X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
12/02/2012 - 03:07:36 pm
الاعتذار له أصول..! بقلم د.رفيق حاج
موقع الغزال
 اننا كأمة عربية لا نميل الى الاعتذار ونعتبر ذلك وهناً وضعفاً وطلباً للمغفرة وهدراً للكرامة وفي أحسن الاحوال نحن لا نرى في ذلك اهمية كبرى للتعامل والتصالح فيما بينناالاعتذار هو التعبير عن الأسف تجاه إساءة مقصودة او غير مقصودة تسببنا بها للآخرين وهدفها تطييب خاطرهم وتأكيد رغبتنا بمواصلة العلاقة معهم رغم ما حدث. يخطئ من يحسب الاعتذار ضعفا او خنوعا بل العكس هو الصحيح- فالاعتذار الصريح والصادق هو سِمة من سِمات الأقوياء والواثقين بانفسهم وهي ميّزة حميده تتحلّى بها المجتمعات المتحضّرة, لكن للإعتذار اصول ينبغي مراعاتها وإلا فقد ينقلب الى اساءة مرتدة قد تكون اشدّ مضضاً من سابقتها. من الاصول التي ينبغي مراعاتها عند وقوع الحاجة للاعتذار هو ان يكون توقيت الاعتذار متاخماً لموعد الاساءة او الضرر او الازعاج الذي سببناه للأخرين, فلا يجوز ان نعتذر عن ذنبٍ اقترفناه بحقهم بعد سنين من حصوله, ففي مثل هذه الحالة يفقد الاعتذار قيمته ودوره في تطييب خاطر من اسأنا اليه وقد لا يخلو احيانا من المهانة والاستهتار به. اذا اردت ان تعتذر فابتعد عن تبرير الاساءه او الهفوة التي قمت بها لأن ذلك ينتقص من جدّية الاعتذار-  كأن تبرّر عدم قدرتك بزيارة مريض يخصّك بانشغالك في قطف الزيتون أو صيد السمك  او أن تبرّر الازعاج التي سبّبته لجارك هو تخمينك بعدم تواجده في البيت.  لقد صدق المثل العربي حين قال "رُبّ عُذرٍ اقبح من ذنب".على الاعتذار ايضا ان يكون صادقا ويحوي عبارات تدلّ على التأسّف الفعلي والاعتراف بالذنب وان يُقال بهدوء ورصانة فعبارة على غرار "اظن انك اسأت فهمي عندما اعتبرت تجاهلي ايّاك كان مقصوداً.. فقد كنت مشغولا بضيوفي الذين أتوا من الخارج..لذا ارجو ألاّ تؤاخذني!" ففي هذه الحالة قمنا باتهام من تجاهلناه بقلة الفهم وبالحساسية الزائده ولم نعترف بخطأنا, لا وبل تركنا لديه الانطباع بأن اصدقاءنا في الخارج اكثر اهمية منه. ان الشروع بعبارة "أنا آسف" هو شرط اساسي في كل حالة اعتذار ولا يجوز ايلاجها في آخر المقوله او حتى في وسطها ومن المفضّل ألاّ نستعمل بدائل لها "كعدم المؤاخذة" او "لا تزعل مني", وينبغي علينا ايضا الاعتراف بالذنب-ان كان ذلك تقصيرا او ازعاجا او غيابا او تأخيرا او استهانة او مسّاً بالشعور وغيرها من الحالات. اذا كنت مضطرا لاعطاء تفسير "لفعلتك" فعليك ان تجعله مقتضبا وصادقا. على الاعتذار ان يكون مباشرا وان يوجّه شخصيا الى الذي أسأنا اليه ولا يجوز ان نعتذر له عن طريق اقربائه او اصدقائه او معارفه.على من يقوم بالاعتذار ان يتأكّد بأن الاساءة للطرف ألآخر لن تتكرّر ثانية وانه قادر على منع حصولها, فماذا يفيد اعتذار من أمر لا سلطة لك عليه كسقوط اوراق اشجارك في ساحة جارك او تطاير غبار الترميمات التي شرعتَ بها على نوافذه او نباح كلبك وانقضاضه على ضيوفه. ان تكرار الاعتذار لنفس الشخص يُفقده اهميته ومصداقيته وقد يُفسّر لدى الطرف المُساء اليه كاستهتار. ممنوع ايضا ان يكون الاعتذار مشروطا كأن تقول "اذا كنت قد تسببت لك في الأذى..فأنا آسف" أو "لو فعلاً كان كلامي جارحا..فأنا اعتذر!" فهذا فيه استعلاء ومراوغة وتشكيك بوجوب الاعتذار.عندما تعتذر عليك ان تتوقّع كل انواع ردود الفعل الممكنة حتى المحرجة منها لدى من وجّهتَ له الاعتذار- فقد يقبل اعتذارك ويسامحك ويصافحك  وقد يثور عليك ويرد عليك بعدوانية ..وقد يعاتبك شاكياَ لائماً..وقد لا يُبدي اي اهتمام باعتذارك. عليك ألاّ تشغل بالك بما سيحدث بعد اعتذارك لأنّك قمت بواجبك تجاهه وأرحت ضميرك والباقي عليه.الاعتذار متواجد في كل الساحات كمكان العمل والسياسة والتجارة والتربية والتعليم والعبادة وفي كل مكان تحتكّ بها البشرية مع بعضها البعض. ومن الاعتذارات التاريخية، اعتذار الامبراطور الروماني هنري الرابع للبابا لأخطاء ارتكبها حيث وقف لمدة ثلاثة ايام حافي القدمين فوق الجليد امام باب الفاتيكان. واعتذرت المانيا بعد الحرب العالمية الثانية، عن محرقة اليهود، ووافقت على دفع تعويضات. أيضا اعتذر الرئيس الأميركي رونالد ريغان لإيران بعد ان أسقطت قوات اميركية طائرة مدنية إيرانية في الخليج. واعتذر البابا جون بولس عن دور الكنيسة الكاثوليكية في تجارة الرقيق في افريقيا. وفي جنوب افريقيا اعتذر الرئيس الجنوب أفريقي السابق دي كليرك، رئيس الحكومة البيضاء العنصرية، عن سنوات التفرقة ضد السود. واعتذر نلسون مانديلا عما لحق بالأبرياء خلال عمليات المقاومة المسلحة التي قام بها السود, واعتذر ايهود براك للعرب عن التمييز الذي مورس ضدهم من قبل حكومات اسرائيل عبر كل الأجيال.كما نوّهت في بداية حديثي, اننا كأمة عربية لا نميل الى الاعتذار ونعتبر ذلك وهناً وضعفاً وطلباً للمغفرة وهدراً للكرامة وفي أحسن الاحوال نحن لا نرى في ذلك اهمية كبرى للتعامل والتصالح فيما بيننا. لم نسمع يوماً بأن قام زعيم او وزير او مفكّر او حتى صحافي عربي بالاعتذار لغيره. لم نتعوّد في صغرنا ان نعتذر لأحد ولم نزاول ذلك في مقاعد الدراسة ولا في ساحات اللعب, وكل ذلك نابع من تفضيل انفسنا على الآخرين وقبيلتنا على سائر القبائل ومذهبنا على سائر المذاهب. نحن نخشى الاعتذار أن يمسّ بمكانتنا وكرامتنا وهيبتنا ونعتبرها سمة الضعيف وكثيرا ما نردد عبارة "من هو فلان..لكي اعتذر له؟". ترزح الامّه العربية في هذه الازمنة تحت وطأة التأخّر وتئنُّ من تراكم الانهزامات وتفاقم الأزمات وترى أغلب العُربان غارقة في همومها وصراع بقائها ولا مزاج لها لتبني قواعد السلوكيات المهذّبة والأتيكيت والاعتذارات واحدة منها.



Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت