X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
20/02/2012 - 03:38:47 pm
القناصل ومراقبة الخارج والداخل بقلم جوني منصور
موقع الغزال

جوني منصور

  • البداية


 

من المعروف أن ممثلي الدول الأجنبية في أي بلد ما سواء كانوا سفراء أو على مستوى قناصل يؤدون خدمات سياسية في اساسها للدول التي يمثلونها. والسؤال في هذا السياق كيف يرتبط هذا الادعاء أو الطرح مع ما سنقدمه عن قناصل الدول الأجنبية المعتمدين في حيفا أو وكلائهم(حيث عرف الواحد منهم في فترة الدولة التركية بـ "وكيل قنسلاتو")؟ الواقع ان حيفا لم تعرف القناصل إلا في فترة الحكم المصري لبلاد الشام على يد ابراهيم ابن محمد علي باشا والي مصر في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر. حيث سمح هذا بوصول القناصل إلى حيفا ممثلين دولهم ومصالحها في بلاد الشام. وكان هناك قناصل في عكا ويافا وطبريا والقدس وغيرها من المدن الفلسطينية المركزية.

  • أفول نجم عكا

وحصل أن بدأت موجة من انتقال القناصل من عكا إلى حيفا في أعقاب مغادرة الحكم المصري لبلاد الشام وبداية أفول نجم عكا، خاصة على الصعيدين الإداري والتجاري. وازداد عدد القناصل في حيفا مع مرور الزمن، فوجد فيها قناصل الدول التالية: بريطانيا وفرنسا والنمسا والدنمارك وسردينيا ولاحقاً قناصل الدول: المانيا وايطاليا والولايات المتحدة الامريكية وروسيا وغيرها.



 

  • تدخل القناصل في الشؤون العامة


 

ولم يقتصر عمل القناصل على تنظيم العلاقات بين الدول التي يمثلونها والدولة العثمانية أو شركات تجارية عاملة في حدود أراضي الدولة العثمانية، إنما تعدى ذلك إلى تدخلهم في قضايا محلية سواء كانت عامة أو خاصة. وتشير المستندات التاريخية وخاصة سجلات المحكمة الشرعية لحيفا أن بعض القناصل كانوا يحضرون جلسات المحاكم الشرعية التي تحاكم رعايا تابعين للدول التي يمثلونها. إن حضورهم هذا دليل على تفعيل ضغط ونفوذ على هيئة المحكمة لتميل إلى إصدار حكم لصالح الشخص التابع للدول الأجنبية أو محمي من طرفها. وفي حالات معينة كان بعض القضاة العثمانيين يرفضون تدخل القنصل أو من ينوب عنه، فما يكون من القنصل إلى أن يقدم شكوى إلى مجلس القضاء أو مباشرة إلى الحكومة المركزية في استبنول مشتكيا هذا القاضي او ذاك بعدم الإذعان له ولمطالبه.

  • هجوم أهالي الطيرة على حيفا


 

وحصل في منتصف القرن التاسع عشر أن قامت مجموعة من اهالي قرية الطيرة المجاورة لحيفا وبرفقتهم عدد من شباب قرى مجاورة بالهجوم على الأحياء الغربية في حيفا. ولم تُسرع السلطات التركية إلى معالجة هذا الأمر، إلا بعد أن تقدم نائب القنصل البريطاني روجرز بشكوى إلى مجلس الإدارة العثماني طالبًا الاجتماع لمعالجة الأمر. وصدر قرار بتوزيع السلاح من قبل البريطانيين على الأهالي لتوفير حماية لهم. وأحضر الانجليز السلاح مباشرة من سفنهم التي كانت راسية في ميناء حيفا وذلك في نهاية شهر أيلول 1855.

إذن، هذا تدخل في أمور أمنية تخصُّ الدولة العثمانية، وما كان ليحدث لولا الفساد الإداري والمالي المستولي على مؤسسات الحكم العثمانية، وترك شؤون البلاد للأجانب ليجولوا ويصولوا كيفما شاؤوا وأينما شاؤوا.

  • نقل الأخبار والجاسوسية


 

وعمل القناصل والموظفين العاملين تحت إمرتهم في جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخبارية وتحركات القيادات المجتمعية من سياسية ودينية واجتماعية وتربوية ونقلها إلى وزارة الخارجية في البلد الأم، ليتم دراستها وتحليلها لوضع سياسات اختراقية في الدولة العثمانية وتسهيل عمليات السيطرة والسطوة الاستعمارية للدول الأجنبية على الدولة العثمانية. وقد يكون الأمر غريبًا على مسامعنا عندما نقرأ ان أحد القناصل قد نقل معلومات عن أعداد الرعاة في حيفا وخارجها ومجموع القطعان التي تتحرك في المنطقة، وقام بتحويلها إلى وزارة الخارجية. وقد يكون اغرب لو عرفنا ان احد القناصل قد أرسل تقريرًا مفصلاً عن طرق جباية الضرائب في الدولة العثمانية، وان السلطات العثمانية لا تقوم بفرض الإصلاحات الضريبية التي نصّت عليها الاصلاحات(التنظيمات) من العام 1856 وما تلاها من قوانين وأنظمة. ويتساءل المرء ما علاقة القناصل بهذه الأمور الداخلية؟ سيكون الجواب في معرفة تفاصيل دقيقة حول الوضع المالي والاقتصادي الحرج الذي تمرّ به الدولة العثمانية وكيف يمكن اقتراح دعم مالي وقروض للدولة العثمانية على يد بنوك وشركات تخصّ هذه الدولة لإغراق الدولة العثمانية بمديونية طائلة ستئن تحت وزرها.

  • السكة تزيد عدد القناصل


 

مع البدء بمد الخط الحديدي الحجازي وخاصة فرعه من مدينة درعا السورية إلى حيفا على الساحل السوري – الفلسطيني، تكثفت عملية انتقال القناصل من عكا إلى حيفا حتى أنه لم يبق أحد منهم فيها. وآنخذ هؤلاء مراكز ومواقع مركزية في حيفا التي بدأت تشهد نموًّا وازدهارًا كبيرين سواء على الصعيد التجاري أو العمراني مما ساهم مساهمة كبيرة في زيادة عدد القناصل الممثلين للدول الأجنبية، وبالتالي إلى زيادة تدخلهم وتعاطيهم في الشأن الخاص والعام للبلد الذي يقيمون فيها كممثلين لدولهم ليس أكثر.

  • الهدايا تفعل فعلها


 

واهتم القناصل بإغداق الهدايا والعطايا للزعماء المحليين من أعيان البلد ورجال دين، وإغداقها عليهم بصورة غير مسبوقة وكان لسان حالهم يؤكد دعمهم لهؤلاء ووقوفهم إلى جانبهم في السرّاء والضرّاء. واعتمد قناصل الدول المختلفة الاسلوب الطائفي في دعم رجال الدين أو أعيان البلد، فدولة النمسا وقفت إلى جانب الرعايا الكاثوليك بذريعة انها دولة كاثوليكية وتحمي الكاثوليك في أرجاء الدولة العثمانية أسوة بفرنسا التي ترى نفسها في الموقع نفسه. وحظي رجال الدين الكاثوليك ورهبانهم (القصد هنا اللاتين والروم الكاثوليك) بهدايا مميزة، بما فيها أدوات وأغراض دينية كأثواب وأقمشة. ومن القناصل من كان يوزع الأوسمة والميداليات على الأعيان ووجهاء البلد ورجال الدين ليكسبوهم إلى جانبهم ويؤثروا على طوائفهم وجماعاتهم وينقلوا الأخبار إلى القنصل أو إلى أحد مساعديه. وكذلك فعلت الامبراطورية الروسية من خلال قناصلها في سوريا بالتأثير على الاورثوذكس، مدعية أنها توفر لهم الحماية. واعتاد القناصل دعوة وجهاء البلد ومتنفذيها ورجالات الدين فيها إلى الحفلات الوطنية التي تخص بلدانهم التي يمثلونها مثل دعوة القنصل الفرنسي في عيد ثورة بلاده.

  • نجيب نصّار في وجه المانيا

مقابل ذلك لم يتعامل القناصل بلطف مع منتقديهم أو منتقدي سياسات بلادهم تجاه فلسطين والشعب الفلسطيني. وكما هو معروف تاريخيًا أن نجيب نصار صاحب ومحرر جريدة الكرمل الحيفاوية قد وجّه قلمه منتقدًا بشدة وقسوة توجهات قنصل المانيا في حيفا زمن الدولة العثمانية، وأن هذا القنصل(الإشارة هنا إلى كيللر) له نفوذ وتدخل كبير في مؤسسات وإدارات القضاء والدولة. فتقدم القنصل بشكوى إلى مجلس إدارة القضاء ضد نصار. وازدادت العلاقة سوءا بين القنصل الالماني ونصار عندما نادى الأخير بضرورة التحالف التركي البريطاني لمواجهة ازدياد النفوذ الالماني في الدولة العثمانية. وصبّ القنصل الالماني جام غضبه على نصار، مما أدى إلى إغلاق صحيفته لمرات كثيرة وتوقفها عن الصدور لفترات طويلة.

  • النفط والقنصل العراقي


 

ولقد عينّت مملكة العراق قنصلاً لها في حيفا هو الشيخ كاظم الدجيلي والذي اشغل سابقًا نفس المنصب في بيروت. وكانت المملكة قد افتتحت قنصليتها في حيفا في أعقاب مد أنبوب النفط من العراق إلى حيفا وازدياد المصالح العراقية في حيفا وشمالي فلسطين. إلا أن القنصلية عملت لسنتين فقط حيث أغلقت في منتصف العاك 1937 بسبب الثورة الفلسطينية وتعرض مصالح العراق إلى إحتمالات الخطر.

واهتم الدجيلي بنقل تقارير مستمرة عن الأوضاع العامة في حيفا وأوضاع فلسطين بوجه خاص إلى وزارة خارجيته في بغداد. وتم قبل عدة سنوات نشر ملفات كاملة من هذه التقارير، خاصة التقارير التي تناولت مسألة تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وفقا لما كانت تروج له لجنة بيل(أو التي تعرف بـ"اللجنة الملكية").

  • القناصل أو وكلاء القناصل المحليين ودورهم


 

وتم تعيين عدد من أبناء حيفا والمنطقة ممثلي قناصل أو وكلاء قناصل. وهؤلاء استغلوا منصبهم هذا لتقديم مصالحهم وترويجها وتحسينها. وغالبًا كان هؤلاء من الأثرياء والمتنفذين سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ولديهم تأثير في قطاعات مختلفة، والحديث عن الفترتين التركية والانتدابية. ومن هؤلاء:

  1. حبيب حكيم وكيل قنصل دولة المسكوب (روسية) في عام 1870م.

  2. جوتليب شوماخر ممثل قنصل امريكا بحيفا في عام 1873م. (شوماخر هذا من مؤسسي الجماعة التمبلرية - الهيكلية في الكولونية الالمانية بحيفا).

  3. جرمين وكيل قنصل فرنسا ثم البلجيك بعكا وحيفا في عام 1873م.

  4. كيللر قنصل دولة المانيا في حيفا وهو من زعماء الجماعة التمبلرية بحيفا، 1888م.    

  5. ابراهيم ديك قنصل دولة النمسا 1910م.

  6. بطرس(بيترو) شبلي أبيلا قنصل انكلترا بعكا وحيفا في 1908م.

  7. الياس الأبيض، قنصل اميركا بحيفا.

  8. ثابت العريس قنصل سوريا في حيفا حتى 1948، اي عام النكبة.

  9. البرتو فرعون قنصل عام فرنسا في حيفا، ثم وكيل القنصل حبيب داود صنبر في الثلاثينيات والاربعينيات.

  10. ثيوفيل بوتاجي قنصل فخري للولايات المتحدة وفنلندا. ثم تابع ابنه نفس الوظيفة حتى نهاية الانتداب البريطاني.

  11. فكتور خياط قنصل فخري اسبانيا بحيفا، وما زال أحفاده يحملون نفس اللقب.

  • غياب القناصل في 1948

ما أن حلت النكبة بفلسطين عامة وحيفا خاصة حتى اختفى القناصل بمعظمهم، ما عدا قنصل فخري اسبانيا السيد خياط. في حين انه لم يبق من العرب أي شخص في هذا الدور. وليس بغريب أن لا تظهر الدول التي كان يمثلها عدد من القناصل او وكلاء القناصل من الاهالي المحليين أي اهتمام بما جرى لهم، أو أن تعمل على إعادتهم إلى اوطانهم. وهذا ليس بأمر غريب على أنظمة استعمارية تسعى إلى ما يحقق مصالحها، وعندما يتبين لها أن مصالحها في موقع آخر تترك الأول وتنتقل إلى الجديد، مهملة كل من خدمها أو عمل في مؤسساتها ومن اجل تقديم مصالحها. هذا ما كانت تقوم به الدول الاستعمارية الغربية على وجه الخصوص، وهذا ما تقوم به إلى يومنا هذا. أليس كذلك!  







Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت