تواصل معنا عبر الفيسبوك ![]() | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
ملخص قراءات أمير مخول، مركز تقدم للسياسات
(1)
بيان ضباط سلاح الجو، يتجاوز حدود الحالة السياسية الاسرائيلية
في تطور مفاجئ أربك الساحة السياسية الإسرائيلية، وجه ضباط الاحتياط والمتقاعدين في سلاح الجو الاسرائيلي رسالة الى رئاسة الحكومة والرأي العام جاء فيها: "نحن، جنود الاحتياط ومقاتلي الطاقم الجوي المتقاعدين، نطالب بعودة المختطفين دون تأخير، حتى على حساب الوقف الفوري للحرب. في هذا الوقت، تخدم الحرب بشكل أساسي المصالح السياسية والشخصية، وليس المصالح الأمنية. إن استمرار الحرب لا يسهم في تحقيق أي من أهدافها المعلنة وسيؤدي إلى مقتل المختطفين وجنود جيش الدفاع الإسرائيلي والمدنيين الأبرياء وتآكل جنود الاحتياط."اضافت الرسالة:
"كما ثبت في الماضي، فإن الاتفاق وحده هو الذي يمكن أن يعيد المختطفين بأمان، في حين أن الضغط العسكري يؤدي بشكل أساسي إلى قتل الرهائن وتعريض جنودنا للخطر. ندعو جميع مواطني إسرائيل إلى التعبئة في العمل، والمطالبة في كل مكان وبكل الطرق: أوقفوا القتال وأعادوا جميع المختطفين – الآن. كل يوم يمر يعرض حياتهم للخطر. كل لحظة إضافية من التردد هي وصمة عار ".
تحليل:
- في اعقاب فشل قيادة الجيش بالتهديد والترغيب في ثني أصحاب الرسالة عن نشرها وسحب تواقيعهم، اعلن قائد سلاح الجو توقيف الضباط في الاحتياط على الخدمة في الجيش، وذلك لتدارك احتمالية اتساع نطاق توقيعات الضباط والجنود من مختلف وحدات الجيش، اذ يواجه الجيش ظاهرة تذمر واسعة النطاق لدى جنود الاحتياط، وكذلك لدى عائلات الجنود النظاميين الذين يحظر عليهم التعبير عن مواقفهم في الجيش، مما سيخلق حالة احباط داخلي وفقا للقيادة العسكرية والسياسية وهو ما من شأنه ان ينعكس على استمرار الحرب من جهة، وعلى تعاظم دور حركة الاحتجاج وحصريا حراك عائلات الاسرى والمحتجزين.
- تتجاوز رسالة ضباط سلاح الطيران الساحة الاسرائيلية الداخلية، بل من شأنها التفاعل عالميا وحصريا في الولايات المتحدة وادارة ترامب، وهي تلتقي الى حد كبير مع جهود حراك عائلات الاسرى والمحتجزين مع الرئيس ترامب ومساعده ويتكوف، كما تلتقي مع تصريحات ترامب خلال لقائه مع نتنياهو 7 نيسان، حين اعلن ترامب ان الحرب ستنتهي قريبا وان معظم الاسرائيليين يريدون اعادة المحتجزين كأولوية. ان هذا الالتقاء مع ادارة ترامب يجعل حراك الطيارين يتمتع بقوة الرسالة المضاعفة ولأثرها في الساحة الاسرائيلية.
- تشكل رسالة جنود وضباط سلاح الجو لائحة اتهام مباشرة للمستوى السياسي الاسرائيلي برئاسة نتنياهو؛ باعتبارهم ان الحرب باتت تخدم بشكل أساسي المصالح السياسية والشخصية، وليس المصالح الأمنية. بل ان استمرار الحرب لا يسهم في تحقيق أي من أهدافها المعلنة وانما سيؤدي إلى مقتل المختطفين والجنود والمدنيين ولاستنزاف جنود الاحتياط.
- اعلن احد المبادرين للمجموعة بأن العدد 950 يتطرق الى الذين وقعوا على البيان حاليا، بينما لم تنته المهمة. ثم أكد على موقع "واينت" بان الرسالة لا تحمل اعلانا برفض الخدمة العسكرية، بل وانها ليست موجهة اصلا الى الجيش، "بل هي نداء الى حكومة اسرائيل لإعادة كل المختطفين حتى بثمن وقف الحرب". في اشارة الى ان الحرب لم تعد تخدم "الاهداف المعلنة" بما فيه دلالة على اتهام للحكومة بوجود اهداف غير معلنة لا علاقة لها بمسألة الاسرى والمحتجزين.
