X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
02/07/2023 - 05:28:59 am
الشاعر الأديب: وهيب نديم وهبة الْجنّةُ مسرحةُ الْقصيدةِ الْعربيّةِ

الشاعر الأديب:
وهيب نديم وهبة
الْجنّةُ *
مسرحةُ الْقصيدةِ الْعربيّةِ

-49-


لحظةَ شقَّ النّورُ الْبواباتِ وعبرَ إلى داخلِ النّفسِ... اتّسعَتْ دائرةُ النّورِ وهيمنَ الطّريقُ منَ الْبدايةِ حتّى منتصفِ الْجنّةِ... الطّريقُ خيطٌ منْ سحابِ نورٍ... تسيرُ فوقَها كما يسيرُ الْمؤمنُ فوقَ الْماءِ... 
قلْتُ: عادَ منْ سفرتِهِ الْغيبيّةِ... يسيرُ... يسيرُ فوقِ النّارِ والنّورِ منْ منتصفِ مملكةِ الْجنّةِ حتّى حدودِ النّهايةِ - الْعالمِ- 

هذِهِ الْأرضُ الْمنبسطةُ الْآنَ أمامَ عينيْكَ.. تقتربُ منْكَ كما يقتربُ السّهمُ منَ الْقوسِ والنّبتةُ منَ الْجذرِ والرّيحُ منَ الْعاصفةِ فتكونُ أنتَ الْأرضَ وأنتَ الْعاطفةَ الّتي تحضنُ مملكةَ الْأبديّةِ - الْجنّةِ – 
-50-
كانَ معي... أخذَ الرّيحَ في صندوقِ الْفرحِ الْكبيرِ... وأخذَ عنّي عناءَ الرّحلةِ... أعرفُ أنّهُ يأتي بعدَ غيبةٍ... 
كيفَ يأتي... أنتَ كوعاءٍ منْ زجاجٍ يخزّنُ بداخلِهِ الرّوحَ... هوَ الْمالكُ والملكُ في الْغيابِ والْحضورِ... يأتي... 
ترتفعُ في وسطِ الْجنّةِ الْمنارةُ... يعصفُ ويقصفُ الْوميضُ... يحملُ صندوقَ الْفرحِ الْكبيرِ إلى أعلى الْمنارةِ...
يفتحُ الصّندوقَ فينتشرُ الْأزرقُ بينَ الْأبيضِ... الْعمائمُ فوقَ جماجمِ الْغيمِ... يتدحرجُ الْفرحُ الْأسطوريُّ الْخالدُ منْ أعلى الْمنارةِ فوقَ أرضِ الْجنّةِ بروحِ الْقادمِ الْآتي... نهايةُ الْعذابِ... خلاصُ الْجسدِ الْوهميِّ منَ الْخطايا... جسدُكَ الْآنَ والْفرحُ كتلةٌ كاملةٌ منْ معدنِ الرّوحِ... 
هوَ يأتي الْآنَ بعدَ غيبةٍ ويسيرُ معي... 
-51-
يحملُ في الْيدِ الْيمنى الضّياءَ وفي الْيسرى الْعتمةَ... 
يجتازُ مكانَ السّالكينَ الْقابضينَ على كتبِ الدّينِ بالرّوحِ والدّمِ ويصعدُ حاجزَ الْعبورِ ويمضي... 
همْ لا يستحقّونَ الْآنَ إلّا الضّياءَ ويأخذُ معَهُ الْعتمةَ... أقفزُ منْ أعلى السّورِ... كانَ معي ظلّي يرافقُ جسدًا منْ ضياءٍ... لهذا أبصرْتُ طريقي... أبصرْتُ الْمالكَ في قمّةِ السّماواتِ حاضرًا، ناظرًا، على الشّفةِ واللّسانِ... 
قلْتُ: "أفرّجُ كربي!" 

مملكةٌ منَ الْعذابِ قلبي... ما ابْتسمَ لي قدري... ما صنعَتْ أصابعي إلا الطيّبةَ... لمْ أرثْ ملكًا... جاهًا... مالًا... لمْ آكلْ سوى الرّزقِ الْحلالِ... 
قالَ: "لا تتمُّ الدّنيا الْفانيةُ لمؤمنٍ"...   "لا تدومُ
 سعادةٌ لإنسانٍ"...   "الْأرضُ  امتحانُ  الْخالقِ
 للْمخلوقِ"... 
وكلُّ الْأرضِ وما عليْها متاعُ الزّوالِ، والنّعمةُ هيَ الْجنّةُ هيَ هذهِ الْقفزةُ منْ سورِ الدّنيا إلى الدّورِ الثّاني لخلاصِ الْأفعالِ. الْقسمُ الْأوّلُ في الدّورِ الْأوّلِ تمّ فيهِ إصلاحُ النّفسِ وتطهيرُ الرّوحِ... وتنقيةُ الْأبدانِ... 

قالَ: "حاولْ أنْ تصمتَ ولا تسألْ سوفَ تبصرُ عجبَ الْعجابِ، سوفَ تحدّثُ نفسَكَ لماذا وليسَ دائمًا سوفَ يأتيكَ الْجوابُ."

نحنُ هنا نرفعُ عنْ عينيْكَ الْعتمةَ... الْعقلُ منارةُ الْفكرِ والْإيمانِ، ليكنْ عقلُكَ حاضرًا وفكرُكَ متّقدًا وحضورُكَ شفّافًا كيْ نعبرَ منْ وسطِ الْجنّةِ حتّى بدايةِ نارِ الْجحيمِ.
-52-
أخذَ حفنةَ رملٍ وبعثرَها... فَحَمَلَها الرّيحُ وسوَّاها مدينةً... منْ صفاءِ الْبلّورِ أصفى... منْ نقاءِ الْماسِ أنقى... منَ الْبقاءِ، أبقى. هذا الْوجود الْأبديُّ مخلوقٌ منْ حفنةِ رملٍ...

انحسرَ الْماءُ الْآنَ... تكوّنَتِ الْيابسةُ قطعةً منَ الرّمالِ... فوقَها بيوتٌ مشيّدةٌ... مشهدٌ منْ قصورِ الرّخامِ المشرّعةِ، الْفاتحةِ أبوابَها... الْعاليةِ أصواتُها... منْ نشيدِ الشّخوصِ تعالَتْ...  
:  "تباركَ  اللهُ  تعالى  بما  وهبَ  الْقاطنينَ  خلف 
السّورِ..."

الْماءُ يجري يختلطُ بالتّرابِ... دورةُ الْخلقِ... الْمواليدُ الْقادمةُ تستنشقُ هواءَ الْجنّةِ منْ طيبِها تهجرُ طبائعَ الشّرِّ ويبقى الْبلّورُ... صفاءُ ضياءِ النّفسِ ساكنةُ الْمكانِ... هنا لا تدخلُ الْقلبَ الضّغينةُ... والسّاكنُ يتحكّمُ بالنّارِ...
 
الْماءُ يجري بجانبِ النّارِ... والْحكمةُ تُجالسُ الْعقيدةَ... والْمدينةُ لا تعرفُ الصّوتَ إلّا عندَ الصّلاةِ... 
قلْتُ: "متى يتحدّثونَ... يتسامرونَ... يتغزّلونَ بتغريدِ الطّيرِ وجمالِ الشّجرِ وسرِّ الرّوحِ وبهجةِ النّفسِ وضياءِ الْعقلِ في لمعانِ فكرِ الْوجودِ..." 

قالَ: "حينَ يسكتُ كلُّ شيءٍ يتكلّمُ الصّمتُ... يسكتُ الْمعدنُ عنِ الرّنينِ والآلةُ عنِ الْحركةِ والطّبيعةُ عنِ الضّوضاءِ... والنّاسُ عنِ الضّجيجِ... والْأسلاكُ عنْ بثِّ الْأثيرِ... والْقلمُ عنِ كتابةِ الْمحظورِ... والْأرضُ عنِ الْجاذبيّةِ..."

عندَها تقومُ الْمدينةُ... تنهضُ... يتبعثرُ الرّملُ الْمتراكمُ وتخرجُ الْمدينةُ... راقيةً... للهِ صاغرةً... مؤمنةً مطيعةً... يعيشُ منْ يعيشُ فيها دونَ شائبةٍ... دونَ نائبةٍ... يشربونَ منْ كأسِ الْإيمانِ... ويأكلونَ منْ فاكهةِ الْجنّةِ...
 
يسمعونَ موسيقى أصواتِ الصّلاةِ... يدخلونَ 
في ثيابِ الْعبادةِ... كلُّهمْ في زيّهمْ ملائكةُ بشرٍ... يجمعُهمْ الصّوتُ في نشيدِ الْآتي... في شهدِ الْمشاهدةِ... الْآتي هنا الْأجملُ. 
-53-
الْآتي... الْآتي وأنتَ في الْوسطِ، ما بينَ بزوغِ الشّمسِ وزخّاتِ الْمطرِ، يسقطُ الْأبيضُ، يسقطُ فوقَ مرآةِ الْمدينةِ. يرتطمُ بجدارِ الضّوءِ، يتكسّرُ، يتحلّلُ، يتلوّنُ... يتلوّنُ بالْأحمرِ، بالْأزرقِ، بالْأخضرِ، بالْأصفرِ، يرتسمُ فوقَ الْمداخلِ.

هيَ الْمدينةُ تفتحُ الْآنَ أبوابَها، تخلعُ عنْها أثوابَها الْفانيةَ، ترتدي أثوابَها الْخالدةَ. 
الْجسدُ ثوبُ الرّوحِ، والرّوحُ ثوبُها وثوابُها فضاءُ الْمكانِ. 

اختارَتْ ملكوتُ السّماءِ أنْ تكونَ الْمدينةُ مدينةَ الْفرحِ، وأنْ يدخلَ الْعبادُ الصَالحونَ مساكنَ الْمودّةِ، مزارعَ الْمحبّةِ، حقولَ الْعبادةِ، عنْ طريقِ الْبهجةِ. وخطواتُ السّرورِ تكونُ... أولى الْخطواتِ في معرفةِ الْمكانِ.
أعمدةٌ منْ صلواتِ الرّيحِ في معابدِ الرّوحِ، قلاعٌ منْ بقاعِ الْأرضِ حجارتُها، بنيانُها، مسالكُ طرقاتِها، أدراجُها، ومنَ الصّلصالِ خواصُّها، منْ أريجِ الزّهرِ أحواضُها... معلّقةٌ مثلَ أصواتِهمِ الْعاليةِ الْآتيةِ منْ ركنٍ منْ أركانِ الْملكوتِ.
 
ينزلونَ بهاماتِهمْ منْ قمّةِ الصّلاةِ، إلى كائناتِ الْأرضِ، تواضعَ الْقمرِ إلى النّجمِ، سكونَ الْعاصفةِ إلى الرّيحِ. 
يبنونَ مدينتَهمْ منْ شفافيةِ انْكسارِ الضّوءِ فوقَ مرآةِ الْمدينةِ... 
وأخطو... أخطو معَهُ إلى الْأمامِ. 
-54-
الْأرضُ تلكَ الْعشبيّةُ تحتَ قدميْكَ... 
تسيرُ بكَ منْ قبضةِ الْمالكِ إلى جنّةِ الْملكِ... هيَ الْمنتظرةُ، الصّابرةُ، الْقادرةُ على تحويلِ الذّهبِ إلى معدنٍ... وتحويلِ الْمكانِ إلى قطعةٍ منَ السّماءِ انْفصلَتْ عنْها ذاتَ زمنٍ كيْ يأتيَ الْعبادُ الْمخلصونَ للهِ إلى النّعيمِ الْأبديِّ... والْأرضُ صابرةٌ، محتملةٌ، حاملةٌ عبءَ الْأبرارِ... تدفعُهمْ نحوَها بحنوِّها وصفاءِ قلبِها وترعاهُمُ بمحبّةٍ خالصةٍ كيْ يصلوا إليْها منَ الْغربةِ... منَ الْمنافي... منْ مشارقِ الْأرضِ ومغاربِها...

النّفسُ   دونَ   الْجنّةِ   غريبةٌ   تعيشُ   الْغربةَ...
 والْجسدُ فَانٍ والرُّوحُ تعيشُ في الْمنافي... ومشارقِ الْأرضِ ومغاربِها... اخْطُ معي نحوَ الْأمامِ... نحوَ الْجنّةِ... أمامَكَ أرضٌ منبسطةٌ عشبيّةٌ تحتَ قدميْكَ.
الجنة - مسرحة القصيدة العربية.
ترقيم النصوص وفق النص الأصلي. 
صدرت الطبعة الخامسة 2023 - دار الربيع للنشر والتوزيع – القاهرة – مصر.
 الترجمة إلى اللغة الإنجليزية - حسن حجازي حسن




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت