X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
09/01/2021 - 06:32:39 pm
القائمة المشتركة لا تحتمل أيّ انعطافة إلى الخلف

القائمة المشتركة لا تحتمل أيّ انعطافة إلى الخلف

بقلم: النائبة عايدة توما-سليمان

الانتخابات الرابعة خلال عامين هي إحدى تجليات الأزمة السياسية العميقة التي تمر بها دولة اسرائيل، ونقول إحدى لأن هذه الأزمة تتجلى في العديد من المظاهر الأخرى التي نمت وتجذرت في السنوات الأخيرة بتعاظم، ومنها تعمق العنصرية وتدحرجها بسرعة وفي العديد من المفارق إلى فاشية واضحة، التراجع الكبير في الخطاب السياسي الصهيوني القديم الليبرالي والمدعي الديمقراطية وبالذات لليهود، وتشظي الساحة السياسية إلى محاولات لتنظيم كيانات سياسية تبنى على أطلال المركز أو على المغالاة في اليمينية والتطرف.

هذه الأزمة هي بالأساس على الساحة السياسية العامة التي لطالما استبعدت الجماهير العربية الفلسطينية منها وبقيت على حواشيها صامدة، هي أزمة بين مركبات الغالبية اليهودية والتي تتعمّق مع السنوات في صراع على ماهية وهوية الدولة، وفي هذه المرحلة نجح اليمين العنصري في السيطرة على المساحة الأكبر ليس في التمثيل السياسي وإنّما بشكل مركزي في الوعي العام الاسرائيلي اليهودي وفرض أجندته ومقوماته الفكرية التي تعتمد الفوقية لليهود وإنكار حق الشعب الفلسطيني في وطنه وفي النهج الاستعماري تجاه الأرض والإنسان الفلسطيني أيا كان.

في ظلّ هذه الأزمة السياسية العامة تشكّلت القائمة المشتركة مشروعًا وأداة سياسية كان في قوامها وبوعي مسبق هدفان، وقد نجحت رغم كل التساؤلات حول منجزاتها في تحقيقهما: الأول، وحدة الجماهير العربية التي تؤمن بأن لها دورًا نضاليًا هامًّا، إلى جانب السّاحة الجماهيرية الشّعبية في العمل البرلماني حيث توحّدت فيها أربعة أحزاب تحمل مشارب سياسية وايديولوجية مختلفة تعالت على الاختلافات ما بينها واجتمعت حول ما يوحدها هوية وهمًّا.

والثاني، تعظيم التمثيل البرلماني لهذه الجماهير ومعها القوى التقدمية اليهودية في البرلمان -الكنيست- لتمثل ليس فقط مصالح الأقلية القومية المضطهدة في وطنها من خلال الوعي بأن هذه المصالح مرتبطة بشقيها التوأم السيامي المدني والقومي – الوطني، بل وحصلت على تعزيز في دالة متصاعدة لهذا التمثيل عددًا وأداء.

قد يكون هذان الانجازان أهم ما قامت به وعكسته عملية تشكّل القائمة المشتركة في ظل كل محاولات تكريس خطاب الانجازات الذي يسيطر على الجماهير العربية الفلسطينية في السنوات الأخيرة. ورغم وعينا أن هذا الخطاب المتمحور في الانجازات كانت بداياته مؤامراتية تسعى إلى تسخيف التاريخ النضالي للجماهير العربية وتفكيك مركبات الثقة الجماهيرية بقياداتها السياسية، إلّا أنّه لا يمكننا تجاهل انسياقنا بوعي أو بلا وعي إليه، بالسعي المحموم عليه بالأدوات التي تعززه والتي تطرح نجاحات برلمانية جزئية هامّة في بعضها وأقل أهمية في غيرها لاستعادة ثقة الجمهور الذي تفاقمت أزمته الاجتماعية والاقتصادية نتاج سياسات حكومات اليمين العنصرية.

وكما يبدو فإن هذين الانجازين الهامين نبّها أحزاب اليمين والمركز الاسرائيليين إلى الطاقة الكامنة في الصوت العربي عددًا ومشروعًا، وفي امكانية تطور مشروع القائمة المشتركة كبديل سياسي حقيقي للتداعي الحاصل قيميًا وبنيويًا في الساحة السياسية الاسرائيلية عامة. وأهم هذه المركبات التي نبهت الأحزاب كان أولاً ارتفاع نسبة التصويت وارتفاع عدد مقاعد القائمة وفرص تحولها إلى بيضة القبان في التأثير، ومن ناحية أخرى بدء التفاف قوى يسارية راديكالية في الجانب اليهودي، اذ التفت بقوة وزخم أكبر في الانتخابات الأخيرة حول القائمة.

هذه هي عمليًا مقومات هذا الهجوم الكاسح الذي نراه والتهافت في الأيام الأخيرة الذي نراه على الصوت العربي من الليكود وحتى يمينا وحزب ساعر الى التشكيلات المختلفة لأطلال المركز وبقايا "اليسار الصهيوني" تحت شعار الشراكة اليهودية العربية والتي تتلخّص بالاعتماد على مخزون الأصوات العربية، ولا أستثني من ذلك حزب ميرتس الذي توجه لاستحضار لاعبي "تعزيز" عرب في خطوة تحمل معاني الفوقية. ورغم الاشمئزاز والغضب من محاولة سرقة الصوت العربي وتمثيله إلّا أنّنا نعلم علم اليقين بأنّ ذلك كلّه يحمل المخاوف التي شكّلها الانتصار والانجاز المهم للقائمة المشتركة في كنس الأحزاب الصهيونية من قرانا ومدننا العربية واختباء زلم هذه الأحزاب أمام الحضور القوي لمشروع القائمة المشتركة.

كل هذا مفهوم، الأمر الذي لا يمكن فهمه ومن الواجب التصدي له وبقوة هو ما يسمّى نهجا جديدا يدعو عمليا الى الخروج عن الخط السياسي النضالي الذي قامت على أساسه القائمة المشتركة، بل بالعكس تجيير هذه الانجازات الهامة من تعظيم التمثيل والالتصاق بما يوحّدنا، من أجل تنفيذ انعطافة إلى الخلف والعودة إلى ما قبل البدايات، فهذا الطرح المسمى جديدًا يعتمد على مجموعة مقومات أساسية لفظتها الجماهير حين تدفّقت إلى الصناديق وصوّتت للقائمة المشتركة:

  • نحن لسنا في جيبة أحد: لم نكن يومًا في جيبة أحد وتاريخنا يشهد بأنّنا كنا رأس الحربة في مقارعة حكومات ما سمّي اليسار الصهيوني قبل اليمين. لسنا في جيبة أحد هي ليست مقولة للخروج من جيبة اليسار وإنّما هي محاولة للدخول عميقًا في جيبة اليمين.

  • لدينا مصالح وحقوق ويهمّنا من يستطيع أن يقدم لنا هذه المطالب: عملية تسطيح لجدلية الحقوق المدنية والقومية، ومحاولة فصل اعتباطية بين هذه الحقوق وتجاهل تام لمنابع وأسباب منع هذه الحقوق عنا وكأنّ الدنيا تبدأ اليوم دون مسؤولية تاريخية لسياسات قمعية تمييزية أوصلتنا لما نحن عليه الآن.

  • نريد رئيس حكومة يخاطب الجمهور العربي وليس رئيس حكومة يحرض عليه: مقولة منزوعة السياق، وتتجاهل أن الحديث يدور عن رئيس الحكومة ذاته الذي لا يمكن أن يكون قد مرّ بعملية تحول سريعة من رئيس حكومة عنصري محرض يضع السياسات ويسنّ القوانين، قانون القومية وكمنيتس وغيرها إلى رئيس حكومة يحبّنا ويخاطبنا.

  • عهد الخطابات والصراخ على المنابر انتهى وعلينا العمل من أجل مصلحة جماهيرنا: مقولة تحمل من التغييب لدور نواب هزّوا أركان الكنيست وعملوا بتفانٍ على مدار عشرات السنوات، ومحاولة بائسة لتقزيم قامات وهامات خلّدتها الجماهير العربية في ذاكرتها. والأخطر من ذلك أنها تحوّلنا من أهل البلاد الأصليين، أبناء الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني من الاحتلال الاسرائيلي وجرائمه، إلى مجموعة من الرعايا تمشي "الحيط الحيط وبتقول يا رب السترة "، و"اللي ما بتغلبه العب معه"، نهج رفضته الجماهير العربية الفلسطينية منذ أيام الحكم العسكري.

نحن بنينا مع الشركاء مشروعًا سياسيًا كان محطّ أنظار العالم وخاصة شعبنا الفلسطيني والشعوب العربية وليس من حقّ أحد أن يحاول اختطاف هذه المسيرة ويقودها في منعطف حاد واستدارة للخلف وأن يراكم على هذه الانجازات ليقدّمها لقمة سائغة للجلادين.

من هنا فإنّ تمسّكنا بهذا المشروع -القائمة المشتركة- هو وعي تام للأهمية السياسية التي يحملها، وهو تمسك بالهوية والبرنامج والنهج السياسي الذي بني عليه وشكّل أركانه، ونحن نسعى وسنبقى نعمل من أجل صيانته وصيانة هوية ومتابعة مسيرته. القائمة المشتركة، مشتركة! لا تزال تحمل الهمّ الواحد وتوحّدنا في النضال ضدّ كلّ مخططات تحويلنا إلى أفراد ورعايا في بلادنا، هكذا كانت وهكذا يجب أن تبقى.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت