تواصل معنا عبر الفيسبوك ![]() | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
نحن في قلب العاصفة
بقلم:الرفيق فاتن كمال غطاس – الرامة
طريق صعب وشائك خطته الأقلية الفلسطينية الباقية في الوطن في الجمع بين تعاملها مع المواطنة الاسرائيلية وانتمائها الوطني، انتمائها لشعبها الفلسطيني، استطاعت ايجاد التوازن الصحيح وعدم الإخلال حتى بالقوانين العنصريّة التي ميزت ضد العربي منذ قيام الدولة حتى الآن. منذ بداية هذه الحرب يجري هجوم واسع وشامل على مواطنتنا وتنفيذ لما حذرنا منه عند إقرار قانون القومية ومحاولة تحويلنا "رسمياً" إلى ضيوف في وطننا، إلى جانب حملة شاملة ومنهجية لكم الأفواه وترهيب مجتمعنا وتهديده بلقمة العيش ومنعنا من إطلاق اية صرخة تعبر عن الألم الإنساني عما يمر به شعبنا من حرب الإبادة التي تشنها الحكومة عليه. الهدف هو إعادة الحلم الصهيوني ان نكون "حطابين وسقاة ماء " ان نبني ونعمر ونعالج المرضى ونخدمهم كالعبيد، حامدين وشاكرين "ولي النعمة" ومن لا يعجبه الامر أبواب التهجير مفتوحة على مصراعيها.
هذا إلى جانب العمل المنهجي والمخطط له للحكومات المتعاقبة على إطلاق العنان لعصابات الإجرام كي تفتك بطشا في مجتمعنا، تقتل الآلاف وتدمر الحصانة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع الفلسطيني في البلاد وتساهم في حربهم الديمغرافية علينا وفي التهجير الطوعي.
تعمل المؤسسة على إخراجنا من دائرة التأثير، سياسيا واقتصاديا، بكل الوسائل وفي جميع المجالات، منها: ضرب وتفسيخ القائمة المشتركة وإنزال التمثيل البرلماني ب 33%، آلاف الأطباء العرب يبحثون عن عمل، بينما هنالك نقص أطباء في البلاد!، كذلك آلاف المعلمات العربيات دون عمل وجهاز التعليم اليهودي ينقصه الآلاف من المعلمات، حماة القانون يمتازون في تنفيذه على العرب بشكل انتقائي، لقمع التعبير عن الرأي، مخالفات السير، مخالفات البناء، غير المرخص، فهذا يدر أرباح كبيرة، بينما يمتنعون عن إنفاذ القانون على القضايا المفيدة للناس، من تنظيم وإدارة البلدات العربية حتى إلى قوانين المحافظة على صحة الجمهور وغيرها وما الت اليه الأوضاع في بلدية الناصرة هو بفضل هذه السياسة.
ما زالت حرب الإبادة على شعبنا تحد من قدرة المجتمع على النهوض لمجابهة هذا الوضع، يوجد إحباط واسع وفقدان للثقة والأمل بالقدرة على تغيير الوضع الراهن وهذا ما نلمسه بكل التحركات العديدة التي نقوم بها ضد حرب الإبادة.
لن نستسلم
للجماهير الفلسطينية في البلاد كل الدوافع للخروج إلى الشارع وإطلاق صرخة غضب قوية، الشعور العام لدى الجمهور ان الوضع لا يحتمل ويستدعي التحرك، لكن البوصلة مفقودة، اليأس والإحباط هو ليس خيار أبدا، على الأحزاب السياسية ان تأخذ دور فعال أكثر للتعبئة والتوعية ورفع جهوزية الجمهور وتنظيمه للنضال السياسي الجماهيري.
في نفس الوقت نرى الآلاف المؤلفة من المواطنين اليهود يخرجون يومياً إلى الشوارع منذ أكثر من سنتين، في البداية كان على ما سمي بالانقلاب الدستوري وبعدها على قضية المخطوفين، وبعدها على خطوات الحكومة اليمينية بتصفية كل من يعارضها من الأجهزة الأمنية والقضائية في الدولة، لم ينضم العرب إلى هذا الحراك بشكل واسع وهذا مفهوم وله أسباب عديدة، ولكن هل ما يحصل في البلاد لا يهمنا ولا يؤثر على حياتنا?
صحيح ان جميع مؤسسات الدولة مبنية بشكل عنصري وتميز ضد العرب بشكل كبير، والتاريخ شاهد على ما نقول، لم تنصفنا المحاكم ولا محكمة العدل العليا، الشرطة ترى بالعربي متهم حتى يثبت براءته، النيابة العامة أغلقت ملفات عديدة لشكاوى المواطنين العرب ضد الشرطة، سُن قانون القومية العنصري ولم يعترض عليه أحد، لا يمين ولا مركز ولا ما تبقى من اليسار. امام هذا النظام العنصري علينا ان نحدد: ماذا نريد؟
نريد البقاء في وطننا والعيش بكرامة وحرية ومساواة، نريد العيش بأمن وأمان وراحة بال مثل باقي الشعوب، نريد العدالة لقضية شعبنا ووقف حرب الإبادة وهذا النزيف الدامي، لتحقيق هذه الأهداف علينا العمل، لا يمكن الجلوس في البيت والتوقع ان يتغير العالم لصالح قضيتنا. في هذا العالم الرأسمالي الذي يستغل الطبقة العاملة ويسحق الشرائح المتوسطة ويهمش الأقليات ويشن حرب دينية علينا جميعاً. هذا العالم فاقد الإحساس والتأثير على ما يجري من جرائم لم يشهدها العالم من قبل ترتكب بحقّ شعبنا.
الخوف هو أكثر شيء إنساني وطبيعي، لكن الخوف ليس بوليصة تأمين، عندما تحترق الحارة اعرف ان الحريق سيصل بيتك، حتى لو اغلقت بابك ولم تخرج منه، الكثير من الأبرياء زج بهم في السجون في هذه الحرب، والكثيرون من الابرياء قتلوا وأصيبوا في حرب عصابات الإجرام والعنف المستشري في مجتمعنا.
نعم علينا الخروج للشارع للدفاع عن هويتنا القومية وهويتنا المدنية، شوارعنا بحاجة لنا أكثر من "كابلان" ومطالبنا مختلفة، صحيح اننا متفقين معهم على اسقاط هذه الحكومة، لكن طريقنا مختلف وعلينا إعادة جماهيرنا لطريقنا النضالي وتحصين مجتمعنا وتحضيره لخطوات نضالية أكثر قوة وتأثير حتى نتمكن من الوصول الى مرحلة العصيان المدني، الذي على ما يبدو سنضطر للوصول اليه، الأمر الذي يستدعي جهوزية كبيرة لدى الجمهور والاستعداد للتضحية ودفع الثمن احيانا.
نحن نعيش في عالم يتزعمه الكاوبوي الأمريكي البشع، لا يمكن التعويل على العالم الذي ما زال يدور في فلك أمريكا وزعيمها الذي يمثل حقيقة سياستها والجشع الاستعماري للسيطرة وجنون العظمة وامكانياته بالدوس على الجميع واللعب بمصائر الشعوب.
جميع الحكومات العنصرية التي مرت علينا كانت أقل سوءا من هذه الحكومة الفاشية المنفلت عقالها من كل رادع، وكل نضال يقصر عمر هذه الحكومة له أهمية كبيرة، حتى لو كان البديل سيء، وهذا واقع بلادنا حيث لا يوجد قوى معارضة حقيقية، لا يوجد من يطرح بديل حقيقي لهذه السياسات والطريق لهناك ما زالت طويلة، لكن مهمتنا الأولى هو محاربة الفاشية ووقف هذا التدهور الخطير مع كل من يسير معنا، وبعدها سنتابع النضال ضد العنصريين اجمعين. دائما عرفنا التمييز بين السيء والأقل سوءا. يخطئ من يضع الجميع في نفس السلة، حتى لو كانوا متفقين على التمييز ضدنا بدرجات مختلفة. نعم الأساس يكمن في الفكر الصهيوني العنصري، لكن صهيوني ليبرالي ويحمل بعض الأفكار الديمقراطية، أفضل بكثير من صهيوني فاشي مستعد لسفك دم شعبنا الفلسطيني كله، ويعمل على طردنا من الوطن بكل الوسائل، لكن أيضا مع هؤلاء "اللبراليون" ممنوع التنازل عن الثوابت الوطنية والتعامل معنا بالندية، وعلى كل الذين تأملوا كثيرا من التأثير من داخل الحكومة، ولا يهم أية حكومة! من خلال طمس هويتنا الفلسطينية واعتماد "سياسة الإنجازات" او تحصيل الحقوق المدنية الى جانب دوس هويتنا القومية، عليهم الاعتراف بفشل هذا الطريق الذي ساهم في تهميشنا سياسيا، والعودة الى طريق الكرامة الوطنية والحقوق المدنية معا، وعدم القبول ومهادنة الادعاء القائل: "ان الشارع اليهودي غير متقبل للشراكة مع العرب"، لأنه طالما هم يخافون من العنصرية المتفشية في المجتمع الإسرائيلي، ولا يجرؤون على طرح بديل سياسي، ستبقى الغلبة لليمين الفاشي. ومن يخجل من الشراكة معك فهو ليس شريك أبدا.
مشروعنا الوطني
علينا إعادة صياغة التصور المستقبلي لشعبنا الفلسطيني في اسرائيل وتحديثه وفق ظروفنا الراهنة وتوحيد القوى السياسية التي تتفق عليه ووضع برنامج نضالي نخرج جميعنا اليه، لا نقف متفرجين ومنتقدين على المقصرين، علينا تجديد الثقة بأنفسنا وبناء هيئاتنا الوطنية وقيادتها الميدانية، من الأحياء الشعبية إلى مدارسنا، من النقابات العمالية وهيئات تمثيلية جامعة لمختلف شرائح مجتمعنا المهنيّة والجمعيات إلى سلطاتنا المحلية حتى تصل إلى منتخبين مدعومين بثقة شعبهم.
الوحدة يجب ان تبدأ من شوارع قرانا ومدننا، تبدأ في خطوات نضالية يومية حتى يمكن تتويجها في عمل برلماني مشترك أو قائمة مشتركة، حلم الناس في الوحدة حقيقي وصحيح، ممنوع ان يخذل مرة أخرى، علينا التعلم من التجربة وطالما الأسباب التي كانت وراء فسخ المشتركة ما زالت موجودة، علينا معرفة كيف يمكن تخطيها، وعلى رأسها أننا نريد ان نؤثر على السياسة الاسرائيلية العامة، نحن الجسم المانع الحقيقي أمام الفاشية ومستعدين ان نكون جسم مانع برلمانياً أيضاً، لكن لن نكون أعضاء في حكومة مستمرة في لعب دور البلطجي الكبير والذراع الضارب للإمبريالية الامريكية والمنفذ لسياساتها في الشرق الاوسط، نعم مستعدين لإعادة تجربة الجسم المانع في زمن حكومة رابين، عام 1993، حين بدأت تبحث عن طريق السلام. وباستطاعتنا فرض هذا الواقع بحيث تنهض الأقلية التي يحاولون تهميشها وتضع بكل وزنها النضالي والانتخابي في الميدان.
واجب الساعة هو خلق حوار وطني واسع وشامل ليس للسياسيين فقط، بل جميع شرائح مجتمعنا، عمال وأطباء، محامين ومزارعين، معلمين وفنانين وأدباء، حوار ديمقراطي حقيقي يرتقي إلى مستوى المخاطر التي تستهدف مجتمعنا كله.
هذا المشروع الوطني يجب متابعته بالتحالف مع القوى الديمقراطية من الشعب الإسرائيلي، على قلة عددها وتباين مواقفها، لنا دور في تثبيت مواقفها ودفعها للانسلاخ عن الفكر الصهيوني وبناء رؤية مستقبلية للشعبين معا.
عام 1950 خاض شعبنا الفلسطيني المتجذر في وطنه بعد النكبة، بقيادة الشيوعيين، معركة "الهويات الحمر"، استهدفت الحصول على هوية ثابتة وليست مؤقته، كما ارادت الحركة الصهيونية، واليوم يعود بنا التاريخ الى معركة متجددة على رفض التمييز العنصري والإصرار على مواطنة متساوية في وطننا. نعم هذه هي متطلبات المرحلة وهذا هو النفس الشعبي العام.
نعم نحن قادرون أن نحدث هذا التغيير.
أواخر نيسان 2025