X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
08/11/2011 - 11:39:41 pm
العنف في المدارس بقلم فؤاد سليمان
موقع الغزال

في حين أن الأجواء والتجارب المدرسية قد تكون إيجابية للكثير من الطلاب، إلا أن الكثيرين أيضًا من طلاب مدارسنا يعانون من ظاهرتي الضرب والتجاهل. ظاهرة العنف الجسدي بين طلاب المدارس هي ظاهرة شائعة وعالمية، حيث يقوم طالب ما بالاعتداء على طالب آخر، أضعف منه جسدياً، لمجرد إثبات قوته أمام باقي الطلاب.  إن ضحايا مثل هذا النوع من العنف كثيرًا ما يعانون من مشاكل نفسية صعبة قد تؤدي إلى نتائج وخيمة. أحد الأمثلة المأساويّة على ذلك هو ما كان من أمر الطالب الأمريكي "رايان هاليجان" الذي انتحر وهو في جيل الثالثة عشر، بسبب كونه قد ضُربَ بشكل عنيف في المدرسة. بعد وفاته، قام والده بحملة توعية حول الموضوع، حاضر خلالها في أكثر من مئة مدرسة في الولايات المتحدة.

مل يميّز معاناة ضحايا الاعتداء في المدارس، هو أن الطلاب الذين يشهدون ما يحدث، عادة ما يلتزمون الصمت إزاء ما يرون، ولا يحاولون إيقاف العنف الواقع على الضحيّة. قد يكون ذلك بدافع الخوف على أنفسهم من المعتدي وقد يكون لأسباب أخرى. في الولايات المتحدة يتناولون هذه القضيّة في إطار ما يدعى "محاولة منع البلطجة" (Bullying Prevention). إحدى الشخصيات الرائدة في هذا المجال هي ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والتي قالت في أحد خطاباتها في البيت الأبيض أن "على الأهالي أن يبذلوا مجهوداً أكبر لكي يعلموا ما يحدث مع أولادهم في المدارس، حيث أن التلاميذ قلما يبادرون بالبوح لأهاليهم بما يحصل معهم في المدارس، كما وأن عليهم أن يتدخلوا إذا ما لزم الآمر". ميشيل أوباما أكملت حديثها بروح بدعابة حين قالت: "أنا أعرف ذلك من ابنتي "ساشا" التي حين نسألها ماذا جرى في المدرسة اليوم؟، تقول "لا شيء"، وهذا يجعلنا نفكر بنقلها إلى مدرسة أخرى".

أنا شخصياً ضُربتُ في صباي في المدرسة بشكل عنيف. في بداية الصف التاسع في المدرسة الأرثوذكسية الثانوية في حيفا، وبدون أي سبب، بدأ أحد التلاميذ الأقوياء جسدياً يضربني في كل فرصة، وذلك لمدة ثلاث سنوات كاملة. والغريب هو أن أحدًا من  الطلاب لم يتدخّل لوقف الاعتداءات المتكررة عليّ، كما وأن الأساتذة في المدرسة لم يتدخلوا أيضّا، رغمًا عن أن هذه الأعمال العنيفة كانت تحدث أمام أعينهم. لقد كوّن الأمر لدي ردة فعل يمكن وصفها بالـ"تراوما" (Trauma). عادة لا أفكر بالموضوع، ولكني في منامي كثيرًا ما أعود وأرى نفسي في تلك المواقف الشنيعة التي عانيت منها في صغري. لقد كنت طالباً مسالماً ومحبًا للعلم، غير أني كنت أذهب كل يوم إلى للمدرسة مع شعور بالخوف من ذلك الطالب العنيف. لقد قلب ذلك الطالب المدرسة التي تعلمت فيها من مكان أحبه إلى مكان أخافه وأكره الذهاب اليه.

شيء آخر عانيت منه في تلك الفترة وعانى منه الكثير من الطلاب هو التجاهل، حيث يقوم التلاميذ الأقوياء والمتسلطون بتجاهل الطلاب الضعفاء. هذا التجاهل هو في حقيقته نوع آخر من العنف. إنه يحصل في العادة نتيجة لأسباب سخيفة، أو حتى من دون سبب، أي كنوع من أنواع العدوانية الحمقاء والغير مبررة. أذكر برنامجًا عن الموضوع، بُثَّ بالعبرية في القناة العاشرة، ذُكر فيه أن الإحصائيات تبيّن أن واحدًا من كل أربعة أشخاص في البلاد قد مر في حياته بتجربة تجاهل في المدرسة، وأن هذا النوع من العنف في المدارس اليهودية عادة ما يقترن بالابتزاز المادي، حيث يقوم الطالب العنيف بتهديد الطالب الضعيف بأنه إن لم يجلب له مالاً في يوم الغد فإنه سوف يقوم بضربه.

في شريط عن الموضوع شاهدته في "يوتيوب" ورد أن الإحصائيات في بالولايات المتحدة تظهر أنه في كل يوم يمتنع مائة وستون ألف تلميذ أمريكي عن الذهاب إلى المدرسة بسبب خوفهم من الضرب. هذا الشريط يقدم أيضاً نصائح ومعلومات هامة، فمثلاً، حول السؤال "كيف نَعلم إن كان أحد أبنائنا أو بناتنا يعاني من ظاهرة الضرب في المدرسة؟"، يجيب الشريط بأن أحد   علامات هذه الظاهرة هو سكوت الضحايا، حيث يسكت التلميذ المعتدى عليه ولا يخبر أهله بما حصل له في المدرسة. العلامة الثانية تكمن في أن الطالب يصير يقضي غالبية وقته وحيدًا في غرفته، ويقلِّل من الخروج للَّعب مع أصدقائه. ثالثاً، فإن علامات الطالب المدرسيّة تبدأ في الهبوطً. في سياق استنتاجاته، يشجع مؤلف هذا الشريط الأهالي على التدخل في تجارب أولادهم وبناتهم في المدرسة وعدم تجاهل الموضوع، وينصح بأنه إذا ما اكتشف الأهل أن ابنهم أو ابنتهم كان ضحية للعنف أو التجاهل، فإنّ عليهم أن يتدخلوا وأن يتكلموا مع الأساتذة ومع مدير المدرسة بهدف إيقاف الاعتداء الواقع على أولادهم وبناتهم.

كما سبق وذكرت، فإني قد عانيت في صباي من عنف وعدوانية زميل لي في الدراسة، كما وأعرف عن آخرين عانوا مثلي من ظواهر عنف والعدوانية، حيث أني قد رأيتهم يُضرَبون مثلي. العلم مهم، ولكن ليس بكل ثمن، وفي حين أن غالبية الأهالي يثقون بالمدارس التي يتعلم فيها أولادهم وبناتهم والمدرّسين الذين يعلمونهم، فإن الكثيرين من ألأولاد والبنات قد يكونون ضحايا لعنف الزملاء، الذي يحصل كل يوم، تحت أنوف المدرسين والأهالي، من دون أن يكون لدى أي منهم علم أو خبر.

ليس من المستبعد أن يكون المعتدون أنفسهم قد كانوا ضحية للعنف الجسدي في بيوتهم، من قبل الأهل والكبار من أبناء   عائلاتهم. سلوكهم العنيف والعدواني تجاه زملاءهم في المدرسة قد يكون محاولة منهم للتماثل مع المعتدي من الوالدين، أو ربما يكون وسيلة الضحية للتعويض عن المعاناة التي كانت من نصيبهم عن طريق تقلد دور المعتدي.  ومع ذلك فإنه يبقى من واجب المدرسة، بمديرها وطاقمها التربوي، أن يحاولوا قدر المستطاع محاربة هذه الظاهرة الخطرة وعدم تجاهلها. بإمكانهم مثلاً أن يقوموا بمناقشة الموضوع في دروس التربية. هنالك أيضًا دور لوسائل الإعلام المحليّة، التي يجب أن تأخذ دورها في التوعية حول هذه الظاهرة الغير إنسانيّة، والتي تمس بالكثيرين من الشباب والشابات وتسبب لهم الأذى النفسي وهم لا يزالون في مطلع حياتهم. أخيرًا وليس آخرًا، هنالك واجب أساسي على الأهل. عليهم أن يكونوا متنبهين وأن يحاولوا بقدر ما يستطيعون، ألتأكد من أن أولادهم وبناتهم يجنون في المدارس ما يتوخونه من فوائد علمية وتربويّة ولا يتعرضون للعنف والعدوانيّة من بعض أترابهم.   




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت