنا وما تعهدتَ به. وما دمتَ مع مصر و"غلابتها" لن ننزل للميادين لنقول لك ... انزل ... تنحّى ... ارحل. لكن اذا ما تعارضت ممارساتك مع مصلحة الوطن سننحاز للوطن. انت عندنا ليس اغلى من الوطن!

هذا هو الضمان والامان لمصر ولمستقبلها، ولنا عربا كنا اينما كنا. هذه هي الزغروتة التي تشهّينا لسماعها منذ الف عام. زغرتن يا نساء مصر، واجعلوا خبطة قدمكم يا رجالها على الارض هدارة. بوركت يا شعب مصر، ومبروكة لنا مصر!




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت