تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تقدير موقف، مركز تقدم للسياسات
كثرت التأويلات في تفسير غياب وليّ العهد السعودي عن قمّة مجموعة “بريكس بلس” في 22- 24 اكتوبر 2025 في قازان الروسية. ويفترض أن يكون الأمير السعودي هو الغائب الوحيد من بقية قادة الدول العشر الأعضاء داخل هذا التكتل. وفيما لم يصدر تفسير رسمي من الرياض بشأن هذا الغياب، سعت موسكو إلى عدم إثارة أي ضجيج بشأن هذه المسألة والتأكيد على حسن العلاقة مع الرياض. فما هي أسباب موقف الرياض من هذه القمّة ومن روسيا بالذات؟
نحاول عرض المسألة من خلال قراءة للمعطيات التالية:
– تنعقد في قازان بروسيا القمة السادسة عشرة لمجموعة “بريكس بلس” من 22 إلى 24 أكتوبر الجاري. بعد أن تمّ توسيع التكتل ليشمل إضافة إلى الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، كلا من مصر وإيران والسعودية والإمارات وأثيوبيا.
– في 10 اكتوبر، أعلن الكرملين إنه من غير المتوقع أن يحضر ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، القمة. وقالت مصادر موسكو إن الدعوات إلى هذه القمة أرسلت إلى 38 دولة وأن 32 منها أكدت مشاركتها بينها 24 ستكون ممثلة على مستوى القادة”، وأن 9 من بين 10 دول في مجموعة بريكس سيمثلها قادتها في القمة.
– كانت قمّة بريكس لعام 2023 قد وجهت دعوة لعدد من الدول، من بينها السعودية للانضمام إلى التكتل. ورغم أن غموضا شاب موقف الرياض، غير أن السعودية أعلنت في يناير 2024 أنها بدأت تباشر عضويتها في المجموعة. لكن مراقبين لاحظوا عدم مشاركة السعودية في الفعاليات الهامة للتكتّل. يضاف غموص الموقف السعودي إلى رفض الأرجنتين دعوة “بريكس” للانضمام للتكتل.
– تساءل مراقبون حول ما إذا كانت الرياض قد اتّخذت قرارها بشأن ما إذا كانت ستكون عضوا كاملا داخل “بريكس” أو عضوا مراقبا. وعما إذا كان أمر هذه الضبابية عائد إلى فتور في علاقة الرياض وموسكو، أو إلى ما يتناقض مع علاقات تسعى لرفع مستواها مع الولايات المتحدة.
– في يونيو 2024، صرح نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بعد الاجتماع الوزاري لدول « بريكس”، بأن الجانب الروسي تلقى إشارة من زملائه السعوديين مفادها أن عدم مشاركتهم في جميع فعاليات المنظمة يعود لعدم اكتمال “التدابير الداخلية”.
– وفق مصدر سعودي مراقب، فإن “التدابير الداخلية تعني أن المملكة تدرس فوائد انضمامها للتكتل الجديد ليس فقط سياسياً أو استراتيجياً والمتعلقة بتكوين نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، ولكن كذلك الفوائد الاقتصادية التي تتطلع إليها المملكة، في ظل رؤيتها 2030، والتحول إلى مركز صناعي ولوجستي في الشرق الأوسط.
– يعتبر مراقبون أن غياب الأمير محمد بن سلمان عن القمّة في روسيا بعد أيام على حضوره القمّة الخليجية الأوروبية في بروكسل في 16 اكتوبر الجاري يطرح أسئلة. علما أن وجوده في قمة بريكس من شأنها من جهة أخرى بعث رسالة سياسية داعمة لروسيا ورئيسها، فلاديمير بوتين، ضد جهود العزل التي تبذلها الولايات المتحدة على رأس المنظومة الغربية.
– تتحدث بعض الأوساط عن برودة في العلاقات بين روسيا والسعودية بسبب تقارير تحدثت عن عزم الرياض التخلي عن سياسة السعر النفطي المرتفع لصالح رفع نسب الإنتاج والتصدير لتوسيع حصتها في السوق النفطي، ما من شأنه خفض الأسعار وتقليل الوفورات المالية التي تموّل فيها روسيا آلة الحرب في أوكرانيا.
– تنفي مصادر روسية مراقبة وجود أي خلافات بين البلدين، وخصوصا في قطاع النفط، وتؤكد على تعاون البلدين داخل منظومة “أوبك بلس”. وتلمّح هذه المصادر أن السعودية كانت غاضبة من سياسات منتجين آخرين (بعضهم عرب) ولا خلاف في هذا الصدد مع روسيا.
– نفي مصدر سعودي مراقب وجود أي خلاف سياسي بين الرياض وموسكو. كما نفى أيضا تعارض الامر مع العلاقة مع واشنطن، مذكّرا بما قاله الأمير محمد في مقابلة مع “فوكس نيوز” الأميركية، في سبتمبر 2023، من أن مجموعة دول “بريكس” ليست ضد الولايات المتحدة، بدليل وجود حلفاء داخلها.
– أثارت بعض التحليلات رفض سابق لروسيا لفكرة استضافة السعودية لمؤتمر متعلّق للسلام في أوكرانيا. غير أن الموقف الروسي تغيّر بعد ذلك. وقد قال بوتين في 18 اكتوبر: “نحن نعتبر السعودية بلداً صديقاً، ولدي علاقة طيبة مع الملك سلمان، وتربطني علاقة شخصية قوية مع ولي العهد، أنا مؤمن بصدق السعودية (في الوساطة مع أوكرانيا)، وإذا تم عقد مؤتمر في السعودية طبعاً المكان بحد ذاته بالنسبة لنا يعد مريحاً”.
– قالت مصادر روسية مراقبة أن العضوية الكاملة للسعودية في “بريكس” تحتاج إلى تفاهمات تقنية ومعيارية وليس سياسية، وأن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، الذي سيمثل السعودية في القمّة، سيعقد اجتماعات في هذا الشأن لتذليل أي عقبات تقنية.
– تحدثت بعض التقارير عن امتعاض سعودي من معلومات تحدثت عن قيام روسيا بتسليح جماعات موالية لإيران، بما في ذلك جماعة الحوثي. ورأى معلّقون أن هذه الإجراءات الروسية المحتملة قد يكون هدفها مناوأة الوجود الأميركي في المنطقة لكنها تشكّل تهديدا للأمن السعودي.
– تستبعد مصادر محايدة أن تكون السعودية مترددة في الانضمام إلى “بريكس” بسبب مفاوضات تجري مع الولايات تهدف إلى رفع العلاقات إلى مستوى استراتيجي. وتقول إن الأمارات باتت، منذ سبتمبر 2024، تمتلك صفة شريك دفاعي، مثل الهند، للولايات المتحدة، ومع ذلك هي عضو كامل في “بريكس” ويحضر رئيسها، الشيخ محمد بن زايد، أعمال القمة في قازان.
خلاصة:
**رغم غياب ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن قمّة “بريكس بلس” في روسيا، تحرص موسكو والرياض على نفي أي خلاف بينهما من دون إعطاء تفسير رسمي عن أسباب هذا الغياب من بين كافة قادة الدول الأعضاء الذي سيحضرون القمّة.
**تتحدث بعض التقارير عن خلاف بشأن السياسية النفطية، أو بسبب تقارير عن تسليح موسكو للحوثيين، أو موقف موسكو السابق السلبي لدعوة السعودية لمؤتمر سلام في الرياض بشأن أوكرانيا. لكن كل هذه الأسباب تبقى افتراضية.
**تنفي المصادر أن يكون سبب تحفّظ السعودية هو مفاوضات من اجل علاقات استراتيجية مع واشنطن. ويذكرون أن الإمارات تمتلك علاقات متينة مع واشنطن وهي عضو كامل في “يريكس” ويحضر الشيخ محمد بن زايد القمّة.
**يعتبر مراقبون أن غياب وليّ العهد يبعث رسالة سلبية إلى بوتين الذي يستضيف القمّة، وأن حضوره كان من المفترض أن يدعم موقف الرئيس الروسي في مواجهة الغرب.
(نقلا عن موقع مركز تقدم للسياسات https://www.arabprogress.org/ مشكورين )