X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
27/04/2012 - 11:26:19 am
عوامل نجاح العمل الجماعي بقلم د. رفيق حاج
مريم خطيب

نجاحُ العملِ الجماعي يتعلق بالمرتبة الاقتصادية-الاجتماعية للأفراد, بثمن المشاركة به وبدرجة التباين بين شرائح المجتمع، هنالك طريقتان لتحفيزِ الافراد على المشاركةِ في العملِ الجماعي- الاولى، فرض "عقوبات" على من يقاطعه ومنح "مكافأة" لمن يُشارك به، والثانية عن طريق نشر القيم الانسانية العامة كالعطاء والعدل والرحمة والمساندة وغيرها..

لا احبّذ ان استهلّ مقالي بتعريفاتٍ لمصطلحات، خوفًا من قيام القراء بالعزوف عنه والانتقال الى زاوية "الاخبار الساخنة" او الرياضة او الأبراج، لكني احيانا اضطر القيام بذلك منعا للالتباس وحرصا على ايصال الفكرة الى ذهن القارئ. "العمل الجماعي" هو عمل يقوم به شخصان او اكثر من اجل الحصول على اهداف مشتركة. على سبيل المثال، العمل الذي تقوم به مجموعة من السكان لإزاحة الهوائيات الواقعة في الأماكن السكنية هو عمل جماعي يصبو الى الحفاظ على صحة السكان، كذلك الأمر بالنسبة للتنظيمات السياسية، والجمعيات الأهلية والنقابات المهنية والمؤسسات الرياضية والفنية والدينية. كلها تعمل من اجل تحصيل أهداف تعود بالفائده على "الجماعة" المنتسبة اليها والمشاركة بفعالياتها. لكي يُسمى العمل "جماعيا" يجب ان يكون هنالك ثمن يدفعه كل مُشارك. قد يكون هذا "الثمن" مالاً او وقتا او أي مصدر آخر، فعندما نقوم بالتبرع لإقامة مدرسة فأننا ندفع "مالاً" وعندما نشارك في مظاهرة احتجاجية فأننا نخصّص "وقتا"، وعندما نخوض حربا فقد يكون الثمن "حياتنا". واضح انه كلما ارتفع ثمن المشاركة في العمل الجماعي كلما كان قلّ عدد المشاركين به وصغرت وفرص نجاحه.

بالعمل الجماعي تتعاضد المصادر والقوى البشرية والمهارات الفنية  والتجارب الانسانية والقيم الاجتماعية من اجل احراز الهدف. قد تفوق احيانا القدرة التي تتراكم في خضم العمل الجماعي على مجموع القدرات الخاص بمركباته, أي بعبارة اخرى, العمل الجماعي يجعل الواحد زائد واحد يساوي اكثر من اثنين. اما  رقي الشعوب فيكاد يُقاس بمستوى العمل الجماعي الذي يدور في صفوفه, وكلما اتسعت رقعة العمل الجماعي في بلد ما وزادت انشطته  كلما استطاع تذويب الصعاب وتحقيق الاهداف المنشودة.

فرصة نجاح العمل الجماعي متعلقة ايضا بالوضع الاقتصادي-الاجتماعي للمجتمع، فكلما ارتفع مستوى ثقافة الناس وازداد دخلها كلما ارتفع عدد المشاركين بالعمل الجماعي وازدادت فرص نجاحه. السبب في ذلك يعود الى أن القطاعات الغنية والمثقفة تحمل مهارات تنظيمية وتتمتع بعلاقات عامة وقدرات قيادية  اكثر بكثير من القطاعات الفقيرة. لهذا السبب نجد ان الاضرابات والمظاهرات التي تقوم بها الطبقات المتوسطة والغنية تنتهي غالبا بتحقيق المطالب اكثر من غيرها. هذا ما حصل في اضراب الاطباء مقارنة بإضراب الممرضات او العاملين الاجتماعين او عمال النظافة. سياسة التمييز التي تنتهجها الحكومة ضد الفئات المُستضعفة تجعلها تفقد الأمل في تحسين ظروفها ومن ثم الى فشل أي عمل جماعي تقوم به. الفئة المستضعفة والتي تعاني من التمييز تفقد الثقة بقادتها وتعتبرهم "انتهازيين" وهذا يضعّف العمل الجماعي

هنالك عامل آخر يؤثّر على نجاح العمل الجماعي وهو "التباين" بين طبقات المجتمع على اساس عرقي او ديني او مذهبي او عائلي او اقتصادي او أي تباين آخر. كلما ازداد التباين بين الطبقات وازداد عددها كلما ضعف العمل الجماعي. والسبب في ذلك هو قيام الافراد باشتراط اشتراكهم في العمل الجماعي بالحصول على فوائد تعود الى شريحتهم. هنالك الكثير من الامثلة في الادبيات الاجتماعية حول هذه القضية. باعتبار ان دفع الضريبة البلدية هو نوع من المشاركة في عمل جماعي هدفه توفير ميزانية لتقديم الخدمات البلدية فاننا نجد ان نسبة الاستجابة لدفع الضريبة ترتفع عندما يكون التباين بالشرائح كبيرا. لهذاالسبب امتنع السكان البيض في احدى الولايات الامريكية عن دفع الضريبة عندما قدمت اليها اعداد كبيرة من السكان السود، وعندما سؤل احدهم عن السبب، قال "لماذا ادفع الضريبة؟ هل لأموّل علاج مدمني المخدرات ومقتحمي البيوت ومغتصبي النساء؟". لهذا السبب نجد ان العمل الجماعي في البلدان التي تتعدد بها العائلات او الطوائف ضعيفا. يُروى عن مجموعة عمال من دول اوروبا الشرقية كانوا يعملون في احدى الدول الغربية في قطف التفاح ويتقاضون أجرا شخصيا ثابتا بالضافة الى أجر تشجيع جماعي وفق ما تقطفه المجموعة. عندما انضم الى المجموعة عمال من شمال افريقيا انخفضت انتاجية المجموعة حرصا ألاّ يتمتع العمال الأفارقة من جهدهم الجماعي.

هنالك طبيعة غريبة بعض الشيء للعمل الجماعي تجعل مقاطعته أمراً متوقعا او مفهوما ضمنا. عندما يسأل الفرد نفسه قبيل انخراطه في العمل الجماعي "هل اشارك؟ او لا اشارك" يحاول تنبؤ النتيجة التي سيؤول لها العمل الجماعي "هل سينجح ؟ ام سيفشل؟"، فإذا خمّن انه "سينجح" فسيحاول التملص من المشاركة به لكي لا يدفع الثمن، وأذا خمّن انه "سيفشل" فلن يشارك به ايضا خشية ان يدفع ثمنا للمشاركة في مشروع خائب. اذا في كلا الحالتين يقرر الفرد عدم المشاركة في العمل الجماعي. طبعا لو فكّر كل واحد بهذه الطريقة "العقلانية" التي تعتمد على "المنفعة" لما نجح أي عمل جماعي في العالم، فلماذا مع كل ذلك ننجح احيانا في اعمالنا الجماعية؟

هنالك طريقتان لتحفيز الافراد على المشاركة في العمل الجماعي- الطريقة الاولى، هي فرض "عقوبات" على من يقاطعه و/او منح "مكافأة" لمن يُشارك به. بإمكان "العقوبة" ان تكون على شاكلة "مقاطعة اجتماعية" او "إدانة" او "استثناء" او فرض "غرامة مالية" (مثلاً: على من لا يدفع الضريبة البلدية) او أي عقاب آخر، وبأمكان "المكافأة" ان تكون "مديحا" او "ثناء" او منح مرتبة اجتماعية او تنظيمية او قيادية مرموقة. الطريقة الثانية لتحفيز العمل الجماعي هي نشر القيم الانسانية العامة التي تدعو الى مساعدة الآخرين وتثني على أهمية العطاء وتسعى الى تقوية روح الانتماء خدمة المجتمع دون ان يكون ذلك مشروطا بالحصول على مردود شخصي او مردود فئوي. بعباره اخرى يقوم الافراد بعمل الخير من اجل الخير ايمانا منهم بأن الآخرين ايضا يقومون بالمشاركة من نفس المطلق. ان من يشارك في العمل الجماعي من هذه المنطلقات يتنازلوا عادة عن التفكير "العقلاني" الذي يعتمد على حسابات الربح والخسارة للأمد القصير لصالح التفكير "الروحاني" الذي يعتمد على القيم الانسانية والعطاء من اجل العطاء ومن اجل بناء مجتمع متماسك ومتعاطف مع بعضه البعض.

بإمكان القراء  ارسال ردود فعلهم الى البريد الالكتروني:[email protected]




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت