تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
إن غياب الرؤية الثقافيّة الفنيّة عن هذا المهرجان ، وإشراك فنانين فيه لاعتبارات شخصيّة .. سياسيّة .. وفي احيان كثيرة تأتي على حساب المستوى الفنّي ، أوقع هذا المهرجان في اشكاليّة وصلت حدّ الدّعوة إلى مقاطعة فقرة ميرا عوض ، ولو عمل القيّمون على المهرجان ، على تشكيل لجنة فنّية مهنيّة ومختصّة ، لخرج مهرجان ليالي الناصرة إلى الجمهور بحلّة أجمل ، ومثّل بالتالي حدثًا فنيّا بارزًا وربّما مركزيّا في بلادنا ، وليس حدثًا عاديّا عابرًا كما هو الآن.
السؤال الذي يلحّ عليّ في هذه العجالة هو : لماذا لم تعمل بلديّة الناصرة على إقامة هذا المهرجان في جبل "القفزة" الذي تمّ فيه استقبال بابا الفاتيكان "بنديكتوس" السادس عشر حين قام بزيارة تاريخيّة لمدينة الناصرة في 14 أيار - مايو 2009 ، حيث أقيم هناك مسرحًا ومدرجات وساحات تتّسع لآلاف الحضور ، وتصلح كما أعلنت البلديّة في حينه لاستقبال المهرجانات الغنائيّة والمسرحيّة وكافة النشاطات الثقافية والفنية. لماذا يضحّون في كلّ ذلك ويقيمونه في مكان آخر يفتقر إلى جميع الوسائل الضّروريّة لمثل هذه الفعاليّات؟ّ!
أرى أن مهرجان ليالي الناصرة ، في حال استمر على نفس المنوال الذي يُدار به من حيث الغياب التام لرؤية فنيّة ثقافيّة ، تعدّها وتشرف عليها لجنة متخصّصة تجتمع بعد نهاية كل مهرجان من أجل تقييمه ، والعمل على تلافي الأخطاء والثغرات في المهرجانات القادمة ، فان مصيره حتمًا سيكون مثل مصير مهرجان جرش الأردني الذي ذوى وأفل نجمه حين لم يستطع أن يطوّر رؤية ثقافيّة تواكب مسيرته الفنيّة.
إن الاعتبارات التي دعت إدارة مهرجان ليالي الناصرة إلى اشراك ميرا عوض في إحدى أمسياته ، لا بدّ أنها أتت في ظلّ الارتجاليّة التي يسير عليها هذا المهرجان ، وإلا كيف نفسّر دعوة فنّانة لا تتوجّه في غنائها بالأساس إلى الجمهور العربي ، وإن تصريحها الذي ادلت به بإحدى حفلاتها في نيويورك عام 2000 ونقلته جريدة "هآرتس" ، بأنها " من وقت اللينش بطّلت فلسطينيّة، وأنها انسانة وبدها تعيش لا أكثر ولا أقل " !
أعتقد جازمًا بأنها من خلال تصريحها هذا (أنها انسانة وبدها تعيش لا أكثر ولا أقل)، إنما أرادت أن ترد على الفنانة الكبيرة ابنة بلدتها "الرامة الجليليّة" كاميليا جبران، حين غنّت رائعتها التي كتب كلماتها الشاعر حسين البرغوثي "يا طيور طايرة" وتقول فيها: (مال الصمود ومالنا / بدنا نعيّش عيالنا / واللي باع حالو باع/ واللي جاع معها ذراع / ومال الصمود ومالنا).
ما يعزّز هذا الاعتقاد هو تصريح آخر لها ، "بأنها لا تريد أن تكون دلال أبو آمنة". أجل : المطلوب أن لا تكون نسخة عن غيرها ، ولكنّها في الوقت نفسه لم تستطع أن تكون هي نفسها .. وبالتالي فإنها لم تشكّل شخصيّتها الخاصة بها في عالم الغناء ، ولم تطبع بصمتها التي من المفروض أن تميّزها عن غيرها في هذا المجال. وإذا أخذنا الأسلوب الغربي الذي تقدّم به اغنياتها بعين الاعتبار ، نرى أنها بهذا الأسلوب لا يمكنها أن تصل إلى الشعوب الغربيّة الأوربيّة ، لأنها مهما اتقنت لغتهم ، فإنها من الصعب ، إن لم يكن من المستحيل أن تجسّد احساسهم ، وبطبيعة الحال فان اسلوبها الغنائي هذا ، سيظلّ يدور في نمط بعيد وغريب عن المجتمعات العربية .
الإرباك الذي سببته ميرا عوض لمهرجان ليالي الناصرة ، كشف الكثير من النواقص والهفوات التي تشوبه ، وبيّن أن الاعتبارات الشخصيّة والسياسيّة وكل ما يندرج تحت باب العلاقات العامة ، ولا يأخذ بالحسبان الاعتبارات الفنيّة أوّلا ، إنما يجعله ليس أكثر من ملهاة ، أو مادة للتّسلية ، ويضع علامات سؤال كبيرة وكثيرة حول استمراره.
(الناصرة)