- بخلاف تصريحاته السابقة بصدد الرسالة قبل نشرها بأنه يحيل معالجتها الى رئيس الاركان وقائد سلاح الطيران، سعى نتنياهو في اعقاب نشرها الى التأكيد بان الموقعين هم “مجموعة هامشية متطرفة تحاول كسر المجتمع الاسرائيلي"، تأتي هذه الخطوة تداركا لاحتمالية تحرك رئيس الاركان زمير وقائد سلاح الجو الى الحوار مع الضباط الموقعين، ونظرا لكونها تسعى لتقويض محاججة نتنياهو شخصيا بشأن تجديد الحرب على غزة وتهميشه لملف الاسرى والمحتجزين.
- للخلاصة:
**. هناك حالة تذمر اخذة بالاتساع الملحوظ في صفوف الجيش باعتبار الحرب على غزة وحصريا في مرحلتها الحالية حربا سياسية وليست لأهدافها المعلنة، ولن يكون من المستبعد ان يشهد الجيش رفضا واسعا للخدمة العسكرية في غزة.
** اخفق المستويان السياسي وقيادة الجيش في كبت صوت الاحتجاج الداخلي وهو ما من شأنه ان يشكل دفعة نوعية لحراك عائلات الاسرى والمحتجزين من اجل اتمام الصفقة.
** يبدو ان هذا الحراك أبعد من حصره في الصراعات الاسرائيلية الداخلية وحسب، بل يساند موقف ادارة ترامب.
** لا مكان للتعويل على اعتابار أن بيان ضباط سلاح الجو هو حراك سلمي، وهذا في المقابل لا يقلل من أثره واهميته، لأنه يشكل معوّقا لمواصلة الحرب على غزة، بما فيه على مشروع التهجير والتطهير العرقي، ويشكل قوة ضاغطة وذات أثر من اجل اتمام الصفقة والتبادل وانهاء الحرب على غزة.
(2)
تفاقم أزمة الشاباك في إسرائيل:
ماذا تخفي استراتيجية ارباك الرأي العام؟
الملقب أ.، ضابط احتياط في جهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي “الشاباك” قام وبشكل منهجي ومتكرر بتسريب وثائق سريّة من حواسيب جهاز الامن الداخلي الى احد الوزراء ولصحفيين. تم التحقيق معه في الجهاز واعتقاله من قبل الشرطة والتحقيق معه في وحدة التحقيق مع رجال الشرطة.
يرى الشاباك ان تسريب الوثائق فيه مس بالأمن، وخيانة الامانة وان بروتوكول الشاباك يفرض في مثل هذه الحالات سجنا لخمس سنوات.
شهد الكشف عن هذه القضية واعتقال الضابط حملة غير مسبوقة من اليمين الاسرائيلي الحاكم تستهدف كلا من رئيس الشاباك رونين بار والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا التي صادقت على التحقيق.
قراءة:
لاذ نتنياهو بالصمت ولم يصدر عنه أي تصريح، في حين أتاح لوزرائه من الليكود والصهيونية الدينية والقوة اليهودية وإلى اعضاء الكنيست ورئيسها القيام بأضخم حملة تصريحات متزامنة تمجد بالضابط أ. وتشيطن رئيس الشاباك واتهامه بالتآمر. في حين ألغى نتنياهو اجتماعا أمنيا مقلصا بعد أن هدد سموتريتش بأنه لن يشارك في اي اجتماع يشارك فيه رئيس الشاباك.
تقاطعت ردود فعل وزراء نتنياهو ونواب اليمين ما بين المطلب بالإقصاء الفوري لرئيس الشاباك، واتهامه بتحويل الجهاز الى "ميليشيا في خدمة الدولة العميقة"، واتهامه بأنه "خطر على الديمقراطية"، وبأنه "يتمترس خلف المحكمة العليا، وبأنه يتصرف كما لو كان يملك جهاز استخبارات خاص به، وأساء استخدام موقعه، وبأن الشابات أصبح مافيا. كما طالب البعض بتعيين الضابط الرفيع أ. رئيسا للشاباك بدلا من بار.
كان لافتاً من بين عناوين الصحف ما ورد في موقع صحيفة يسرائيل هيوم اليمينية والتي تأسست عام 2007 خصيصا لدعم نتنياهو، وتعتبر الأوسع انتشارا في اسرائيل. عنونت الصحيفة تقريرها بما يلي: "ليذهب أمن الدولة إلى الجحيم: بالنسبة لنتنياهو فإن المعركة هي ضد رونين بار". كما كان لافتا صمت الأحزاب الحريدية الدينية.
تزامنت حملة الائتلاف الحاكم مع اتساع متسارع لنطاق حملة الضباط والجنود في الاحتياط ودعوتهم إلى المضي في صفقة التبادل وانهاء الحرب على غزة، واتهام نتنياهو بإدارة حرب سياسية شخصية ذات أهداف بعيدة عن الأهداف المعلنة للحرب. سعى رئيس الأركان ايال زمير الى اسكات صوت التمرد السياسي بين ضباط الاحتياط، ففي كل خطوة عقابية قام بها انضمت أوساط تقدر بعشرات الآلاف ويخرج الموضوع عن السيطرة، مما اضطر اركان الجيش الى اعادة النظر في قرارات فصل عدد من الضباط الذين وقعوا على العرائض الاحتجاجية، كما أعلن عن تخفيف عدد الجنود في الخدمة الاحتياطية في العمليات الجارية في غزة.
مساء 15 نيسان بث التلفزيون الاسرائيلي القناة 12 تقريرا عن تراجع نسبة الاستجابة إلى دعوة جنود الاحتياط الى الخدمة القتالية بنسبة 40% منذ بداية العام الحالي، وأكد التقرير على أن نسبة عدم الاستجابة للاستدعاءات تبلغ ما بين 50% و70% مقارنة مع بداية الحرب على غزة عام 2023 حين بلغت في أقصاها 300%، اي المثول للخدمة القتالية حتى من دون استدعاء أو البقاء فيها أكثر من الفترة الاصلية.
كما تزامن مع تزايد الانتقادات في واشنطن للوزير ديرمر الذي عينه نتنياهو رئيسا للوفد المفاوض بصدد الصفقة بعد تخلص نتنياهو من رؤساء الاجهزة الأمنية لرئاستها، واعتبرته الادارة معوّقا للتقدم، وبخلاف رهان نتنياهو على ديرمر أنه الورقة الرابحة أمام إدارة ترامب فقد انقلبت الامور حاليا.
كما تزامنت الحملة على رئيس الشاباك مع تصاعد حراك عائلات الاسرى والمحتجزين ومع مساعي الوسطاء والتوقعات بالتوصل الى صفقة تبادل وانهاء الحرب.
من اللافت مؤخرا هو أنه مع تزايد الضغوطات الشعبية لصالح الصفقة مسنودة بالدعم الأمريكي، ومع احتمالية تحققها العالية، يتم وبشكل يبدو منهجيا من قبل نتنياهو وحكومته بما يمكن أن نطلق عليه "خربطة الرأي العام" وحرفه عن موضوعه الأساس وهو صفقة التبادل بما فيها إنهاء الحرب. ليغدو إرباك الرأي العام ودفعه إلى التمحور في "الخطر الداخلي" من قبل الدولة العميقة، استراتيجية شعبوية ممنهجة سعيا للحيلولة دون وقف الحرب حتى ولو كان ذلك على حساب الأسرى والمحتجزين.
الخلاصة:
** المعركة الدائرة هي أبعد من حصرها في تحجيم دور رئيس الشاباك ودفعه للاستقالة، بل الى وقف حملة ضباط الاحتياط في الجيش التي تتحول الى حراك فيه ملامح تمرد سياسي غير مسبوق، ونجح في إحداث انزياح واضح لصالح الصفقة وإنهاء الحرب على غزة وذلك من منطلقات أمنية وصهيونية باستعادة الأسرى والمحتجزين.
** يبدو ان نتنياهو وأقصى اليمين قد نجحوا في تسديد ضربة نوعية جديدة الى جهاز الامن العام "الشاباك" سعيا لتغيير هويته وإخضاعه لمبدأ الولاء السياسي وليس للقانون واعتبارات الأمن القومي، وذلك سعيا لحسم المعركة على منظومات الدولة.
** الصراع بين المستوى السياسي الحاكم من اقصى اليمين وبين منظومات الدولة أصبح خارج السيطرة، ويبدو أن السلطة التنفيذية لا تزال تملك مواطن القوة الأكبر.