كلمة الاتحاد- سياسة تعتيم منهجية لتبرير الحرب وتكريس الضحويّة

تعمل المؤسسة الحاكمة في إسرائيل بجميع أذرعها، الرسمية منها و "غير الرسمية"، على إخفاء الحقيقة عن المجتمع الإسرائيلي اليهودي بشأن آثار الحرب على سكان غزة المدنيين، بما يشمل قتل المدنيين من الأطفال والنساء والرجال بمختلف الأعمار، وتدمير حجم هائل من البيوت والأحياء السكنية.

يجري هذا التعتيم بشكل منهجي من قبل الحكومة والجيش، وتتواطأ الغالبية الساحقة من وسائل الإعلام مع هذه السياسة، مما يحجب عن المجتمع الإسرائيلي اليهودي الحقائق البشعة والمرعبة. (المواطنون العرب يرون صورة أوسع وأشمل، مثل سائر شعوب العالم).

هذا التعتيم لا ينطبق على العالم، بمختلف دوله وشعوبه، الذي يرى الفظائع التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية ليل نهار منذ السابع من تشرين الأول بحق المدنيين الفلسطينيين، ولا يتركز في الحديث فقط عن الضحايا الإسرائيليين في ذلك اليوم، الذي شهد فعلا جرائم بشعة ومرفوضة ومُدانة خلال هجوم حركة حماس المفاجئ.

هذا التعتيم هو ما يجعل المجتمع الإسرائيلي اليهودي عاجزا عن فهم هذا الغضب والتنديد والرفض الدولي للحرب على غزة. فهو لا يرى من الصورة سوى الجزء الضئيل الضئيل، وسط محاولة السلطة تبرير الحرب وتكريس فكرة الضحوية المطلقة. وبالتزامن، تواصل الحكومة بيع الأكاذيب للمجتمع وكأنها سوف تحقق انقلابا أمنيا وسياسيا بهذه الحرب، وهو ما يتحفّظ منه ويشكك فيه ويعارضه كل مراقب ومحلل وخبير محايد، يقرأ الواقع بلغة المعطيات وليس بمفردات الدعاية. فهذه الحرب لن تنقل البلاد ولا المنطقة الى الاستقرار – لأن الاستقرار تضمنه الحلول السلمية السياسية فقط لا غير. الحروب، كل الحروب، ليست ولم تكن حلاً.

وتكفي الإشارة الى ما تكشفه صحيفة "نيويورك تايمز" التي تعتبر مناصرة لإسرائيل، عن حجم القتل والدمار الهائل الذي أدى إليه حتى الآن القصف الإسرائيلي – ما اعتبره رئيس الحكومة الاسباني بحق، القتل العشوائي.

فالصحيفة تقول (أنظروا ص 5) إنه ليست هناك حرب في هذه القرن بلغ حجم الموت فيها ما بلغته الحرب التي تشتها إسرائيل على قطاع غزة، مؤكدة: إن أعداد النساء والأطفال الذين سقطوا في غزة منذ بداية الحرب الحالية، بدأ يقترب من الــ12400 أي نفس عدد الذين قتلتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها طوال سنوات في أفغانستان..