X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
13/01/2012 - 06:50:27 pm
المواطنة في دولة الأبارتهايد (وليد ياسين)
موقع الغزال

استكملت اسرائيل، عبر جهازها القضائي الأعلى، هذا الأسبوع، المصادقة على قانون المواطنة الذي يتوجها دولة عنصرية متكاملة الصفات، بل يجعلها أول دولة تشرع تقطيع أوصال العائلات الفلسطينية حصراً، وفصل الآباء/الأمهات عن أولادهم، بشكل عنصري سادي قلما شهد التاريخ مثله، إلا في حقبة أنظمة فاشية ميزت بين دم الآري وغير الآري، وفعلت فعل هذا القانون، بالذات بحق اليهود الذين وبدل أن يتعظوا من تلك المآسي التي أنزلها التمييز العنصري بشعبهم، ذهبوا إلى أبعد من ذلك بتشريع سلسلة متواصلة من القوانين التي تكمل تلك الأنظمة البائدة، لا بل تجعل من إسرائيل دولة الأبارتهايد الوحيدة المتبقية في العالم بعد زوال آخر أنظمة حقبة العنصرية في القارة السوداء.

لقد جاء قانون المواطنة الذي سبق سنه في الكنيست وصادقت عليه الحكومة، وشرعته، هذا الاسبوع (الاربعاء 11.1.2012) لتمزيق المئات من العائلات الفلسطينية المقيمة في وطنها الذي بات يسمى اسرائيل بفعل النكبة. فهذا القانون الذي تهديه اسرائيل للعالم الحر في مطلع العام الجديد، يقضي بمنع الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل من ممارسة حياتهم العائليّة في حال تزوجوا من أبناء شعبهم الفلسطيني وأمتهم العربية سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلّة أو في الدول التي يعتبرها القانون الإسرائيلي "دول معادية" كالعراق وسورية ولبنان وإيران، وقد تطول هذه القائمة لتشمل دولا أخرى في ظل التطورات الحاصلة في العالم العربي، اليوم، حيث يلوح الربيع العربي بقلب أنظمة تخاذلت ووقعت اتفاقيات انفرادية مع اسرائيل، او تربطها بها علاقات اقتصادية وسياسية خفية. ففي حال تشكلت في تلك الدول حكومات ترفض الاعتراف باسرائيل، ستصبح هي ايضاً معادية ويسري القانون على من يتزوج من مواطنيها.

في نظرة عامة إلى التركيبة السياسية للمجتمع الاسرائيلي، وتفشي العنصرية وترسيخها عبر سلسلة من القوانين التي شرعتها حكومات اليمين المتطرف المدعومة من قوى فاشية في توجهها ونهجها، لا يفاجئنا إضافة قانون المواطنة الى سلسلة القوانين العنصرية الطويلة التي تستهدف حصرا المواطنين العرب. ونقول العرب، لأن هذه القوانين لا تسري على أي مهاجر يهودي حتى لو كان أصله من احدى الدول التي تشملها قائمة الدول المعادية. فاليهودي يبقى يهودي، مهما كان منشأه، ومهما كانت فصيلة دمه، أما العربي، صاحب الأرض الشرعي، فيصبح ممنوعاً حتى من اختيار شريك/ة حياته، ما دام متمسكا بوطنه وبأرضه.

شخصياً لم أتوقع من المحكمة العليا الاسرائيلية غير القرار الذي شرعته هذا الأسبوع، فالمحكمة العليا، أيضا، ككل الأجهزة النظامية والقانونية الاسرائيلية، فتحت أبوابها لقضاة معروفين بتوجهاتهم العنصرية المعادية لكل ما هو عربي، ومن بين هؤلاء قضاة وقعوا هذا الأسبوع على القانون العنصري. لقد تدهورت المحكمة العليا وجرفتها رياح العنصرية التي تجتاح الشارع والمؤسسة في اسرائيل، في عهد بات فيه رجل المافيا، صاحب العدد الكبير من ملفات التحقيقات الجنائية، ليبرمان، ممثلا رفيعا لأعلى مناصب الدبلوماسية الاسرائيلية. فالدولة التي تعين فاشيا ينادي ليل نهار بإباحة سفك دماء العرب وطردهم من وطنهم، وزيراً لخارجيتها، لا يتوقع منها حماية حقوق الانسان الأساسية، والتي يعتبر الحق في اختيار شريك الحياة، أحد أركانها الأساسية.

ليس من أمل يرجى في المحكمة العليا الاسرائيلية، التي أرفض منذ أمسكت بالقلم تسميتها بمحكمة العدل، لأنه لا عدالة في مجتمع يعتمد العنصرية مركبا أساسيا في نهجه السياسي، وعلينا الآن، أن نعزز من حربنا ضد هذا النظام العنصري في المؤسسات التي منحت اسرائيل مكانة مرموقة وسمحت لها بالانضمام إلى معاهدات واتفاقيات تنادي بضمان حقوق الانسان، بينما هي، اسرائيل، تخرق ليلا ونهاراً، تلك المعاهدات دون حسيب أو رقيب. يجب التوجه إلى الأمم المتحدة بمذكرة تطالب بسحب توقيع اسرائيل على اتفاقيات حقوق الانسان المختلفة، ومحاسبتها على عدم الالتزام بما وقعت عليه، بل يجب تأليب العالم لسحب الاعتراف بنظام يدعي الديموقراطية والحرية بينما ينهج على أرض الواقع أشد أساليب الأنظمة العنصرية.

لدينا مؤسسات حقوقية وسياسية تملك موارد بشرية ومادية كبيرة تمكنها من مكافحة النظام العنصري على اعلى المنابر الدولية، وهذا هو الوقت لاستغلال هذه الموارد في النضال القانوني، على الحلبة الدولية لاسقاط كافة القوانين العنصرية والزام اسرائيل على الالتزام بمعاهدات حقوق الانسان. فحين يصح المواطن ممنوعا من ممارسة حقه الشرعي والانساني بالزواج ممن يرغب، وحين يجيز القانون فصله عن أحبته، شريك/ة حياته وأولاده، لا يتبقى من ديموقراطية وحرية اسرائيل المزعومة إلا رمادا تذره في عيون العالم الذي تنهج انظمته سلوك العاهرة في صمتها إزاء كل الخروقات التي تقوم بها اسرائيل وفي مقدمتها دوس معاهدة حقوق الانسان تحت جنازير دباباتها وأقدام رجال المافيا الممثلين في حكومتها.

يجب عدم الاكتفاء بالتوجه الى اعلى منبر دولي، الأمم المتحدة، بل، أيضاً، إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، والى الجامعة العربية، وكل منبر يمكنه ممارسة الضغط من أجل تحقيق هذا المطلب الشرعي بعزل اسرائيل عن منظومة العالم الديموقراطي والحر، حتى تلغي كل قوانينها المعادية لحقوق الانسان.

(وليد ياسين)







Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت