أيها الحفل الكريم
أشكر لكم حضوركم ، ووفاءكم
أشكر فيكم شهامة الموقف وموقف الشهامة،

واسمحوا أن أخص بالذكر الأخ الرئيس ياسر عرفات الذي قام بتكليف معالي وزير الثقافة الفلسطيني الصديق الصادق والصدوق، يحيى يخلف، ليكون بيننا اليوم.
ومن هنا ندعو إلى تعزيز المعركة للوقوف إلى جانب أبناء شعبنا في مواجهة القتل والهدم والحصار والجدار ونحيي التجاوب الكبير مع حملة الإغاثة التي أطلقناها بعد مجزرة رفح الأخيرة .

هل فعلا مرت عشر سنوات على غياب رفيقنا وقائدنا وشاعرنا توفيق زياد...؟
ألرزنامة لا تكذب، ولكن الزمن يكذب أحيانا...
فاليوم هو اليوم في الرزنامة وكذلك الشهر وكذلك السنة، لكن في الليلة الظلماء يفتقد البدر فليل التأسّي اطول من ليل التلهّي.

كليني لهم ... يا أميمة ناصب
وليل أقاسيه بطئ الكواكب 

فالزمن ليس قيمة مطلقة .. والأمر غير مرهون بالتأسي والتلهي، فالموضوع أكبر من ذلك بكثير ويلامس نسبية آينشتاين وديالكتيك هيغل وماركس.

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

وتوفيق زياد صاحب الحضور المستمر في هذا الغياب، الصاعد من اريحا من رائحة الدولة الى اعتاب الخيبة في برلمان دولة اسرائيل في القدس .... مناضلا صلبا لا مسلّما مستكينا.
" لن نسقط الحكومة ما دامت تجلس الى طاولة التفاوض مع الشعب الفلسطيني ".. هذه هي البوصلة التي وضعها ابو الامين في حديثه عن الجسم المانع ايام حكومة رابين في بدايات عملية السلام.. والموقف لم يكن سهلا.
اليوم نحن بحاجة الى صياغات جديدة تعيد للامور اصولها وتستخدم من المستجدات حيويتها...
وحيث ان الوقت المتاح قصير والاجندة واسعة ... نقول :
في مساحة الدم المفروضة وفي فسحة الامل المطلوبة هنالك مكان لفحص موقعنا في هيكلية التاثير على القرار السياسي وفي سياق شرعية المواطنة في اسرائيل ، بما في ذلك افق التطور السياسي لحزبنا وجبهتنا في الشارع اليهودي وافق التعاون مع اوساط يهودية دمقراطية، وذلك في ظل تواتر التداعيات التي تتعرض لها الجماهير العربية مع ارتفاع اصوات العنصرية والترانسفير ومع رفع نسبة الحسم الى ارتفاع وزن الاعتبارات الهجينة فينا : طائفية ومتساوقة وعميلة.
ان هنالك ضرورة قصوى لتعزيز الوحدة الوطنية الدمقراطية بين جماهيرنا العربية في اسرائيل لتظل هذه الوحدة مظلة يحتمي فيها جميع ابناء شعبنا، لان تصدع هذه المظلة او تمزقها او ضعضعة مناعتها ستدفع بشرائح مختلفة من مجتمعنا للاحتماء تحت مظلة السلطة الحاكمة في اسرائيل... وهذا الامر حاصل الآن ... واكثر خطورة غدا
ان الذي مر على مدينة الناصرة للاطاحة بالقلعة من تآمر خبيث وحقير على وحدة المدينة، ومن صمت أخبث واحقر من الذين اطلقوا فحيح النصائح الحرباوية، هو درس اذا لم نتعلمه فكلنا في خطر.

وعلينا ان نبقى على العهد

علينا ان نعود الى معاجة الاوضاع الاجتماعية الطبقية الماساوية التي يتعرض لها مجتمعنا من قبل المؤسسة الحاكمة، والتي تحاول ان تحوّل نضالنا من مسار تشييد افق وطني ودمقراطي الى اللهاث وراء رغيف الخبز لجعل مجتمعنا اكثر فقرا واقل مناعة واكثر قابلية للاختراق.
فلا مكان للقبول بالقسمة الضيزى التي تحدث عنها توفيق زياد قائلا:
لهم النعمة، والهم لنا والجوع والطاعون
والموت لنا
ولهم كل العذارى وحواري البحر والخير
وكل  الطيبات.
وعلينا ان نبقى على العهد
علينا ان نعود للتسلح بالصوت الجريء الذي ورًّثنا اياه ابو الامين في موضوع المرأة، ورفض التسليم بالدونية القسرية التي اكفر فيها بكل مبرراتها... ليست المرأة بنصف عقل، انما المجتمع بدون المرأة هو مجتمع بنصف عقل.  
إنا باقون على العهد

علينا ان نحمي البيت.. صرح الموقف الصلب الذي وضع معادلة البقاء والحياة والتطور والثقافة، بيت الحزب والجبهة ......وبيت الشعب.

ايها الاخوة والاحبة

اننا لا نقبل ان تكون مفاضلاتنا مختزلة بين قمعية الانظمة وخيانتها وعدوانية امريكا، وكلاهما سيان.
هناك من يحاول ان يجد له مكانا تحت شمس امريكا، لكن هذه الشمس المخاتلة ليست الا نار جهنم وبئس المصير وما كان صحيحا في الماضي فانه اكثر صحة اليوم....
لا يمكن ان تكون وطنيا ولا دمقراطيا ولا انسانيا بدون ان يكون لك موقف واضح من عدوانية امريكا وهيمنتها:
من العراق الى افغانستان الى فلسطين الى اوروبا الى افريقيا الى امريكا اللاتينية.

إنا باقون على العهد

ايها الاخوة هنالك بعض الاقزام المتطاولين الذين يعيروننا على وفاءنا لتوفيق زياد وماير فلنروغيرهم من قياداتنا ... مستعينين بناس من المفترض ان يكونوا شامخين بمواقعهم ولكنهم يصرون ان يكونوا اقزاما في سلوكهم... والصمت على هؤلاء ممنوع والتسامح مع اولئك بات خطيرا.
وهنا لا بد مما ليس بد منه،
في النقاش الذي دار حول تشكيل قائمة الجبهة للكنيست عام 1992 لم اكن الى جانب الموقف الذي حمله توفيق زياد.. واذا كان ثمة ما يرضيني هو ان الامور سوّيت قبل رحيله..
ولكن ارى ان من واجبي اليم ان اقول ان " تجرة" تلك الايام لم تكن على قد العزا.. وكل الذين جرى تشخيص اصابتهم بفيروس الكنيست، على حد تعبير ابو الامين، ليسوا معنا اليوم، ومنهم من ما زال ينفث بذاءاته ومنهم من انتهى تاريخ صلاحيته... وهذا يقول كل شيء.

انت أصبت وأصبت يا أبا الامين..

قلنا في وداعك:
سقط عامود خيمتنا... وعلينا ان نعمل على ان تبقى الخيمة مرفوعة بوصل عصا بعصا، واليوم اقول العصا التي لا تقدر على رفع الخيمة لا حاجة لها والعصا التي ترفع على الخيمة يجب ان تكسر على رأس اصحابها.

إنا باقون على العهد

في حديثه عن الاصل والظل قال توفيق زياد:

في الزمان الصعب ينمو الشك
والريبة تزداد،
وتستشري الظنون
فاحذروا ايها الناس
دكاكين المساحيق
وتسفيط الكلام
والصنانير التي
يلقي بها في البحر
بعض الادعياء التافهين
واحذروا يا ايها الناس
لهاث التائهين
والذين
يطحنون الماء طحنا
ويلوكون الهواء

* وقال عن الايدي  الناصعة :

ايها الناس اتيناكم بفكر وكرامة
وبأيد ناصعة
وطريق واسعة
ألًق الحب الذي يملأها
أطهر من ضوء النجوم اللامعة
تسع الدنيا وما فيها
وكل الأرض،
والأفق،
وقرص الشمس،
والقمر الطالع،
والزيتون،
والفكرة،
والأجنحة الكاسية الريش
وعطر الياسمين
وبكل
الحب
في الدنيا
وبالخير
لكل الطيبين