X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
25/05/2021 - 10:57:14 am
حرب الاعتقالات التي تشنّها شرطة السيادة اليهودية

حرب الاعتقالات التي تشنّها شرطة السيادة اليهودية

لـ"استعادة الردع" أمام الـ"عدو الداخلي"

بقلم- حسن مصاروة

أعلنت الشرطة عن شنّ حملة ملاحقة وانتقام وفي جوهرها إرهاب الشباب العرب وكسر إرادة وتصفية حساب واستعادة السيادة، أي السيادة اليهودية في دولة اليهود، و"تربية" من حاول خرقها. حملة على خلفية الأحداث الأخيرة، موجّهة بالأساس ضد المحتجين العرب، الذين خرجوا احتجاجًا على الانتهاكات في القدس والشيخ جراح والمسجد الأقصى والعدوان على غزة، والتحموا مع شعبهم الفلسطيني، ومن خرجوا لحماية بيتوهم وحاراتهم والتصدي لعصابات اليمين الفاشي التي اعتدت على المواطنين العرب في المدن المختلطة تحت تغطية ورعاية الشرطة.

إن هذه الحملة هي استكمال للحرب متعددة الأذرع التي شنتها الفاشية الحاكمة بشُرطتها وعصابات اليمين المتطرف، التي عملت كميليشيات تحت خدمة الدولة في ضرب العرب في المدن المختلطة، تعزّزها اليوم بحرب اعتقالات ضد المتظاهرين والمحتجين والناشطين السياسيين، والقاصرين منهم بالأساس، بل وتستخدم في إعلانها عن حملتها، لغة حربية واضحة، تتساوق مع دعوات مركزية في اليمين للتعامل مع العرب في البلاد، استنتاجًا مما حدث في الأسابيع الأخيرة، على أنهم خطر استراتيجي، طابور خامس، وجبهة أخرى للـ"عدو" في الداخل، يجب ردعهم وإرهابهم، وإفهامهم من هو "صاحب البيت هنا".

آلاف عناصر الشرطة بمشاركة حرس الحدود وكتائب الاحتياط ستقتحم آلاف البيوت وتقوم بأعمال تفتيش وتنفيذ اعتقالات وتحقيق مع المتظاهرين، وصولاً إلى تقديم لوائح اتهام وفرض عقوبة السجن، وتضع في "بنك أهادفها"، 500 شاب تنوي إرهابهم في عملية مسعورة تكتسب كل المقوّمات العسكرية والحربية، لغةً وتعبيرًا وتحضيرًا وإدارة وتوجهًا وممارسةً. إعادة فرض لحظة مكثّفة من الحكم العسكري بهدف ترويع مجتمع كامل، تتناسب مع دعواتٍ عدة في وسائل إعلام مركزية في إسرائيل لـ"إدخال الجيش" لاستعادة النظام، استعادة النظام التي تتحوّل إلى موازنها السياسي وهو "استعادة السيادة"، السيادة اليهودية في دولة العلوية اليهودية، التي تجرّأ هؤلاء العرب المشاغبون على خرقها والتعدّي عليها. "كيف ليهوديٍ أن يخاف على نفسه في دولة اليهود؟"، "هذا لا يجب أن يحصل لنا في دولة اليهود"، تصيح أصوات على وسائل إعلام مركزية، "يجب إفهامهم من هو صاحب البيت هنا".

والجيش بالمفهوم الطبيعي مهمته أن يتعامل مع الـ"عدو" في الخارج فيما الشرطة جسم مدني يتعامل مع مواطنين، لكن حينما يتعلق الأمر بعرب يخرقون السيادة اليهودية ويتظاهرون في وقت حرب، فهم يفتحون جبهة لمساعدة العدو من الداخل- هذا ما أشار له بالضبط إعلاميون مركزيون- إذًا بطبيعة الحال ودون تفكير هذه مهمة الجيش، أدخلوا الجيش الآن...هذه الأصوات تصل إلى رئيس الحكومة بينامين نتنياهو ليتحدث مهددًا في اللد عن إمكانية إدخال جيش الاحتلال "لاستعادة النظام"، في إشارة واضحة لمن سيدخل الجيش لقمعه، حينما يتكلم بتعابير "لقد فعلنا ذلك في الماضي حينما أدخلنا الجيش في يوم الأرض في عرابة وسخنين والطيبة". الآن الأمور أهدأ، الشرطة تستطيع القيام بهذا الدور دون أن يقل شكل الحملة عسكرية وحربية، باستخدام لغة "استعادة الردع" في بيان الشرطة كهدف أساسي للحملة، المصطلح الرائج إسرائيليًا في سياق الحرب على غزة.

الاسم الذي اختاروه عنوانًا للحملة، مثير للملاحظة، "חוק וסדר"، القانون والنظام، "Law and Order"- هو ذاته الشعار الذي اختاره ترامب في مواجهة احتجاجات السود في الولايات المتحدة بعد مقتل جورج فلويد، اسم الشعار الذي حمله في دعوته لقمع الاحتجاجات، التي سمّاها أعمال "شغب" كما تفعل شرطة إسرائيل في الإشارة إلى احتجاجات العرب، وحمّلها بمضامين عُنصرية تخاطب روح السيادة البيضاء التي تتحداها  في الشوارع "فوضى السود" لتواجَه تلك الاحتجاجات تحت شعاره هذا وبتوجيهه بممارسة أفظع أشكال العنف الأمني القمعي وصولاً إلى سيطرة الجيش على الشوارع وفرض حظر تجوّل على 25 مدينة في 16 ولاية مختلفة، انتشار أكثر من 70 ألف عنصر من "الحرس الوطني" القوة العسكرية التابعة لجيش الاحتياط الأمريكي في عدة ولايات لمواجهة المحتجين وخلفهم صراخ ترامب العنصري واستعاراته المخضبة بالفوقية البيضاء لاستعادة "القانون والنظام". وهو الشعار الذي أخذه ترامب عن الرئيس الجمهوري اليميني سيئ السمعة ريتشارد نيسكون الذي رفعه أيضًا في توجيه لقمع الشرطة لاحتجاجات السود بعد مقتل مارتن لوثر كينغ في عام 1968، مخاطبًا العنصرية البيضاء السائدة الخائفة من "شغب" السود والغاضبة على جرأتهم في خرق سيادتهم البيضاء، من أجل الفوز في الانتخابات. ربما يكون اختيار الاسم مجرد صدفة، أو أنه توارد خواطر بين أنظمة القمع العنصري المتحالفة، لكن وجود وزير الشرطة العنصري التافه أمير أوحانا المعجب بترامب على رأس هذه الحملة، يعزز احتمال وجود علاقة مباشرة في اختيار هذا الاسم بالتحديد. وبكل حال يبقى للتشابه في التسمية دلالته البلاغية العميقة، في حين تتحول ضرورة "استعادة السيادة البيضاء" التي تصدر بالتورية والتلميح في الولايات المتحدة ضد "شغب" السود، إلى ضرورة "استعادة السيادة اليهودية" التي تقال بشكل فج ومباشر وواضح في إسرائيل من قبل كبار قيادات الدولة ضد "شغب" العرب.

الصحفي، اليميني لكن المركزي، كالمان ليبسكيند، والذي يعتبر في الموازين المختلة يمينيًا معتدلاً وله برامج على وسائل إعلام مركزية في إسرائيل، أي ليس شخصية تعبّر عن هامش المجتمع الإسرائيلي، بل هي بالضرورة تعبر عن التشكيلة الحاكمة في إسرائيل؛ كتب في صحيفة معاريف يوم الاثنين الماضي عن الخطر الاستراتيجي الذي تواجهه إسرائيل مع العرب المواطنين :"أخطر عدو لنا هم هؤلاء من  يجلسون في داخلنا" ويفسر: "لأنه عندما تطلق حماس النار علينا من غزة، نعلم أنه يجب الرد. وعندما هاجمنا السوريون في مرتفعات الجولان، علمنا أنه يجب مهاجمتهم بألوية مدرعة. لكننا لم نسأل أنفسنا أبدًا عما نفعله مع عدو يعيش هنا معنا، ويحمل بطاقة هوية زرقاء مثلنا، ويحق له التمتع بجميع الحقوق المدنية التي نتمتع بها، لكنه يتعاطف بشدة مع العدو". ويتابع: "لنسأل أنفسنا ماذا سيحدث عندما تدخل دولة إسرائيل في حرب أصعب قليلاً من تلك التي واجهناها في الأيام الأخيرة. حرب بالإضافة إلى حماس في الجنوب، حين علينا أن نتعامل مع أكثر مئة ألف صاروخ من حزب الله، أو في حرب تدميرية مع إيران. إلى من سينحاز عرب إسرائيل في هذا مثل هذه المعركة؟".

هذه الهواجس التي تُحرّك المؤسسة الحاكمة تجاه العرب في إسرائيل، وهذا المهمة الاستراتيجية التي تمثلها حملة الاعتقالات الأخيرة، التعامل مع عدو داخلي يُشكل خطرًا على السيادة اليهودية، لذلك هي بشكلها وأهدافها ومضمونها وتوجهها وممارستها حرب، حرب معلنة على جماهيرنا العربية الفلسطينية في إسرائيل.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت