ما حصل معي في بحر الأسبوع قد يحصل مع كل إنسان.. كنت منهمكاً في العمل وأضررت للذهاب لحل إشكال بين اثنين في المدينة، وبسرعة البرق توجهت لموقف السيارات وركبت السيارة وحاولت إدخال المفتاح لم يدخل.. بدأت التفت يميناً وشمالاً.. أيقنت واستشفيت إنني أخطأت، وبعد لحظات استوعبت انني صعدت الى سيارة نفس نوع ولون سيارتي، واعتذرت فوراً لصاحب السيارة الذي تواجد في المكان ضاحكاً!!

واصلت سفري، وبعد أن استمعت للمشكلة كان لكل واحد منهم توجه وطبع خاص، ومن هنا رسى في ذهني عنواناً للمقال، إن للسيارة مفتاح والدخول الى قلوب البشر يحتاج الى مفتاح، ولكل باب بيت مفتاح، ولكن ليس كل مفتاح يفتح كل قلوب الناس!!، وتبين لي من خلال تلك المشكلة والمعاملة مع الناس، ان المفتاح الأول هو الابتسامة والمفتاح الثاني الصبر والمفتاح الثالث الحكمة، ولكن المفتاح المناسب لفتح قلوب الناس هو معرفة طباعهم، والإصلاح بينهم، وحتى الاستفادة منهم كي تصبح بارعاً بينهم إذا عرفت طباعهم.

وهذا ينطبق على حياتنا، فلو دخلت في قلوب الآخرين في الإصلاح مثلاً بين شخصين عليك ان تفتح باب كل واحد منهما بالمفتاح المناسب.

كما يتعلق الامر بالأسلوب والتوجه للآخرين، فهذه مهارة نكتسبها من الحياة وإدراكنا لحياتنا العملية والتعليمية والاجتماعية، فلكل شخص فينا له عالمه الخاص، ويمتلك مفتاحاً، ولكن من الصعب أن تعرف ما في قلب غيرك ابتداءً، ولكن من السهل أن تشعر به بعد ذلك، لأن مفتاح العقل والقلب يحتاج الى رؤية بعيدة المدى، وحتى في العمل كل مدير ورئيس وموظف له مفتاح.

وبعض الناس تتعلم من طبيعته أنه شديد الحب للمال.. فلا تعجب إذا رأيته يذل نفسه لأرباب الأموال.. يهمل اولاده وبيته لأجل جمعه.. فهذا مفتاح سهل لكشف هذا الشخص، فإذا قررت أن تتعامل معه او تطلب منه شيئاً فضع في نفسك قبل ان تتكلم انه محب للمال.. فحاول ان لا تعارض هذه الطبيعة فيه حتى تحصل على ما تريد منه..

يعجبني بعض الناس الذين يملكون فن اصطياد جميع القلوب.. إن جالس عاطفيين زاد من نسبة عاطفته فأحبوه.. وإن مشى مع فكاهيين مرحين ضحك ومزح وجاملهم فأحبوه، وهم يستطيعون أن يلبوا لكل حالة لبوسها إما بنعيمها وإما بؤسها.

عندما يقع لك موقف جميل مع انسان فإنك تضيف الى سجل ذكرياته ذكرى جميلة عنك، بعبارة أخرى تفتح  لك في قلبه حساباً تودع فيه محبة لك واحتراما.. ثم تتولى بعد ذلك زيادة رصيدك العاطفي أو السحب منه.

من خلال تجربتي في الحياة والتعامل مع الناس، من أجمل مهارات الكلام التي استخدمها مع الآخرين ان يكون المرء منا مبدعاً في تعويد نفسه على اكتشاف صواب الأخرين ومدحهم والثناء به، إذاً عامل البشر على أنهم بشر، لا على أشكالهم  أو أموالهم، أو وظائفهم ومدى احترامه لهم.

اذاً لكل إنسان في هذه الدنيا قلب يملؤه ويجعل له مفتاح بإمكانه ان يشق لأحبته فيه طريق يسكن فيه من يريد، ربما يكون ذاك المقيم في ذاك القلب يستحق ذلك المنزل، وربما لا يستحقه، ومع ذلك قلوب البشر تختلف، فهناك قلب نقي صاف ليس فيه شوائب، وهناك قلب مضيء معبر عن حبه لمن حوله.

ولكن رغم ذلك وللأسف، وهذا موجود بيننا، فهناك قلب يحاول ويسعى لتحقيق رغباته الدنيئة ولا يعرف لصغير رحمة، ولا لكبير احترام، وهناك قلب ينبض بالرعب فيخيف كل من حوله، لا يفهم شعور من حوله ولا يقدر ظروف من يسعدون به.

عزيزي القارئ.. همسه لكل قلب، تذكرت حكمة تقول: " الإنسان لا لحمهُ يؤكل ولا حلوه ما يُلبس.. فماذا فيه غير قلبه وحلاوة لسانه".

لذلك من المهم أن تعرف وتكتشف مفتاح قلبك، وحاول أن يكون ذاك المفتاح من ذهب وفضة ومرصع بالألماس لتكسب قلوب الناس.