X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
21/04/2012 - 05:33:19 pm
مجابهة التمييز بالتميّز! بقلم د. رفيق حاج
مريم خطيب
لكي نجابه التمييز الذي تمارسه حكومة اسرائيل تجاهنا, لن يكفي القيام بنشر التقارير والجداول والرسومات البيانية والمقارنات بين "الوسط اليهودي" و"الوسط العربي" ولن يكفي النضال الاحتجاجي الذي يتلخّص بمؤتمرات احتجاجية مرة بالسنة. باستطاعتنا ان نتجاهل قضية التمييز وأن نضعها على الرف وأن نبدأ باتخاذ مسؤولية مباشرة على انفسنا. لو قام كل فرد منا بواجبه تجاه نفسه وتجاه مجتمعه وشريحته ومكان عمله ومكان عبادته وتجاه نقابته وحزبه لوصلنا ابعد بكثير مما عليه اليوم. علينا الشروع ببناء بروفيل جديد للإنسان العربي في هذه البلاد
ان العوائق التي تقف حجر عثرة أمام تطوّرنا كشعب وكأفراد في هذه الديار لا حصر لها, فقد عانينا منذ مئات السنين من فقدان السيادة على مصيرنا, وذقنا الأمرّين من تهميشنا وتقزيمنا, وتعرّضنا للقمع والاستغلال من قبل شعوب أخرى. ان اول ما نعيه عندما نفتح اعيننا على الدنيا هو سياسة الاضطهاد والتمييز العنصري الموجّه ضدّنا. هذه التعرّف المبكّر على سياسة التمييز التي تُذكّرنا بها مؤسساتنا ووسائل إعلامنا بات يثبط عزائمنا ويجمّد حركتنا ويجعلنا كالنعجة التي تستفيق من قيلولتها لترى وحشاً يبغي افتراسها.
هنالك الكثير من الطرق والأدوات التي نستطيع بمساعدتها التعامل مع التمييز ومشتقاته وأحداها هو القيام بـ"فضح سياسة الجكومة" عن طريق نشر التقارير والجداول والرسومات البيانية وإجراء المقارنات بين "الوسط اليهودي" و"الوسط العربي". بإمكاننا ايضا  اادراج موضوع التمييز في نشرات أخبارنا وان نفتتح به مقالاتنا وان نتطرّق اليه في ادبنا وأشعارنا وان نعبّر عنه بصدق في اعمالنا الفنية ورسوماتنا وابداعاتنا, ولا ضير أن نطرّزه على قبّعاتنا وفساتيننا,  وأن نحوّله الى "حائط مبكى" نؤول اليه عندما نفشل في الدراسة او نعلن إفلاسنا او نُضبَط في تجارة المخدّرات او تُسحب رخصة سواقتنا.
طريقة أخرى للتعامل مع التمييز هو ان نحوّله الى غضب عارم "مُشبع" بالطاقة ومن ثم الى خزّان وقود نستعمله لدفع محركاتنا قُدماً حتى لو أدى ذلك الى تأجيج النضال القائم. كلنا نعرف ان النضال الحالي الذي يتلخّص بمؤتمرات احتجاجية مرة بالسنة, وببعض المقالات المُدينة, وببضع الطلاّت التلفزيونية العشوائية لنوّابنا غير قادر على حمل الرسالة وعلى تحقيق اماني المواطنين العرب.
باستطاعتنا ايضا ان نتجاهل قضية التمييز وأن نضعها على الرف وأن نبدأ باتخاذ مسؤولية مباشرة على انفسنا. لو قام كل فرد منا بواجبه تجاه نفسه وتجاه مجتمعه وشريحته ومكان عمله ومكان عبادته وتجاه نقابته وحزبه لوصلنا ابعد بكثير مما عليه اليوم. لو قمنا بواجبنا تجاه والدينا وابنائنا وتجاه تلاميذنا ومعلمينا لوصلنا الى مراتب تربوية وعلمية أعلى بكثير مما عليها اليوم. لنبدأ اولاً في بيوتنا ومن ثم في مدارسنا ومراكزنا الجماهيرية ومجالسنا المحلية وجمعياتنا الأهلية التي يتعلّق نجاحها بمدى مشاركتنا وانتمائنا وعطائنا, ومن بعدها نتهم الحكومة على سياسة التمييز التي تمارسها ضدنا.
هنالك الكثير من التهم الموجهة ضد القادة العرب في هذه الدولة كرؤساء السلطات المحلية واعضاء البرلمان ورؤساء الجمعيات بأنهم غير قادرين على حمل همومنا وايجاد حلول للأزمات المُزمنة التي تعيق تطوّرنا, وبأنهم يطحنون ماءً, وبأنهم توقّفوا عن العمل وتنازلوا عن الحلم. ان هذه التهم والتشكيكات في قدراتهم نابع من اسباب موضوعية وغير موضوعية لن نناقشها هنا. لكن حسب رأيي المشكلة الاساسية لا تكمن في عجز القادة الحاليين عن دفع العربة الى الأمام وانما "بالفرد" او بـ "المواطن" العربي الذي ما زال بحاجة ماسة الى تثقيف وتوعية وتعلّم وتنمية قدرات, ومهننة وتوسيع مدارك وتبني قيم اجتماعية واخلاقية سامية. بعبارة أخرى يجب العمل على "خلق" البروفيل الجديد للانسان العربي الذي يستطيع ان يجابه تحدّيات العصر. المشكلة ليست بالإطار وانما بالأعضاء المنتمين اليه. المشكلة ليست بالعقد ولا بالخيط وانما بالحبات الذي يتركّب منها.
ما ذنب رؤساء المجالس بأن المواطن لا يدفع الضريبة البلدية ويشترط تأييده لهم بمنافع شخصية؟ ما ذنب اعضاء الكنيست بأن المواطن العربي لا يستجيب لنداءاتهم في التظاهر والمشاركة في الاحتجاج؟ ما ذنب قادة القطاع الثالث الذين يبذلون قصارى جهدهم من اجل سد الثغرات في الخدمات المتوخاة من الحكومة او السلطة المحلية لكنهم لا يجدون من يتعاون معهم من الناس وتتعرض مشاريعهم للفشل والاخفاق؟ ما ذنب القادة الجماهيرين المحليين في مقاطعة الناس للعمل الجماعي؟
علينا مجابهة التمييز بالتميّز بالتحصيل العلمي وبالمعرفة وبالمهنية العالية, وبالتميّز بانتمائنا لبلدنا وباستعدادنا للتضحية من أجله, وبحفاظنا على بيئتنا وعلى نسيجنا الاجتماعي وبالتفافنا حول مشاريعنا القومية. التميّز بأخلاقنا الحميدة وبما يلائم العصر من عادات وتقاليد, والتميّز بتربية أولادنا وبالحفاظ عليهم من الاخطار المحدقة بهم وحثّهم على المثابرة والإنجاز, والتميّز بالرأفة بوالدينا وشيوخنا ومُقعدينا ومُعاقينا ودعمنا للمستضعفين من أبناء شعبنا. عندما يكون الفرد "صاغ سليم" لا تخف على الجماعة!
"الجسد العربي" ما زال هزيلا وبحاجة الى فيتامينات وبروتينات ومركبات غذائية اساسية اخرى ليترعرع وينمو كباقي الشعوب. "العقل العربي" ما زال خاما وخاملا وبحاجة الى صقل وتهذيب وتلميع. فليبدأ كل واحد منا بتطوير نفسه وبيته وعائلته المصغرة وباقي الامور ستصلح لوحدها وبدون ان ندري كيف. قبل ان نبني الاطار علينا ان نبني الفرد إلا اذا كان هدف الإطار تطوير الفرد. قال النبي العربي صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.."



Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت