بقلم حسين الشاعر – شفاعمرو

كل واحد منا يرى نفسه على الأقل مرة واحدة في اليوم بالمرآة، ويقوم بتسريح شعره "عل الماشي" ثم يسافر إلى العمل أو إلى نزهة، ولكن هل سأل نفسه أسئلة عن أهدافه لهذا اليوم ،ماذا سيعمل؟ وماذا سيقدم للمجتمع ولأهله؟

وهنالك فئة تبدأ بالتفكير منذ الثواني الأولى لاستيقاظه ، يسأل نفسه كم سأتقاضى اليوم، وكم سأربح، ولا سمح الله كيف سأسرق وأعود للبيت.

لماذا لا ننظر لنصف الكأس المليئة وإلى الحياة الجميلة، لماذا لا نفكر كيف نساعد من يحتاج، كم هي جميلة الحياة حينما تجد من يقف بجانبك، كم هي جميلة الحياة عندما تحتضن طفلاً صغيراً، كم هي جميلة الدنيا عندما تجد من يحبك، لا تدع الفرصة تفوتك فالحياة لا تقاس بالأموال الكثيرة فكم من غني عاش محروماً من السعادة ، ومحروما من الأبناء، محروما من الحب و الحنان.

فعش ببساطة تكن غنياً، يسألني الناس يومياً كيف حالك يا حسين؟ أقسم أن إجابتي لا تتبدل:"  راضٍ ومقتنع والحمدلله"، لأنني مقتنع أن الحياة حلوة وأستطيع أن أعمل من الحصرم شراباً حلواً ومن الليمون شراباً حلواً، فتعالوا نقيم أنفسنا.

 قبل أسبوع التقيت برجل أعمال استوقفني عندما أجبته بإجابتي المعهودة بأنني راضٍ ومقتنع. فقال مباشرةً :كم تربح بالشهر؟ قلت له أربح بما يرضيني ويكفيني وانا أعمل موظفاً وشخصياً "مبسوط"، فقال لي أنا اربح 50 الف شيكل  وزوجتي تعمل وتكسب 9 الاف شيكل ولكني غير "مبسوط" قلت له يا سلام، فاقتنع بنصائحي الجمة التي قدمتها له فبات يهاتفني يومياً ويستشيرني في كثير من المسائل.قال لي ذات يوم:إن أحد الأسباب لمأساتنا هي عيوبنا ومنها الغرور والحسد، فنحن نقيم الناس على قدر أموالهم وإمكانياتهم وليس وفقاً لما يتميزون به من سمات إنسانية.أنا أدعوكم من اليوم أن تنظروا في المرآة مرة أخرى وحاولوا أن تقتنعوا بما كتب الله لكم.

وهنالك فئة تحاول ان تصور نفسها بأفضل صورة بشكل تمثيلي وآخرون يقلدون وعلينا أن نكون واقعيين حتى نرضى بالواقع كي نعيش ببساطة .

أعجبتني قصة قرأتها وأحببت أن أشارككم بها بإيجاز: يحـــكى أن ملكاً أعــرج ويرى بعين واحدة ،في أحد الأيام دعا هذا الملك مجموعة فنانين ليرسموا له صورة شخصية بشرط ألاّ تظهر عيوبه في هذه الصورة. فرفض كل الفنانيــن رسم هذه الصورة ! فكيف سيرسمون الملك بعينين وهو لايملك سوى عين واحدة ؟ وكيف يصورونه بقدمين سليمتين وهو أعرج ؟ ولكن وسط هذا الرفض الجماعي فجأة قبل أحد الفنانين أن يرسم الملك وبالفعل رسم صوره جميلة وفي غايــة الروعة

كيف ؟؟ تصور الملك واقفاً وممسكاً ببندقيــــة الصيد (بالطبع كان يغمض إحدى عينيه) ويحني قدمـــه العرجاء الى الوراء، فمر الآلاف من جنبه فلم يشعر أحداً أنه لا يرى إلا بعين واحدة وأنه أعرج.

وهــكذا رسم صورة الملك بلا عيــوب وبكل بساطـة  ليتنا نحاول أن نرسم صوره جيدة عن الآخرين، مهما كانــــــــــــت عيوبهم واضحة فعندما ننقل هذه الصورة للناس نستر الأخطاء. إذ لا يوجد شخص خال من العيوب فلنأخذ الجانب الإيجابي داخل أنفسنا وأنفس الآخرين ونترك السلبي لراحتنا وراحة الآخرين.