X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
29/09/2012 - 02:38:33 am
آل الصيقلي جوني منصور

يقول مؤلف الكتاب الدكتور رؤوف أبو جابر في مقدمة كتابه الذي يحمل العنوان"آل الصيقلي، انتماء أصيل في شمال فلسطين" والصادر في عمان في نيسان 2012،  أن "هذا الكتاب مثله مثل كتب العائلات الأخرى في بلاد الشام يؤرخ لعائلة مرموقة من عائلات بلادنا خلال الأربعمائة سنة الأخيرة من خلال محاولتنا قدر الإمكان الاعتماد على وثائق أصلية ومراجع موثوقة". فالكتاب الذي نحن بصدد عرضه بشكل موجز هو عبارة عن ثمرة جهود مضنية قام بها مؤلفه وعلى مدار سنوات طويلة. والدافع الرئيس الذي حركه لهذه الغاية هو رغبته القوية في تقديم هدية لزوجته "ميراي جبرائيل الصيقلي" المولودة في حيفا لهذه العائلة في العام 1938. هدية جميلة وثمينة، وكسبت المكتبة العربية مؤلفًا يضيف الكثير من المعلومات ليس فقط عن العائلة بل عن المحيط القريب، وخاصة  في قطاعات واسعة من الاقتصاد الفلسطيني قبل العام 1948 وبعده، سواء في حيفا والناصرة وعكا أو في عمان وبيروت وسواها من بلاد الاغتراب كحال الكثير من العائلات الفلسطينية المشردة قسرا وليس طوعا عن موطنها الأصلي فلسطين.

يرجع المؤلف أصل العائلة إلى مهاجر روسي وصل إلى الأراضي المقدسة في فلسطين في الربع الأخير من القرن السابع عشر واسمه جرمانوس، وحط رحاله في القدس ثم في الناصرة فحيفا وعكا. ولقب بـ "الصيقلي" لأنه كان يعمل في صقل السيوف وادوات الحرب التقليدية. وهذا ما يفند بعض الادعاءات والفرضيات الأخرى في ان اصل العائلة من جزيرة صقلية جنوبي ايطاليا.

وكسب بعض أفراد العائلة مكانة اجتماعية وسياسية مرموقة في عصور مختلفة مرت على فلسطين والمنطقة، ومن بينها  احد قادة جيش الشيخ ظاهر العمر الزيداني واسمه يعقوب الصيقلي. ويعقوب هذا أنقذ احمد باشا الجزار واخرجه من بيروت وعاد به إلى الجليل حيث انقلب على الشيخ ظاهر وشارك في تدبير مكيدة لقتله وتخليص الدولة العثمانية منه في عام 1775.

واشترى بعض افراد من هذه العائلة أراض في سخنين وجولس ويركا والكابري وابو سنان، حتى أن أحدهم اقام بيتا له في جولس وكان مكرما معززا وسط أهله من بني معروف الذين بكوا يوم وفاته وتجنيزه في مقبرة عكا.

ولعبوا دورا مهما في الشأن التجاري في عكا أولا عندما كانت عكا في أوج مجدها وعزها سواء في عهد الجزار أو من بعده. ولكن التحول حصل بعد دخول الجيش المصري إلى فلسطين بقيادة ابراهيم باشا ابن محمد علي باشا والي مصر، حيث بدأت تشهد مدينة عكا تراجعا في مكانتها ودورها في مختلف الميادين، بما فيها النشاط التجاري، وذلك لصالح حيفا.

في الوقت نفسه تزعم فرع العائلة في الناصرة مخترة الطائفة الارثوذكسية وكان على رأسهم خليل الصيقلي، إلا أن خليل هذا أدرك ان المستقبل الزاهر سيكون لحيفا، فترك الناصرة مخلفا مخترة الطائفة لآل قعوار. ووصل إلى حيفا.

وهكذا ازداد عدد آل الصيقلي في حيفا، ونشطوا في التجارة، خاصة تجارة الحبوب التي بدأت ترد إلى حيفا من حوران في أعقاب توسيع الميناء القديم الذي كان قائما إلى الجهة الشرقية من المدينة، بالقرب من موقع سكة حديد الحجاز. وساهم أفراد من آل الصيقلي في تصدير الحبوب ومواد أخرى بما فيها الزيوت والصابون من مدن وقرى فلسطين إلى بلاد اوروبا على متن سفن يونانية وروسية وغيرها.

ولما اتسعت تجارة آل الصيقلي وكونوا ثروة كبيرة بيدهم، تولى خليل زعامة الطائفة الارثوذكسية في حيفا، وساهم مع آخرين من العائلة في بناء كنيسة مار الياس الارثوذكسية(الكنيسة القديمة) وذلك قبل أن ينقضي النصف الأول من القرن التاسع عشر. وقبور آل الصيقلي خلف الكنيسة وما عليها من نقش تشكل تاريخا للعائلة وللكنيسة أيضا.

 ولما زارت ماري روجرز شقيقة قنصل بريطانيا في حيفا فلسطين، وأمضت فترة من الزمن في حيفا، تعرفت إلى أفراد من آل الصيقلي، وقدمت في كتابها"الحياة المحلية في فلسطين"وصفا تفصيليا للبيت الكبيربحجمه وبروزه عن سائر بيوت حيفا داخل الأسوار الذي بناه الصياقلة في البلدة القديمة(تم هدمه في العام 1948). كما أنها قدمت وصفا لطبيعة حياة المدينة الناشئة ومجتمعها من فقير وثري، والفوارق الاجتماعية والاقتصادية التي طغت عليه. ولا شك في أن وصفها وفر معلومات جيدة لا بأس بها عن العائلة.

فرع آخر من العائلة هاجر إلى امريكا وجنى بعض الأرباح، ولما عاد بعض من أبناءه بدأوا بالعمل في قطاع دور السينما والافلام في حيفا وعكا. وبدا واضحا أنهم لم يصمدوا في وجه المنافسة اليهودية القوية والناشطة في قطاع الافلام، فتنازلوا عن حيفا ونقلوا دور العرض إلى الناصرة ثم بعد العام 1948 إلى عمان حيث واصلوا لفترة طويلة.

واعتمد مؤلف الكتاب على مصادر شتى، من بينها بل في مقدمتها ما سمعه من شهادات أبناء العائلة، وما حصل عليه من مخطوط لتاريخ العائلة بقلم قسطندي بن اسعد الصيقلي والذي غطى فترة زمنية طويلة من تاريخ العائلة حتى العام 1926، وهو العام الذي وضع فيه المخطوط. كما أن المؤلف اعتمد على وثائق أصلية ومصادر تاريخية منشورة عالجت الفترة الزمنية الممتدة من حكم الشيخ ظاهر العمر وحتى العام 1948 تحديدا.

ولم يتوقف المؤلف عند الحدث الجلل بل الخطير أي النكبة وما حل من مصيبة وكارثة على عموم الشعب الفلسطيني، وعلى عائلة الصيقلي حصريا والتي فقدت كل ما كانت تملكه، والذي جمعته بشق الأنفس على مدار مئات السنين، إنما تابع مسيرة نضال وكفاح هذه العائلة من اجل بقاءها ووجودها. فعائلة الصيقلي بعد النكبة والخسارة الكبيرة التي أصابتها في الصميم تابعت نشاطها أو بدأت به من جديد في عمان وغيرها من مدائن اللجوء في العالم العربي والغربي، حتى تمكنت العائلة من العودة إلى وجه الصدارة في ريادة قطاعات اجتماعية واقتصادية وثقافية.

ويعترف الدكتور ابو جابر أن هناك حاجة ماسة إلى مزيد من البحوث المعمقة حول تاريخ ونمو وانتشار هذه العائلة وغيرها من العائلات، لكون ما ساهم به ما هو إلا تأسيسي لما سيأتي مستقبلا.

وفخر اهل حيفا بابنة العائلة الدكتورة المؤرخة مي ابراهيم الصيقلي التي تهجرت مع عائلتها في العام 1948، ونشأت بعيدة عن الوطن إلا أن الوطن كان ساكنا فيها بل مستوليا على عقلها وفكرها واحاسيسها. ولما انتسبت إلى جامعة اوكسفورد التحقت بكلية التاريخ لتكتب عن مدينتها حيفا التي تم ترحيلها عنها فكانت دراستها "حيفا العربية" من الدراسات الرصينة عن هذه المدينة، تاركة أثرا بالغا في أروقة الاكاديمية في مختلف جامعات العالم بما طرحته من افكار تدور حول تطور الميدانين الاقتصادي والاجتماعي والتحولات التي عصفت بحيفا ودور أهل المدينة في ذلك في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين.

إن كتاب الدكتور رؤوف أبو جابر إضافة قوية ومساهمة جليلة وكبيرة الفائدة في تعريف القارئ العربي عامة والفلسطيني خاصة على دور ومساهمة عائلة فلسطينية في نموها وتطوير مجتمعها على امتداد فترة زمنية طويلة.

وجدير ذكره هنا أن الدكتور رؤوف أبو جابر المولود في السلط – شرقي الأردن في عام 1925 حائز على درجة الدكتوراة من جامعة اوكسفورد ببريطانيا، وهو أحد كبار رجال الأعمال الناجحين في الأردن. وأشغل منصب رئيس الاتحاد العام العربي للتأمين، والاتحاد الأردني لشركات التأمين. وكان عميدا للسلك القنصلي الفخري وقنصلا عاما فخريا لهولندا في الأردن، ومنح العديد من الأوسمة والشهادات التقديرية. ومعروف عن أبي زياد دفاعه القوي عن القضية الارثوذكسية العربية في مواجهة بطش وسيطرة الاكليروس اليوناني في جمعية القبر المقدس في القدس. وله مساهمات عديدة في الدفاع عن حقوق الطائفة الارثوذكسية العربية، خاصة في مسألة الأوقاف وتنسيب اكليروس عربي في الجمعية المذكورة. وأصدر إلى جانب هذا الكتاب مجموعة من الكتب، منها:"آل قعوار، غساسنة جنوب بلاد الشام"، و "تاريخ شرقي الأردن". 




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت