X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
02/10/2021 - 12:51:15 pm
نحو المؤتمر الـ 28 لحزبنا الشيوعي: الخيارات والضرورات

نحو المؤتمر الـ 28 لحزبنا الشيوعي: الخيارات والضرورات

بقلم: رجا زعاترة

عشية المؤتمر الثامن والعشرين لحزبنا الشيوعي تُطرح مقترحاتٌ واجتهادات، متقاربة ومتباينة في آن معًا، حول كيفية العمل أو توسيع الصفوف في الناحية اليهودية وكيفية التأثير في الساحة السياسية في إسرائيل، وشكل ونوع الوعاء السياسي المطلوب لحمل هذه المشاريع. وبقدر ما تبدو هذه النقاشات والاقتراحات جديدة، فإنّها حاضرة على ساحاتنا، بشكل أو بآخر، منذ 20 عامًا تقريبًا. وقد مرّت أحزاب شيوعية عدّة بتجارب مفيدة في هذا الصدد، لعلّ أبرزها مؤخرًا تجربة الحزب الشيوعي اليوناني مع تحالف "سيريزا" ذي المنحى الاشتراكي-الديمقراطي. وليس النقاش حول "الحريات الشخصية" ومدى أهميتها وموقعها في سلم الأولويات بمعزل عن هذا التوتر الفكري، إن جاز التعبير، بين الفكر الماركسي والنظريات البرجوازية المعاصرة التي تتسلّل بين الحين والآخر. وكذلك الأمر بالنسبة لتشوّش بعض المواقف مع بداية ما سمّي بالربيع العربي قبل عشر سنوات.

إنّ الامتحان الأساسي لحزبنا، لثوريته وأمميته، في ظروف بلادنا الموضوعية وصراعها - وهو صراع طبقي في جوهره وإن اتخذ شكلاً قوميًا ودينيًا - هو مدى عدائه وصداميّته تجاه ثالوث الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية، ومدى قدرته على تشكيل قوة سياسية فاعلة لإفشال مشاريع هذا الثالوث على ساحتنا السياسية. والصّدام لا يعني أبدًا العزلة والطهرانية والتقوقع، بل يعني بالضرورة الاشتباك الفكري والسياسي مع هذه القوى – لا سيما الصهيونية والرجعية – والعمل مع الجماهير المنساقة ورائها من العرب الفلسطينيين ومن اليهود الإسرائيليين، بما يشمل العمل المشترك في المساحات التي تحكمها المعارك السياسية والطبقية.

من نافلة القول أنّ الحد الأدنى المطلوب لمشروع "جبهة ضد الفاشية" مختلف جوهريًا عن القواسم المشتركة لمشروع "تحالف ديمقراطي" ذي طموحات برلمانية. ومن المفارقة أنّ المشروع الأول يبدو أشبه برأس بلا أطراف، أي بفكرة ناضجة ومبلورة ما زالت تتلمّس شركاءها المحتملين وتتعثر في إيجادهم؛ بينما يبدو الثاني أشبه بأطراف تحاول تنمية رأس على شاكلة توليفة من الأفكار في طور التكوين، لم تنضج بعد – بتقديري - ظروفُها الموضوعية. ويبقى الأساس أنّ علينا ربط الحصان أمام العربة وليس العكس، أي: اشتقاق التحالف المطلوب من تحليل الظرف السياسي الراهن في بلادنا، ونوعية وكمية القوى التي يمكن أن تكوّن "كتلة حرجة" قادرة على تشكيل قطب سياسي يطرح بدائل حقيقية في القضايا المركزية.

  • بين الرئيسي والثانوي

إنّ التناقض الجوهري والأساسي في بلادنا اليوم، والذي يتوجب على الحزب الثوري الأممي الإجابة عنه، هو حرمان الشعب العربي الفلسطيني في كافة أماكن تواجده - بما في ذلك داخل "الخط الأخضر" - من حقه في تقرير مصيره واستمرار نظام الاحتلال والفصل العنصري، بين النهر والبحر، بأشكال متفاوتة. هذه هي القضية الأساسية، وهذا هو المحكّ وخط توزيع المياه السياسي الذي يحكم أي تعاون موضعي وأي تحالف مرحلي أو استراتيجي. لقد كان هذا صحيحًا دومًا وهو أصحّ اليوم في ظل انضواء قوى "اليسار الصهيوني" وقوى اليمين العربي في حكومة يمين استيطاني تحرص على الإبقاء على خط نتنياهو السياسي في القضايا الأساسية، وتخلّي تلك القوى عن طموح التأثير في الملف السياسي الأهمّ.

ولا يعني هذا بتاتًا عدم وجود تناقضات أخرى على الساحة، تناقضات سياسية واقتصادية واجتماعية، أو عدم التعاطي معها. ولكن يبقى المعيار الأساسي هو معيار الانحياز الطبقي بمفهومه الأوسع، بمعنى الانحياز للشعب المضطهد - الشعب الفلسطيني في هذه الحالة – وللطبقات المستضعفة، وليس للمفاهيم البرجوازية والليبرالية التي تتسم بها حركات "اليسار الجديد" ومشاريعها المطروحة اليوم على الساحة، والتي تقوم على تدوير الزوايا وتمييع المواقف في القضايا الجوهرية وتقديم الثانوي على الرئيسي.

وليس من المستبعد أن تجد الرؤوس والأطراف الضالّة بعضُها بعضًا في الاجتهاد الموازي، إذا ما جرّدنا النقاش من أبعاده الشخصية والذاتية. فبين التوجّه القائل "بذلنا قصارى جهدنا والمشكلة ليست فينا" والآخر القائل "لم نفعل شيئًا والعلّة كلّها فينا"، أجد أنّ الأقرب للحقيقة هو أننا بذلنا جهودًا لا يستهان بها من أجل خلق مساحات سياسية جديدة في الشارع اليهودي، إلا أنها لم تفض حتى الآن إلى النتائج المتوخاة على أرض الواقع. ولكننا لم نستنفد كل الإمكانيات لخلق شراكات كفاحية متينة في الناحية اليهودية. ويبقى أنّ بناء مثل هذه الشراكات يتطلب أرضية صلبة من القواسم السياسية المشتركة، علينا تحديدها بموضوعية وإخلاص للهدف بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.

  • ساحة الجماهير العربية

وبقدر ما يتوجّب الاهتمام بسؤال العمل العربي-اليهودي، فمن بالغ الأهمية والضرورة بمكان أيضًا أن نسبر غور ما يحدث بين الجماهير العربية، والتي شهدت ساحتها في العقدين الأخيرين منذ أكتوبر 2000 تغيّرات كمية كبيرة أفضت إلى تغيّرات نوعية عميقة لا تقل أثرًا عن تلك التي مرّت بها هذه الجماهير بين مرحلة الحكم العسكري ومرحلة يوم الأرض عام 1976، مع تحوّل المجتمع العربي من مجتمع زراعي تقليدي إلى مجتمع عمّالي. فرغم الوعي لمواطن الوهن والتراجع في أوساط الشباب والنساء والمثقفين وبين الفئات الأكثر فقرًا والأقل تعلمًا في المجتمع العربي، فهنالك قصور واضح في تحليل التغيّرات في البنية الطبقية للمجتمع العربي وأنماط الإنتاج وعلاقتها بالاقتصاد الإسرائيلي الذي يتطوّر كاقتصاد ما بعد صناعي، وانعكاسات هذه التغيّرات في كل بلد وبلد، وظهور شرائح وفئات اجتماعية لها خصائص مختلفة عن خصائص هذا المجتمع قبل 20 عامًا. وفي هذا الإطار علينا إجراء مراجعة نقدية لكيفية تعاطينا مع الانتخابات المحلية التي كثيرًا ما تكون منصة لتأليب التعصّب الفئوي بشتى أشكاله. وأعتقد أنّ هذه المهمة هي الأكثر إلحاحًا اليوم، وخصوصًا في إزاء تبلور قطب سياسي وازن يتبنّى نهج التواطؤ مع سياسة احتواء الجماهير العربية وعزل قضيتها عن بُعدها الوطني الأشمل ومسخ مطالبها في بعض الموارد والميزانيات والخطط الاقتصادية الهزيلة.

إنّ سؤال انتماء الجماهير العربية للشعب الفلسطيني ليس سؤالاً تاريخيًا أو أخلاقيًا فحسب، بل سؤال سياسي راهن هنا والآن. وبالتالي فإنّ مقاومة النهج المذكور لا يمكن أن تستند فقط إلى اعتبارات أخلاقية وضميرية تُعيب إدارة الظهر للملايين من أبناء شعبنا تحت نير الاحتلال المباشر في أراضي العام 1967 أو في مواقع اللجوء والشتات؛ بل إنها إدارة ظهر لأنفسنا ولقضيتنا نحن الباقين في وطننا ضمن المواطنة الإسرائيلية المنقوصة. فليس ممكنًا أن تكون مواطنًا كامل الحقوق في دولة تقمع شعبك، وتكرّس الفوقية القومية لمجموعة الأكثرية وتعمّق الدونية القومية لمجموعة الأقلية. وليس ممكنًا تحقيق تقدّم جوهري في القضايا "المدنية" مع استمرار سياسة التمييز القومي، مهما اضطرت الأيديولوجية الصهيونية للتكيّف مع متطلبات السوق والاقتصاد النيولبرالي.

وخيرُ دليل على ذلك سياسة الحكومة في ملف الجريمة والعنف. فدمُ المواطن العربي - حتى لو كان طبيبًا أو مهندس "هاي تك" - سيبقى رخيصًا في نظر مؤسسة حاكمة ترى في العرب رعايا لا مواطنين، وفي عملاء "الشاباك" حلفاء يجب حمايتهم وتوفير الحصانة لهم مهما عاثوا. كذلك الأمر في مجال الأرض والمسكن حيث ما انفكت السياسة السائدة قوامها خنق القرى والمدن العربية وحرمانها من إمكانيات التطوّر الاقتصادي والحضاري الطبيعي. وكذلك بالنسبة للسياسات التربوية التي تعيد إنتاج الأزمات الاجتماعية من الفقر إلى تشوّه القيم وحتى العنف والجريمة، تحت وطأة سياسة الضبط والسيطرة وبث العدمية القومية.

هذه القضايا التي تواجهنا يوميًا، على مستوى المجتمع العربي، لا تقل حرقةً عن سؤال التحالفات الديمقراطية والمناهضة للفاشية. وقد بيّنت تجربة السنوات الأخيرة أنّ دعم القوى الديمقراطية اليهودية للجبهة وللقائمة المشتركة يتأثر بمدى التفاف الجماهير العربية كأقلية قومية مضطهدة ومستهدفة حول خيار الوحدة الكفاحية؛ أي أنّ "اختراق الشارع اليهودي" منوط إلى حد كبير بهيمنة خيار الوحدة الكفاحية في الشارع العربي. وهذا ما يجب إيلاؤه حيزًا أكبر في النقاش النظري وعلى المستوى العملي.

  • ويْنك يا رفيق!

سينعقد المؤتمر الثامن والعشرون في ظل غياب الرفيق محمد نفّاع (أبو هشام)، أحد عمالقة حزبنا الذي كان وسيظل في مواقفه وفي ممارساته مدرسةً نهلنا وننهل منها في القضايا الكبيرة وفي التفاصيل الصغيرة، وبوصلةً طالما استرشدنا بها في الأزمات والمنعطفات. فلنعمل على أن نكون على قدر مسؤولية حمل إرث رفيقنا نفاع الأصيل.. لروحه الثورية الطيّبة المجد والسلام.

 لنتمسّك بإرثنا الثوري المجيد وفي مقدّمته العداء للثالوث الدنس ومشاريعه! (في الصورة: الرفيق الراحل الباقي محمد نفاع في المؤتمر السادس والعشرين للحزب، حيفا – آذار 2012)




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت