تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في الحالة الاسرائيلية: تصعيد من دون أفق على كل الجبهات
بقلم:أمير مخول، مركز تقدم للسياسات
1. تلويح بتهجير جماعي ومجزرة كبرى في شمال غزة:
كشفت القناة الثانية عشر الاسرائيلية مساء8 اكتوبر عن حقيقية ان سكان شمال قطاع غزة وحصريا مخيم جباليا، يرفضون الانصياع لأوامر جيش الاحتلال بالنزوح عن شمال القطاع جنوبا نحو "المناطق الامنة". كما شكك المحللون العسكريون في امكانية ان ينجح الجيش في هذه المهمة. سوغ المحللون تقديراتهم بأنه لا ثقة للغزيين في "المناطق الامنة" رغما عن ارفاق الجيش اوامره بخارطة النزوح المعني بها.
الامر الاكثر خطورة هو الذريعة التي وفرها المحللون العسكريون، والقائلة بأن العائلات التي بقيت في شمال القطاع والتي يقدر عددها بنحو 200 – 300 الف نسمة تشكل النواة الصلبة للمقاومة ومعظمها يساند حركة حماس.
يبدو ان هذا "التحليل" للهوية السياسية لسكان شمال غزة، انما هو تبرير مسبق اسرائيليا ودوليا لاحتمالية خطة للتطهير العرقي بالقوة، اي ارتكاب مجزرة بأدوات ابادة جماعية.
يتطابق الامر العسكري بشكل لافت مع خطة الجنرالات التي يتداولها نتنياهو على المستويين الامني والسياسي حتى وإن أعلن مكتبه بأنها لم تقرّ. تقضي الخطة في الجوهر في افراغ شمال محور نيتسريم من كل السكان الفلسطينيين وتحويل المنطقة الى اسرائيلية احتلالا واستيطانا.
نجحت حكومة نتنياهو في تحويل اهتمام العالم وانظاره نحو الجبهة الشمالية، ومن غايات ذلك فك الارتباط بين جبهة الاسناد والحرب على غزة، وكذلك تحويل قطاع غزة كما الضفة الى ساحة خلفية اسرائيلية تتيح للاحتلال القيام بتشريع مشاريعه في القطاع ونحو تقويض امكانية دولة فلسطينية في الضفة والقطاع والقدس.
في خطته "الاستراتيجية" (الإيكونيميست 8/10) يدعو رئيس المعارضة الاسرائيلية لبيد المجتمع الدولي الى "الوقوف الى جانب اسرائيل لإنقاذ لبنان". كما يدعو لبيد الدول المعنية وحصريا الولايات المتحدة وفرنسا الى الاعلان عن "لجنة معيّنة" تدير الحياة المدنية في لبنان وذلك لمدة زمنية محددة، الى حين يكون بالإمكان اجراء انتخابات لبنانية وتتشكل حكومة قادرة على ادارة دفّة الامور. ينبغي ان توفر اللجنة المعينة ما لم يحصل منذ امد طويل الا وهو "العمل لصالح مواطني لبنان".
وفقا لرئيس المعارضة لبيد، فإنه "إذا كان العالم معنيا في انقاذ لبنان، فعليه ان يحدد هدفا واحدا الا وهو: "القضاء على القوة العسكرية لحزب الله، وهذا ليس هدفا اسرائيليا فحسب، بل هو هدف لبناني. وطالما يسيطر حزب الله على لبنان فلن تكون للبنان قيامة". كما وطالب لبيد المجتمع الدولي بالاستثمار في اعادة بناء جيش لبنان – وفي اعادة تنظيم المبنى السياسي اللبناني". مؤكدا أن "الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله تشكل فرصة، وربما الأخيرة، لكي يصبح لبنان دولة طبيعية مرة أخرى" واعتبر ان "لبنان لم يعد دولة حقيقية"
كان من المزمع ان يغادر غالنت تل ابيب متوجها الى واشنطن مساء الثامن من اكتوبر. محور الزيارة كما أُعلن عنه، هو التباحث مع الامريكان بشأن ضربة اسرائيلية محتملة ضد إيران. بينما اعتبر مسؤول كبير في وزارة الدفاع الامريكية ان هدف الزيارة كان "حوار مهني" ومذهولون من تحويلة الى حدث سياسي بين نتنياهو وغالنت وبين نتياهو وبايدن، اذ اشترط نتنياهو موافقته على الزيارة بأن يتصل به الرئيس بايدن لمناقشة الوضع، وبأن يقوم الكابنيت بالمصادقة على خطة الهجوم على إيران، وفقط بعد ذلك يمكن للوزير السفر. وكان رشح عن مكتب نتنباهو باشتراط الزيارة مسبقا بمنع وزير حربه من ابلاغ المسؤولين في واشنطن بموعد وهدف الضربة الاسرائيلية المزمعة.
وفقا لموقع اكسيوس فقد تم تحديد موعد لمحادثة هاتفية بين بايدن ونتنياهو مساء 9/اكتوبر، وصرح نتنياهو بأنه هو من سيقوم بتبليغ ادارة بادين بموعد الهجوم على إيران قبيل ان تنطلق العملية. مما يشير الى سعيه المتقدم الى توريط الولايات المتحدة في حرب مع إيران ومهما كانت عواقبها، ادراكا بأن اسرائيل وحدها غير جاهزة للقيام بفتح هذه الجبهة واعلانها حالة حرب.
قد تكون الغاية من هذه الجولة الجديدة من توتير علاقاته مع غالنت لدرجة إهانته، هي دفع نتنياهو لوزير الحرب الى الاستقالة وشغور موقعه. لا يبدو ان هدف نتنياهو مجرد تعيين ساعر بدلا لغالنت كما يتداول الاعلام، الا ان الغاية الاكثر جوهرية تبدو متعلقة بتعيين قيادة الاركان الجديدة نهاية هذا العام. لقد حصل نتنياهو على تنازل من ساعر عن احقية تعيين قائد الاركان الجديد بعد انهاء هاليفي مهامه، وتحوّل قرار التعيين من وزير الامن الى الحكومة برمتها. بينما لو يبقى غالنت في موقعه فإنه سوف يستخدم صلاحياته القانونية بتعيين قائد الاركان. يأتي هذا التوتر ضمن الصراعات على هوية الجيش المستقبلية وقادته وطبيعة علاقته مع المستوى السياسي.
يدرك نتنياهو كما غالنت بأن قوة الاخير السياسية في الحكومة هي نتاج توافقه التام مع الجيش، والمدعوم بالموقف الامريكي. وهي المنظومات التي تتحدى نتنياهو وعلاقتها به متوترة منذ بداية الحرب وفعليا منذ الصراع حول الانقلاب القضائي، وحاليا تتفاقم حول مسألة تجنيد الحريديم للجيش. كما يدرك غانت بأن نتنياهو قد نجح حاليا في تثبيت ائتلافه بضم حزب اليمين الرسمي اليه، ويملك القوة السياسية لو اراد اقالة غالنت.
توقفت محطات التلفزة ووسائل الاعلام الاسرائيلية عند خطاب نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم (8 اكتوبر)، وأكثرت من تحليل الخطاب ورسائله وأبعاده الميدانية والسياسية على السواء. كما كان لافتا بعد خطاب قاسم مباشرة انطلاق أكبر رشقة صاروخية على حيفا ومنطقتها من لبنان، وذلك بعد ان شدد على تماسك الحزب والحفاظ على قدراته وجهوزيته ومواصلة خططته. جاء الخطاب في نفي تام للرواية الاسرائيلية القائلة بتقويض الحزب او كما صرح غالنت ونتنياهو بانه بات "من دون قيادة عسكرية ومن دون راس" وبأنه فقد القدرة على ادارة منظومته القتالية.
تمسك الاعلام الاسرائيلي بالجملة التي تحدث فيها قاسم عن قبول الحزب بأولوية وقف إطلاق النار، واعتبر المحللون الاسرائيليون بأن في ذلك "اعتراف لأول مرة بفك الارتباط بين جبهة الاسناد وغزة"، وبأن ذلك "نتيجة للضربات التي تلقاها حزب الله من اسرائيل".
سبق ذلك ان أعلن مراسلون عسكريون ومحللون بأن نعيم قاسم قد اختفى واعتبر الاكاديمي المستعرب كيدار بأن قاسم قد "هرب من لبنان كما معظم القيادات المتبقية"، بينما انشغل الاعلام في الترويج الى "صور الانتصار". مقابل ذلك تتسع حلقة التقديرات التي ترى بأن الحرب بعيدة عن الحسم ولا يمكن رؤية ذلك في هذه المرحلة، بل مشددة على القدرات الصاروخية بعيدة المدى والدقيقة التي تكاد تكون لم تستخدم بعد. ثم انشغل الاعلام ايضا في الهجمات الصاروخية متعددة المصادر والمتزامنة على تل ابيب ومركز البلاد، في اشارة الى انه في يوم واحد أطلقت صواريخ كهذه من اليمن ومن العراق ومن لبنان. بينما القلق الاكبر هو من تجاوزها للمنظومات الدفاعية متعددة الطبقات، وهو ما حصل ايضا مع الهجوم الصاروخي الايراني الاخير.
الحرب في الجبهة الشمالية لا تزال بعيدة عن الحسم في مآلاتها ونتائجها على الرغم من كونها حربا غير متكافئة وبشكل صارخ، بل تنبئ التطورات بحرب تدميرية طويلة الامد ذات ابعاد اقليمية ودولية.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
رسالة اسرائيل الى بلينكن: الحسم العسكري أولا ومهما طال
بقلم :أمير مخول
– التسريبات الإسرائيلية التي عقبت اللقاء تشير الى أن العمل الحربي هو ما يصمم الواقع في المنطقة، وأن لا احتمالية لإحداث اختراق سياسي، لا في غزة ولا في لبنان ولا مقابل إيران. بل ان معظم هذه الملفات لا تزال مفتوحة وبعيدة عن الحسم وعلى اسرائيل مواصلة الخيار الحربي حتى تحقيقها.
– ان الملف الايراني يتم التداول فيه اسرائيليا مباشرة مع بايدن ومع وزارة الدفاع ومع الاركان الامريكية وقيادة المنطقة الوسطى، خاصة وأن نتنياهو نجح مؤخرا في منع زيارة وزير الحرب غالنت الى واشنطن وفي إبقاء الحوار الاستراتيجي مع ادارة بايدن بين يديه وبمساعدة وزيره المقرب رون ديرمر.
– كشفت المصادر الإسرائيلية، أن تصريحات إيران ورسائلها بأنها غير معنية بالانجرار الى حرب اقليمية والى انها معنية بتجديد الحوار النووي مع الولايات المتحدة وبوساطة قَطرية وأخرى عُمانية، لهذا فهي ترجح احتمالية سعى بلينكن في لقاءات تل أبيب للتوصل الى توافق مع اسرائيل بموجبه تحدّ من قوة ضربتها المتوقعة في إيران بهدف انهاء هذا الفصل من الضربات المتبادلة والعودة الى اتفاق نووي مع إيران.
– كشفت المصادر أيضا أ، الوزير الأمريكي طرح ضرورة، السماح بدخول المساعدات “الانسانية” لغزة مقابل تعهد بزيادة الدعم بالعتاد والأسلحة لإسرائيل، كما انه كرر التلويح بجزرة “التطبيع مع السعودية” ، وهو ما رفضته السعودية ما لم يكن مشروطا بقيام الدولة فلسطينية، ، وقد شكك قادة اليمين الاسرائيلي بجدية الولايات المتحدة ويتهمها بالتلويح بهذا الملف بهدف الضغط على حكومة اسرائيل.
غادر بلينكن تل أبيب الى الرياض، في لقاء ربما يكون الأخير في عهد الإدارة الحالية مع المسؤولين السعوديين، وعلى الفور اشتغلت ماكينة الاعلام اليميني الأكثر رواجا في إسرائيل، تؤكد فشل الزيارة في تحقيق أهدافها المحددة، وان نتنياهو وحكومته يعولون على رحيل هذه الإدارة لصالح ترامب والجمهوريين، وأشارت ابواق اليمين الى عدد من القضايا:
– ان إدارة بايدن ليس لها ما تطرحه ولا تملك استراتيجية، بل انها “تسعى للركوب على موجة الانجازات العسكرية الإسرائيلية”، في لبنان وفي غزة واقليميا، والى انه لو استجابت حكومة نتنياهو لضغوطات ادارة بايدن في العام الاخير لكانت اسرائيل قد خسرت الحرب في كل الجبهات. وتؤكد القناة 14 كما صحيفة يسرائيل هيوم بأن القول الفصل في تصميم المنطقة هو للفعل العسكري الاسرائيلي وليس لأفكار ونصائح ادارة بايدن، معتبرين زيارة بلينكن عديمة الأثر.
– لكن اللافت ان تيارات اليمين فتحت النار بعد مغادرة بلينكن على قيادة الجيش ووزير الحرب غالنت وضد قائد الاركان هليفي، وتعتبرهما “اصدقاء الامريكان” وتطالبهما بالتنحي. كما وتؤكد ان “الانتصارات” تمت مؤخرا بفضل تخلص نتنياهو من كابنيت الحرب مع غانتس وايزنكوت، وبفضل عدم اذعان نتنياهو لضغوطات الجيش ولوزير الامن بشأن الصفقة وعدم الانصياع للأمريكيين بصدد قوة وحجم الضربة الاسرائيلية في لبنان.
– لم يغادر بلينكن تل أبيب قبل ان يوجه رسالة فسرت بانها موجهة الى الولايات المتأرجحة انتخابيا في بلاده وللتيار التقدمي في حزبه، حين أكد في لقائه مع الصحفيين الامريكيين بأن نتنياهو التزم امامه بأن “اسرائيل لا تنوي ترسيخ تواجد ثابت ودائم في غزة؛ مضيفا “يجب ان تكون خطة واضحة وعملية مواصلة الامور”، أشار أيضا الى أن ادارة بايدن تسعى الى بلورة “مخطط لليوم التالي للحرب” قائم على مبدأ استبعاد حماس عن اي حكم وسلطة في غزة، وبأن اسرائيل لن تواصل حكمها في غزة وترسخه بشكل ثابت. كما أكد على رفض واشنطن لخطة الجنرالات المعروفة بخطة غيورا ايلاند. ومنح نتنياهو مهلة 30 يوما لإدخال المساعدات الملائمة الى قطاع غزة.
– وفي عبارة ليس لها مكان من الصرف عند حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل واشبه بالنصيحة، ختم بلينكن بالقول، “بانه حان الوقت كي تحوّل اسرائيل النجاحات العسكرية في غزة ولبنان وخاصة اغتيال السنوار ونصر الله الى انجازات تجد تعبيرا عنها في مخارج سياسية.
في الخلاصة بالامكان الاشارة الى النقاط التالية:
• توجد قناعة اسرائيلية بأن القول الفصل في المرحلة القادمة هو للعمل الحربي باعتبار أن اسرائيل تتجه نحو تحقيق الانتصار على كل الجبهات. وبأن الولايات المتحدة لا تملك استراتيجية فعالة بل تبني مخططاتها على اساس الانجازات العسكرية الاسرائيلية وفقا لحكومة نتنياهو.
• الفكرة بأن ادارة بايدن تسعى الى تأجيل الضربة الاسرائيلية الى ما بعد الانتخابات تفقد من فاعليتها وباتت غير دقيقة، اذ وفقا لمعظم التقديرات فإن الناخب الامريكي قد حسم موقفه لغاية يوم الانتخابات ولن يتأثر بالوضع في المنطقة، وحتى ان اسقاطات هجوم على ايراني لن تؤثر على الاقتصاد الامريكي (ارتفاع اسعار النفط) وبالإمكان تجاوز أثرها فيما لو حدثت وترحيله الى ما بعد الانتخابات.
• هناك تراجع واضح في منسوب التوقعات الاسرائيلية الشعبية والرسمية من ادارة بايدن. كما وتوجد خيبة أمل لدى عائلات الاسرى والمحتجزين الاسرائيليين من مستوى التأثير الامريكي على حكومة نتنياهو، مما قد يدفع الى اضعاف أثر حراك العائلات والمطالبة بالصفقة.
• هناك قناعة في اسرائيل بأن ملف “التطبيع مع السعودية” غير قائم فعليا بينما يتم التلويح فيه لاحتياجات بايدن وادارته وحسب.
• تزامنت زيارة بلينكن مع اعمال ابادة ومجازر وتطهير عرقي كامل تقوم به اسرائيل في شمال قطاع غزة، تفوق في وحشيتها خطة الجنرالات، الا انه لم يتطرق الى مجازر الإبادة هذه، ومنح نتنياهو مهلة شهر كامل لمواصلتها.
• كل “التزامات” نتنياهو التي تبجح بها بلينكن معتبرا انها انجازات، هي التزامات مضللة، ولا تعني سوى مواصلة حرب الابادة على ارض الواقع، اذ ان الموقف الرسمي يقول بأن اسرائيل ستبقى في غزة لفترة غير محدودة.
• بتقديرنا ان الواقع العسكري الحربي هو القول الفصل، ولا يزال بعيدا عن الحسم سواء في غزة ام في لبنان ام اقليميا، والى حينه فإن مشروع ترسيخ احتلال غزة وتقسيمها وتهجير اهلها وإعادة لاستيطان، كلها اقوى من اية سياسة امريكية.
• هناك تناقض صارخ بين نوايا بايدن المعني باتفاق نووي مع إيران وبين نوايا نتنياهو الذي عمل على الغاء الاتفاق النووي الذي ابرمه اوباما وانسحب منه ترامب، بل ان اسرائيل أقرب الى الخيار العسكري من اي وقت سابق، مما يؤكد احتمالية حرب اقليمية ذات ابعاد دولية.